سيرة الضحك
2009-08-05
إن الأدب الساخر رغم رواج قارئيه , نجد أن كاتبيه قليلون وهذا فيه مندوحة لهم , فتحويل الدمعة إلى ابتسامة يحتاج لجهد كبير من الكاتب في صياغة حبكته واختيار الجنس الأدبي
الذي عادة ما يتبدى في الجنس القصصي بشكل أكبر بكثير من غيره كالشعر والرواية وتكاد تنافس المقالة الساخرة القصة على عرش هذا النوع من الأدب وأحيانا تستعير المقالة من القصة بعض خصائصها أو العكس وهذا ما سوف نجده في "سيرة الحب " لخطيب بدلة.
في " سيرة الحب " هذه الخيمة الكلامية يقعد كل من : الفقر , النحس , الطفر , نكد العيش
يتجاذبون أطراف المفارقة عبر شخصيات قد تجدها كاملة بلحمها ودمها في محيطك أو بعضا منها .
وهؤلاء الأفراد الذي يرصد الكاتب مفارقاتهم المرّة والمضحكة هم ليسوا صناعة نفسهم فقط بل المجتمع من حولهم يحملهم " فشة خلقه" ونقده لذاته , فالكينونة التي أصبحوا عليها من الجنون والهزل والنحس زاد عليها محيطهم ليصبحوا كوميدياه التي تتجاوز تحفظاتهم الاجتماعية والرقابية في موقفهم من واقعهم ونقدهم له فأضافوا على ألسنة ممثليهم ما قالوه وسربوه هم؛ لتصبح الشخصيات التي نطالعها سواء في هذا الكتاب أو محيطنا , يمتزج بها الخيالي بالواقعي.
نبيه المجنون الذي ولدته أمه بعد الأربعين ونيف في بيئة تفتقر للرعاية الطبية أليس من الطبيعي أن يأتي متخلفا ؟!؛ولكن هذا التخلف العقلي ظهر بطريقة تنبه من حوله لعدم تكرار هكذا حالات من الإنجاب , فنبيه يعري بتصرفاته الحمقاء حماقات الآخرين الذين يتزرعوا بالعقل .
الحشاش بالصدفة : محمد علي فريكة: أنموذج للشخصية التي لها القدرة على تحويل الواقع البائس عن طريق السخرية منه إلى محيط تطفو عليه أزهار الضحك فتترطب قساوته ويصبح معقولا بلعه وفتح نافذة للأمل فيه, ففي ليل شتائي في القرية يتدحرج محمد علي فريكة ويصدم بباب أم نادر وردا على سؤالها وتداركا للموقف المحرج الذي وقع فيه يرد عليها :أنا المحافظ
فتصدق أم نادر كذبته , تصوروا؟!!!.
أما سالم شرابة الخرج صاحب الراديو, رغم واقعيته كما نوه إليها الكاتب فيكاد يكون صورة شبه الأصل عن الإعلام العربي وعلاقة الجمهور به.
أبو الجود سيرة المواطن الفهمان ولكن ماذا يفعل أمام نحسه الذي لازمه كجلده والذي يعتبره الكاتب معلمه في السخرية , هو أن يجمع نحسه الممزوج بالضحك ويشارك به أصدقاءه ودائنيه لعل في الضحك ماردا يخرج ويحقق له أمانيه.
وتتابع شخصيات سيرة الحب عبر فصول عديدة تصل للأربعين في خلع تسمية جديدة على سيرة الفقر والنحس والطفر ونكد العيش لتصبح سيرة الحب والضحك.
وهنا لابد من القول : إن الأدب الضاحك يقوم على المفارقة الذكية التي تتبعها الأسئلة كظلها لا على التسميات والألفاظ والافتعالات التي تبقى على سطح الحدث الضاحك ولا تغوص في عمقه , فلنا في جحا ونوادره والجاحظ وبخلائه الخلاصة التي يرجوها كل أدب ضاحك هو الاستمرار على شفاه الناس ليخرج من دفتي الكتاب ليتحول لنوادر وهذا المحك الذي يرغب كل من كتاب الأدب الضاحك على تجاوزه .
فهل استطاع الكاتب تجاوزه ؟, يبقى الحكم الأول للزمن وثانيا للقارئ؟!.
سيرة الحب للكاتب الساخر خطيب بدلة صادر عن دار مي للنشر وأكاديمية الكوفة في هولندا عام 2009
باسم سليمان
[email protected]
النشر الورقي جريدة الثورة
النشر الألكتروني ألف
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |