التجسس الثقافي
2009-07-19
جوزيف كونراد
هناك من يستنكر ترجمة أعمال ثلاثة من رجالات الأدب الغربي والحجة بأنهم معادون للإنسانية ؟!!,وهم "جوزيف كونراد وسلمان رشدي وجون شتاينبك" ويعتبر هذه الترجمات نوعا من الهجمة الثقافية على ثقافتنا ؛وهنا نسأل : هل في عدم ترجمتهم وشطبهم من فعالية القراءة للقارئ العربي فائدة نستحصل عليها في حماية ثقافتنا من تلك الهجمة التي لا توفر بابا ولا تقرعه ؟!.
الجواب يكاد يكون قطعيا ,أننا بعدم ترجمتهم نسهم في زيادة عمى الألوان الذي يصيب الثقافة العربية من الماء للماء .
فإذا كانت الحكمة تقول: اعرف نفسك لتنفتح على العالم لأنه أنطوى بك ,فهذا يعني القبول الموضوعي بداية, للسلبيات والإيجابيات ومن ثم مجادلة السلبيات لتجاوزها وعناق الإيجابيات لتطويرها ودعمها وبذلك تتحصل على معرفة عن نفسك موضوعية/ ذاتية يتحاور فيها ما هو كائن مع ما يجب أن يكون فلا تأتي الخطوات عشوائية بلا تدبير فلا هي قطيعة إذ تقيم النفي وجها واحدا للحقيقة ولا هي مستغرقة تضيع معالمها في موضوعها ,فالمعرفة تكون برزخا يصل العالم بالجسد بالفكر, كالشجرة التي جذورها في التراب وأوراقها في السماء تلعب بها الريح.
والحكمة تقول :اعرف عدوك , لأنه إنْ لم تعرفه , فكيف تردعه؟!, وهذا ما تقوله العرب: من عرف لغة قوم أمن شرهم, ومعرفة اللغة ضمنا تعني تفكيرهم مادمت اللغة هي وعاء الفكر
ولن تكون هذه المعرفة إلا بالترجمة والتي قد تسمى "التجسس الثقافي" الذي مارسه الغرب بشدة تجاه نتاجا الثقافي بشتى مجالاته منذ سقوط الأندلس وبنى عليه حضارته ولا يخفى على أحد الخلافات الجوهرية بين الحضارتين ومع ذلك استوعبها الغرب وأعاد تصديرها إلينا عبر
الاستشراق الذي مازلنا نعاني من استلاباته الفكرية إلى الآن فما الذي يمنع أن نحاربه بذات أدواته وهذا لا يعني أن نعمل بنفس آلية الاستشراق التي انتهجها الغرب تجاهنا وأفرزت الكولونيالية وما بعدها بل بعملية غربلة فكره لاستخلاص الجيد منه ونبذ السلبي بعد وضعه تحت مجهر الفحص وتفنيده عبر الرد عليه وهذا ما يؤمن القناعة للجيل الجديد بقيمة حضارته العربية قناعة عقلية لا عاطفية قد تهتز عند أول عاصفة ولا نريد أن نكون متجنين فالواقع يؤكد هشاشة الجيل العربي تجاه الهجمة الثقافية الغربية التي تعتبر الكتابة من ثانويات هجومها أمام الميديا والنت.
والقول بغير ذلك يعني حكما أننا نخاف على أنفسنا خوف الأهل على ولدهم المراهق والذي لا يطول به الأمر حتى يشق عصا الطاعة ويعلن أحقيته بتقرير خياراته ليكتشف الأهل ان المعرفة التي منوعوها عن ولدهم قد تحصل عليها من مصادر مشبوهة وقد تمضي سنوات والولد والأهل يدفعون ثمنا كبيرا كان ممكن تداركه لو أن المعرفة بكل فجاجتها أحيانا جاءت عن طريقهم بصورة عرض ونقاش وحوار ورد.
وعليه تكون الترجمة هي الحصن الحصين الذي بواسطته نكون قادرين به على فهم هذه الهجمة الثقافية وآليات عملها واشتغالها الرأسي والأفقي وبالتالي إنتاج الخطاب المضاد على صعيد الداخل والخارج وخاصة بعد نشاط حركة الترجمة الغربية للفكر العربي بعد أحداث الحادي عشر من أيلول , فصوت الداخل سيجد طريقه للخارج عبر هذه الترجمة ليؤثر هناك ويعمل عمله في تفنيد مازعموه ورغم هذا لا نسمع عن أحد حذر من ترجمة النتاج العربي الفكري لديهم, كما يحدث لدينا؟!!.
فالفكر مهما كان شريرا لا يخيف إلا إذا صمت من يتلقاه والتلقي يكون عادة بدفن الرأس بالرمل أما من يقارعه يجد بالمثل العربي ضالته :فلا يفل الفكر إلا الفكر
النشر الورقي جريدة الزمان
النشر الألكتروني موقع ألف
باسم سليمان
[email protected]
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |