المؤنث الذي يعول عليه /حوار مع الشاعرة فرات إسبر المقيمة في نيوزيلندا
2009-08-30
المؤنث الذي يعول عليه /حوار مع الشاعرة فرات إسبر المقيمة في نيوزيلندا
1- من ديوانك الأخير نبتدئ والموسوم ب " زهرة الجبال العارية " قلت المؤنث لا يؤنث فعلى ماذا نعوّل بعد اليوم؟.
هذا زمن النفي ، نفي المؤنث ، أو محاولة الطمس في عالم تساوت فيه الانوثة والذكورة. نعيش ازدواجية مرعبة، بين طمس معالمنا المؤنثة ،وبين حضورها المشكوك فيه .
المد الديني الأصولي يساهم في نفي المؤنث ، ويحاول إبعاده عن المجتمع والحياة ،عن الضوء،الشمس والجمال ، من قبل رجال فوضوا أنفسهم باسم الله لحماية المرأة من الرذيلة والفاحشة . بعض النساء تساعد في هذا التكريس ، كما النساء في البرلمانات العربية ، حتى المرأة تنفي ذاتها بذاتها عندما توافق على شروط الرجل . كيف أمثل نساء بلادي في برلمان أو أي مجتمع إذا كنت تابعة لرجل دين او مذهب او طائفة تحجب عن عيني الشمس وعن جسدي النور؟.
نعم المؤنث لا يؤنث والمذكر لا يعول عليه كثيرا .
2- نازك الملائكة , عندما كتبت خرجت بالجملة عن قصيدة العمود وتلتها النساء اللواتي جل نتاجهن من قصيدة النثر . لماذا؟.
الحركة التاريخية لتحول الانسان والمجتمعات فرضت هذا التطور ، نازك خرجت عن قصيدة العمود ، لان هذا النوع لم يعد يصلح ويتوائم مع حركة العصر الجديد ، الناس تغيرت ، الطبيعة والحياة الاجتماعية ذاتها تغيرت ، انتقال الانسان من مجتمع الى مجتمع فرض هذا التحول في الكتابة.، تغيّر المكان ، يغير الرؤيا ، يحسّن النظر ويحسّن الالفاظ ويخففها ، لذلك نجد هذا التحول الذي بدأته نازك الملائكة إلى غيرها من شعراء اليوم .
3- هل في هذا رد ضمني على مقولة الفرزدق: إذا صاحت الدجاجة صياح الديك فأذبحوها؟, فأرادت المرأة الشاعرة في هذا : جب النسق القديم بنسق جديد وإجهاض المقولة الذكورية بتجاهلها؟
منذ الخليقة، المرأة تقول الشعر، هي شاعرة بالفطرة ، هذا تعصب ندركه ونشعر به إلى اليوم ، نشعر بالاتهامات القاسية والمحزنة التي توجّه إلى المرأة الشاعرة والكاتبة
4- أم إن الأمر يقوم على مقولة التوحيدي: أجمل الكلام ما قامت صورته على نظم كأنه النثر ونثر كأنه النظم؟.
كما قلت لك ، ومن خلال هذا الترابط بين تساولاتك وأجوبتي نرى هذا التغير التاريخي التي شهدته اللغة العربية على مدار عمرها سواء أكان شفاهيا او كتابيا .
الشعر لا يختلف عن النثر من حيث الجمالية. فهناك نثر أجمل من الشعر، ولكن السؤال اليوم هل كل ما كتبته نازك الملائكة كان يتمتع بجمالية مطلقة ؟
حاربت نازك الملائكة شعراء حركة النثر ووقفت ضدهم وعابت عليهم هذا الشكل الجديد وسمته" بدعة غريبة "ولكن قصيدة النثر اثبت جماليتها منذ ظهورها إلى اليوم وبل فاقت جمالا ما كتبته نازك وحتى السياب . القرآن الكريم نثر فيه من الجمال ما يفوق الوصف ، جاء لهدف وغاية ، بينما الشعر حالة مطلقة تحملك إلى فضاء من تأويل ، يخفف من حيرتنا ،يفتح لنا ابواب السماء لندخلها بروح صافية ،روح شاعرة بمعنى الوجود والكون .
عندما قرأتُ كتاب نازك الملائكة" قضايا الشعر المعاصر" ذهلتُ لجراة هذه الشاعرة وقوتها وقدرتها في التعبير عن أرائها فقد قالت ما تريد أن تقوله بجرأة .
لا اعتقد ان هناك فرقا بين النثر والشعر من حيث الجمالية.
شعراء الحداثة عندهم من جمالية الشعر وخياله مالا يوصف ،وأيضا شعراء التفعيلة كتبوا بجمالية لاحدود لها .الجمال لا مقاييس له بدليل ان هناك من يدافع عن قصيدة النثر، وهناك من يدافع عن قصيدة التفعيلة معنى ذلك ان لكل شكل محبيه وناصريه ، فلماذا نعقد الامور بنظريات وتحليلات لا يحتاجها الشعر بكل تصنيفاته .
5- ثلاثة دواوين إلى الآن , كيف ترين تجربتك أو ما هي الممارسة النقدية الذاتية التي تطبقها فرات إسبر على نفسها؟
ما زلت خائفة ولا أعتقد أني قادرة على أن اضع نفسي في ترتيب ، بدليل بعد ثلاثة مجموعات شعرية ما زلت ارتجف وأخاف عند ارسال اي نص شعري للنشر ،أخاف أن أكون قد قصرت بحق نفسي في التعبير عن جمالية الروح التي اريد أن أطلقها .
6- الكثير من التجارب الأدبية ابتدأت بمقاربة الشعر ثم هجرت هذه المقاربة إلى غير أجناس أدبية , وكأن الشعر هو لغة السؤال , فمن يثبت بالسؤال يثبت فيه الشعر ومن لم يثبت ينتقل لغير أجناس. هل الأمر كما فرضناه أم .....؟.
اعتقد تمام الاعتقاد ان الشعر موهبة وفطرة ، الشعر كشف للارواح وتطهير لها .يقولون أن أشعار هوميروس كانت علاجا لبعض الأمراض ،أنني أؤمن بهذه المقولة, عالجت نفسي من خلال الشعر, شفيت من أمراضي ، كلنا مرضى ,إن لم نكن مرضى جسديا نكون مرضى أفكارا وأرواح ، وانأ كامرأة ساعدتني الكتابة وكما قلت سابقا وأعيده الآن أنها شفتني من هشاشة العظام ولا أنكر هذا أبدا ، لا أذهب إلى طبيب ، أذهب إلى قصائدي أقرأها وأبكي
أما الاجناس الاخرى كالسيرة الذاتية والرواية هي فن بحد ذاته قد لايقوم على الموهبة الشعرية بقدر ما يقوم فن السرد و الحكاية . وبالنتيجة فأن أي نص كان سواء شعرا أو نثرا إذا يخلو من السؤال فأنه يفقد أحد أهم هواجسه وأركان وجوده .
6- الكتابة فعل أكثر ما يدل , يدل على الهوية الذاتية , كذلك القراءة , وعليه , هل يعني تراجع الكتابة والقراءة خصوصا في عالمنا العربي دليلا على فقدان الهوية؟.
لا ، ليس دليلا على فقدان الهوية ، بل دليل على تقدم التكنولوجيا وسرعتها الهائلة ،العالم الذي نعيشه اليوم عصر أزرار ، اعتقد تماما أن القراءة تراجعت مع الجيل الجديد ، باستثناء الذين يعيشون من كتاباتهم، وهم قلة . فقدان الهوية لا اراه يرتبط بتراجع القراءة والكتابة وانما روح العصر الجديد هي التي ساعدت ، الانترنيت، التلفزيون ، الاعلام السريع ، الاخبار العاجلة . الحياة ذاتها تركض ، بدون توقف
باعتقادي الهوية تتعمق ، بالقراءة والكتابة ومن خلالها تكتشف ذاتك وانتمائك .
7- من هو الأب الأدبي الذي قتلته؟
أنا لا أقتل أحدا ,لا أسطو على روح ، أحيا بابائي ولي منهم أمتداد وجذر .
8-من تتابع فرات إسبر وما هو النص الذي يسحرها؟.
كل جميل يسحرني ، لا مجال للتحديد ، الاشعار والنصوص كالاقمار والنجوم . أحب كثيرا سماع تلاوة القرآن الكريم ، أنا لست متدينة، ولكنني اشعر بأنه نص ساحر ، يرتله مرتلون بأصوات فيها من الجمال ما يدهش، ليس الكل، ولكن البعض .
9- ماذا تقولين لفرات القارئة فيك ؟.
أنت مقصرة يا فرات يجب أن تقراي اكثر، وتتابعي اكثر، لا تهملي ذاتك .
10- هل تضعين لنا بعضا من حياتك بين قوسي التعريف؟.
فرات الغريبة ، لم تحقق أحلامها ، تأسف على ماض تولى ،
تكتب القصائد وترميها في البحر ، هي تدرك ، أن الاسماك وحدها تعرف معنى العمق .
أجرى الحوار:
باسم سليمان
[email protected]
النشر الورقي البعث
النشر الألكتروني ألف
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |