Alef Logo
ابداعات
              

أنا وعبدالله أو ما كان من حديث بين دينا وبيني

ابراهيم مالك

2009-09-09


ثلاثة نُصوص مُنقحة من عمل لم أحدد جنسه الأدبي ، أسميته " أنا وعبد الله " .


(يعنيني شكل الإناء كثيرا ، لكنَّ
أكثر ما يعنيني هو ما فيه)

( خيوطهم لا تصير ثوبا ً ولا يكتسون بأعمالهم .
أعمالهم أعمال إثم ٍ وفعل الظلم في أيديهم .
أرجلهم إلى الشرِّ تجري وتسرع إلى سقك الدَّم ِ الزكي .
أفكارهم أفكار إثم ٍ، في طرقهم اغتصاب وسحق .
طريق السلام لم يعرفوه وليس في مسالكهم عدل ، جعلوا
مسالكهم مُعوَجَّة ، من سار فيها لم يعرف سلاما "

( سفر أشعيا – الإصحاح 95 )


( وُلِدَتْ في الخطيئة واستمرارها في الجريمة )

(المؤرخ السلوفاني والمفكر الأوروبي الشهير
سلفوي دجيجاك، نقلا ًعن موقع " يديعوت
أحرونوت "الإلكتروني ، يوم 7. 12 .2006 )



( 1 )

عبدالله يقتحم خلوتي

ما أضعه بين أيديكم شيء لا يصدِّقهُ العقل السليم . لكن صدقوه فقد حدث لي ، وإن كنتم لا تصدِّقونه ، فلأنكم أصلاً لا تريدون تصديقه ، لأمرٍ في نفس يعقوب. أعترِفُ لكم منذ البِدايةِ ، وأنا أطلب تصديقكم ، أنّي صرت في حيرة من أمري :
كيف وبم نبدأ ؟
بالملوك أم بالرعية ؟
فبعد خصام ٍمَعَ عقلي ، أو ما قنعتُ بهِ عَقلا ًيُحرِّكني ، رضيتُ بما نصحني به :
أن نبدأ بإصلاح أنفسنا ! فلا يَصْلحُ حالٌ في عالمنا ، إلاّ إذا صلُحَتْ نفوسنا أوَّلاً ولا تصلح ملوك إلاّ إذا صلحت ناسها.

***

ما حدث لي ، تلك الليلة من تموز وكنت ُ لا أزالُ في حيرَةٍ مِنْ أمري ، شيءٌ يصعب تصديقه .لكنَّني صدَّقته حقا .أعرِفُ ، أنَّ ما أحكيه لكم عن ظهور عبدالله المُفاجىْ ، هُوَ حقيقة مُتخيَّلة وما أفكر فيه أنا الراوي ، هو ما تجمَّعَ في ذاكِرَتي من حكايا ، وقعت فِعْلاً ، ومن أفكار ٍعلَّمتنيها الحياة ، واشتدَّتْ في داخِلي الرغبَةُ ، التي لا تقاوَمُ ، لأرويها لَكُم .وحينَ أقولُ لكم إنَّ ما أحكيه حَقيقةٌ مُتخيَّلة ، فإنّي هُنا ألتزم الصدق ، مما يجعلني أكثرَ وثوقا بأنَّ ما أحكيه لكم هو حقيقة مُحْتملة ، وقعتْ فعلا في تلك الليلة من تمّوز، ما سبقها وما لحقها . لكنِّي في كلِّ ما أحكيه لكم حلَِمْتُ بأن تسكننا القدرة ُوالجُرْأةُ في الخروج ِ على منطق صاحبنا القديم ، حين همس صائحا على لِسان بطله :
"إنَّ المسألة تكمنُ في أن نكون أو لا نكون".
فأنا ومُنذُ البداية أرفض هذا الخيار ، أريد لإنساننا ، أيا كان وفي أي أرض يكون ،أريد له أن يكون ما يشاء أن يكون !تبقى المسألة يومها :
ما يشاء أن يكون !
كلُّ ما في الأمرِ ، حين أحكي لكم ما كان معي ، إنَّما لأشرككم ، كما أشركتُ دينا، بمخاوِفي مما هو حاصلٌ وواقع ، لأنَّ الخوف ، وإنْ كنتُ أدرك أنَّهُ لا يعوَّلُ عليه وحدهُ ، يبقى آمَنَ طريق لوعي ضرورة تغيير هذا الواقع .

***

حدَّثت ُدينا ، يومَها ، بكلِّ ما كان معي وما حدث لي في تلكَ الليلة من تموز الحار. كنتُ نائماً في سريري ، حين شعرتُ أنَّ الحائط ينشق ، فانتابني خوفٌ . ومما زاد من خوفي ليلتها ، أني سبق وانهدَّ بيتي من قبل وعصفت بكل جدرانه ريح صرصر، ما زالت آخِذةً ، من شِدَّةِ بردها ، بكلِّ عروقي .
غطَّيتُ وجهي ، لكنَّ الغبارَ كاد يخنقني ، فلم أعرف ، حقيقة ،أهُوَ الغبارُ المُتناثرُ في سماء قانا الجنوب ، التي انتكبت ثانيةً واصطبغتْ بيوتها بلون الدم الأرجواني ، أم مما يردنا قادما مع البحر من شاطىءٍ ثاكِلٍ في جنوب الجنوب ، حيثُ اختلط الدم بالدم ، فلم يعد ساكنوه يدرون من أين يجيئهم الموت ويختطفهم ، وما إذا كان غبارُ بيتي أو ما سلم منه وقد انشق فجأةً وطلع منه عبد الله !
رفعتُ الغِطاء قليلا وبخوفٍ مميت ، فهالني ما رأيت . كان ثمّة من يشاطرني الغرفة، فخفت والمَّ بي خوف شديد ،لأنَّني صرت من يومها كذلك المؤمن، الذي يخشى ، خشية الموت ، أن يُلدَغَ من ذات الجُحْرِ مرَّتين ِ، فيبطل إيمانه.
صراحةً ، قلت ُ:
أعترف لك يا دينا وأبوحُ بسرٍّ ما عادَ سرا ً . سبق أن لُدِغتُ ممن جاء يشاطِرُني السريرَ والمسكن، وزيَّنَ للناس جميعا أساطيره ، التي امتطى ظهرها لاقتحام بيتي وأخفى عني وعن الكثيرين من الناس ، بعباءته المُمَزقة ، حقيقة ما ينوي ، حتى صلب عوده ، فبان مخلبه الذي أخفاه زمنا ولكن سرعان ما غرزهُ عميقا فيما كان من جسدي وحتى كان ما كان. فبينَ لحظةٍ وضحاها وفي غفلة مني انتهز غبائي وعجزي واستقوى عليَّ بعبث
الزمن ومكر بعض ناسه وراح يتمدَّد شمالاً وجنوباً ، غربا وشرقا ، ويحكم ما كان غرفتي ، بعنفه وغلوائه ، وطاب له فيها المقام حتى آلت غرفتي وما فيها من ثمين المتاع إليه وحده ، وصرت من يومها أعيش حصاري بين نار آخذة
بفراشي وصحراءَ لا ظلَّ فيها .ولم يكتف بما آل إليه ، فما زال يبغي المزيد :
كأنَّ الشهيَّةَ أو اشتهاء المحرمات تأتي مع الطعام ، أو كأنَّه بات من سدنتها !
وقد كشفت التجربة الحياتية حقيقة معدنه ، فبت أسمعه بعد كلٍّ صولةٍ:
هل من مزيد ؟

***

وفيما أنا أتامَّل ما صرته ، شعرت ُبألمٍ كبيرٍ، أشبهَ بما يبقيه السكين الحاد في الجسد العاري ، حين يستفرد منه بالنحر .
حدَّثت دينا عن كلٍّ ما راح يؤلمني وينغص عيشي ، فأكدت لها: أكثر ما يؤلمني أنه بات في تمدده وغطرسته يستقوي عليَّ ، ليهزمني ويخلص
من دم أهلي ، ببعض إخوتي القريبين منهم والبعيدين وببعض ساكني الشمال، القريب منه والبعيد ، كي يخلو الميدان لحميدان ، كما يقال ، فيأتيهم زيت الأرض، وحدهم ، وينعمون به دون خلقها !

***

حين ذكرتُ زيت الأرضِ ، أفاق أبي من نومه وظهر لي بكل وقار الأب المُفتقد، مُتكئا على عصاه ، تتبعه أمّي وقد تركت ما يشبه الحجاب يتدلّى من رقبتها.
وبدون مقدمات قال أبي :
سأحكي لك ، يا ولدي ، ما سمعته من عارفين وكان لي به تجربة. وهي خير عليم وخير من دلَّ.
يُحْكى أنَّ أرضَ الجنوب ، أرض الصخر المسكون بروح الجن يشقها وادٍ ، جُفّت غدرانه ومياهه من زمن بعيد ، لكنَّ صخورَهُ لا تزال تنزُّ زَيْتاً ، شربه بعض أهل الوادي ، فماتوا بلعنة الجنِّ . وهي-أي حجارة الوادي-عند شحذها تشع نارا وتبعث وميضا حادَّ اللمعان ، يسرق عقل من يجرؤ على المشي فيه ، وتخفي في باطنها الزيت الذي يطفو سائلاً ، سَرعانَ ما يتبدَّل لونه ، فيصيرأحمر ، كالبرقوق البري
الذي يكثر في وعرنا بعد كل زخة دم ، وكان في أصله أسودَ .
قالت أمي معترضةً :
يَحْكي مَنْ صدف ومرَّ في الوادي أنّه غالبا ما سمِعَ طقطقة حجارته المتساقطة من أعلى الصخور ومندفعة على عجل ، يُخيفُ كل من تزيِّن له نفسه لوثة أن يخاف، وسمع صدى الريح العابثة بزواياه ومنحنياته ، فخالها جِنّا ً، ظهر له فجأة من وراء الصخر، الذي بدا أشبه بحجب الغيب ، فلاذ بالفرار خائفا مما سمع وخيِّل له ، وفي ذهنه تتراكض قولة

"الهزيمة ثلثا المراجل".

وهي القولة التي باتت خلاص بعضنا-أكدت أمي - كلَّما اعترضتهم مُعْضِلة :
يهربون أماما أو وراءً طلبا للخلاص ، تحركهم حكمة مكتسبة :

"أللهمَّ نفسي !
أنجُ سعد فقد هلك سُعَيْد"!

***

هزت أمي رأسها ، محزونة ، وتابعت كلامها :
يا تعس من سار في بطن الوادي المسكون جنّا ، يُدْرِكهُ جِنٌّ ويركبه ، فيصيبه ما أصاب جارتنا.
سألتُ أمي مُتطفلا ورغبة بالمعرفة :
لكن ما أصاب جارتنا ؟
التزمت أمي الصمت قليلا ، تذكرت ما أصابها بحزن عميق ٍ، لكن سَرْعانَ ماعادت الى الكلام :
حين أراد زوج جارتنا أن يمسك بطيختين في يد واحدة ، أفتى له شيخ الحارة بالزواج مثنىً وثُلاثا ورباعا ، وإنِ اعترضت زوجته على مشيئته ومشيئة الله ، فإنَّ جنا يكون ركبها ، وَهُوَ ، أي شيخ الحارة ، يتكفل أمرالجِن ويخرجه منها .
وَهْوَ ما كان . أفلحَ شيخ الحارة في ضربه ، ضَرَبَ الجنَّ حتى ماتت .
قالت أمي باكية ، لكن بلا دموع :
أراد الشيخ طرد الجن ، لكنَّه قتل المرأة . وترك الجن ، كعادته ، يفلت من عصاه ، ليركب امرأة أخرى ، فيضمن له ولشبهه عملا .
قال أبي وكان التزم الصمت طويلا ، مؤكدا حديث أمي :
سمعت من روى عن آخرين ، سبق وسمعوه مرْوِيّا ًعلى عُهدَة ِراو ٍ، أنَّ الجن كثيرا ما يسكن الأرض الخراب ويسكن بعضنا ، مِمَّنْ فَسُدَتْ عقولهم ، بعد طول كساد ، ولم يُصْلِحوا ما بأنفسهم فظلّوا محتفظين بما ورثوه من سُنن ِالأقدمينَ أو بما ظنوا
انهم اكتسبوه في عيشهم .
قالت أمي :
تحزنني حكاية جارتنا ، لكن أكثر ما يحزنني هو حال حارتنا وما أصاب الوادي وأهله . فلا عجب أن يسكن بعضنا جنُّ ! ومِنا مَنْ هم أقرب الخلق إليه.
قال أبي ، قافزا من موضعه ، وكأنه أدرك سرَّ البلاء :
هذا الصخر وما فيه من زيت ، كأنه الجن ، هُوَ ما يحرك جشع من جاؤا يقاسمونك بيتك ، يحميهم بعض من دفعهم إليك من عسكر الشمال وقد أمِنوا شرَّ من ركبهم جن من أولاد حارتنا ، فراحوا يصرخون بعد كل صولةٍ:
هل من مزيد ؟

***

أكدت أمي ما قاله أبي عن الجشع ، قائلة :
هو الجشع بلوى عالمنا وقد يكون فيه مقتله ، قتل من ركبه ، قديما وحديثا ، وقتل حتى قطنا ، حين ركبه !
لم تكمل أمي ما أرادت قوله ، فرجوناها أن تكمل حديثها ، ربَّما نستنير ، فالقطط كثيرة ، تتوالد في بقع عديدة من عالمنا ، شماله وجنوبه ، شرقه وغربه ، استشرى أمرها لِما ألمَّ بها من سُمنة زائدة . صارت هذه السمنة جُلَّ ما يعنيها .قالت :
كان عندنا قِطٌّ ، ألِفَ أكل اللحوم ، ما كان مُجازاً أكلُهُ وما كان محرَّما ً، يأكلها بجشع مُخيف ، مثل أكثر القطط ، ضامرها وسمينها.توقفت أمي عن الكلام ، راجية ألاّ نظن بها سوءا ، فلا نفهم من حديثها عن القطط ، تلك السمينة من القطط الآدمية ، التي راحت تتكاثر في جنوب عالمنا مع تكاثرجياعه ، فالمسألة هنا مجرد صدفة .
تابعت حكيها ، أو ما ابتدأته :
ذات زمن أصابنا ضيق معيشة ، فلم نعد نجد ما يفيض عن جوعنا لنطعمه . وحين ملَّ القط عندنا شحَّ الطعام ، وجد بعض ما يسكت جوعه وجشعه في محددة قديمة . وصُدْفة حملتني رجلاي الى المحددة ، رأيته هناك وكان يلهو بمبرد حديد قديم ، ظنه مبتغاه ، فراح يقلبه ، يُقربه إليه ويقصيه ، ثمَّ يعاود شمَّهُ وسرعان ما أخذ يلحسه بلسانه ، فسال دمه ، أفقدته رائحة الدم توازنه ، فراح يلحس الدم من جديد ويحسبه دم المبرد ، وكان دم لسانه ، وكلما طاب له ولذَّ مذاق الدم ، بات أكثر شرها ، جشعا وإمعانا في اللعبة :
يلحس المبرد الحديدي ويستطيب مذاق دمه . كنتُ أرقبه ، حكتْ ، شفقت عليه ، أحزنني كيف كان يستطيب دمه وقد حسبه دم المبرد. وحين أدرك بغريزته ، أني أريد آخذ المبرد منه ، هرب مني بمبرده ، ليواصل لحس الدم، لكنني وجدته في اليوم التالي ، حين أتيت أتفقد مصيره ، مُلقىً على الأرض وكان المبرد ملقى إلى جانبه ، وقد اكتسى بدم جاف .

***

خيَّمَ صمتٌ مُفاجىءٌ ، غمرنا ، فكنا كمن على رأسه الطيرأو كمن أصابته رجفة خوف مُباغِت ، عقدت ألسننا ، فخفنا حقا مما هو جارٍ في جنوبنا وشمالنا ، غربنا وشرقنا ، وقد هالنا كيف استحال الزيت دما ؟ وخفنا مما سيأتي ويلد الغيب ، فالمخفي أعظم ،
اعتادت أمي القول ، دون أن توضح ما تعنيه .خرجت أمِّي مُتألِّمَة ً، دون أن تقولَ وداعا ً، فلم تصافحني ، كعادتها ، ولم تصافح أبي ، وكانت لم تخف عنا ، عن أبي وعني ، سر حزنها وألمها.

***


( 2 )

حِكايَتا الذِئب والجرْد

لم أكتم دينا ما حدث لي من قبل في تلك الليلة الحارة من تموز، قبل أنِ انشقّ حائط بيتي وظهر عبدالله فجأة ً، لحظتها تناوب أبي وأمي الظهور، أطلاّ بوجهيهما السموحين ، جاءا من حيث لا أدري ، كمن جاءا بغتة من وراء الحجب أو من بطن الغيب .
أفرحني أبي كثيرا ، فحين طرح السلام ،
قال :
السلام عليكم .
صارحت دينا :
أعجبني كثيرا طرحه السلام ، فلم يقل السلام عليك وحسب ، لم يخصني بالسلام وحدي دون غيري وإن كنت في حينها وحيدا ، بل خصَّ الجميع. شعرت لحظتها بنشوة لا تخلو من أمل :
ما أجملَ أن يتمنى الانسان السلام للجميع ، " للصغير والكبير والمْقمّط في السْرير "، كما اعتادت أمي القول .
سارعني أبي إلى القول :
أنا ، يا ولدي،على عجل ، فدرب عودتي طويل وعسير ، لكنني سأعود إن لم تفرط !
وسكت ، ليقول لي ما جاء من أجل قوله حقا ، قال :
يا ولدي ، يحكون أنَّ ذئباً كان مُعتدّا ًبأنيابه ، اعتاد السطو الليلي على قريةٍ يسرق ما جَمُلَ في عينيه من معز وعجول ودجاج ويزدردها بشره . وذات يوم اجتمع أهل القرية على رأي ، استحسنوه ، أن يقفوا عند مدخل القرية صفا واحدا ، حيث اعتاد الذئب ولوجها للسطو ، فيلقون القبض عليه مجتمعين ويلقون به بعيدا عن قريتهم .وما إن رآهم يقفون صفا واحدا كالبنيان المرصوص ، هرب إلي داخل القرية ، ليلوذ هربا منهم في بيوت ِمَن ِاعتاد السطو عليهم ، فوجد امرأة عجوزا في أول بيتٍ لجأ إليه يطلب النجاة ، فقالت له المرأة العجوز :
" كيف أحضنك في بيتي وكنتَ قبل عام سطوْتَ على عنزتي الوحيدة التي كنت أعتاش من حليبها "!
وأحكمت إغلاق بيتها في وجهه .
انتقل الذئب على عجل يطلب النجاة في بيت ثان ٍ، فكان رجل عجوز في انتظاره،
قال الرجل العجوز :
" كيف تطلب عوني وكنت من سطا قبل شهر على عجلي الصغير الوحيد ، فلم تأخذك به رحمة وكان الحليب يقطر من فمه "!
وحرص الرجل العجوز على ألاّ يُبقي منفذا في بيته ، تدخل منه الريح ويتسلل منه الذئب ، عملاً بحكمة قديمة :
" أغلق الباب إلّي بيجيك منو لسع الريح ، بتستريح " .
سمع الذئب الكلام ذاته عند مدخل البيت الثالث والبيت الذي كان يليه والآخر الذي كان بجواره ، فلاذ بالفرار ، يلاحقه أهل القرية والخوف من قبضاتهم المُشهرة غضبا وعزيمة ، يملأه اليأس من حاله ومما أصابه ، حتى وقع في حفرة عميقة عند مدخل القرية الآخر .
نسِيَ الذئب ، في هلعه ، أنه كان حفر الحفرة ، ليُحكِمَ الحِصارَ على القرية فلا تفلت منه دابة ابتغى افتراسها ، لا من أنيابه ولا من أظافره ، فصدق ، يومها ، فيه القول :
" من حفر حفرة لغيره وقع فيها " .
حين انتهى أبي من حكايته ، التي سمعها عن غيره ، فاجأني ، إذ غمزني ، على غيرعادته ، بطرف عينه ، مضيفا :لا تنس ، يا ولدي ، ما علمتنيه الحياة :
حكمة البنيان المرصوص !
لاحظت أنه كان بعدها على عجل ، كما سبق وأسرَّ لي ، تأمَّلَ عكازه ، فوجِىء وفوجئتُ ، إذ بدا أخضر ، كأن الحياة عادت إليه . وعندها اختفى من حيث أتى .ولم يُبق ِلي متسعا للسؤال عما نحن فيه .

***

حَضَرَتْ أمي بعدها مهللة ومستبشرة ، إذ علمت أن أبي حضرنا وربما عاد من أسره ، نفض عنه ذلَّ نومه وجاء للبقاء بيننا ، كما ألفناه سِنينَ قبل الأسر .حادثتني ، وقد تطلعت صوب الأفق ، علها ترى ما يفرح القلب والمحزون ، قالت:
لست متشائمة ، فربما يكون قدومه فجأة دلالة خير ، فقد يعود .
وكانت لم تفقد الأمل ، إذ عُرِفَ عنها قديما جلوسها عند عتبة الباب من مطلع الفجر وحتى العشية ، لمّا يَدُبُّ الغسق وتأخذ العتمة بأطراف الحارة وطرقاتها ، وحين يسألها أحفادها عما هي ناطرة ، كانت تجيب وقد عضت على شفتيها ، حتى تدْمَيا :
" يا حَبايْبي ليس سرا ، فأنتم الأدرون ومن لا يعرف سري ، ناطرة عودة الغياب " .
ومن ثمَّ تعود الى عادة قديمة ، النظر بعيدا ، شرقا ، فلعل من الشرق تطلع شمس ويجيء معها فرج .
واعتادت ،كما عهدناها ، تطيل الجلوس عند عتبة البيت وتستعيذُ بالله من خيانات بعض ناس هذا الزمن .
سألتني أمي في لهفة :
هل طيبت خاطر أبيك ، فردَّدْتَ على مسامعه أغنية قديمة ، سَمعها عن جدته، حين كان طفلاً ، وأنشدَها لأحفاده ، حين صارَ كهلا :
" الله الله ربّي لا حالْ يْدوم "
وأردفت متسائلة :
هل طمأنتَ أباكَ وطمأنتَ نفسَكَ ، فما كان ، ثبتت لاعقلانيته وما هوحاصل فاقه لاعقلانية ً، فلا بُدَّ من فرَج ٍقريبٍ يحمله عقلٌ ، يُحْدِثُ قطيعَة ًمَعَ ما كانَ وَمَعَ ما هو كائِنٌ ، إذا كان ثمة ما يراد له أن يكون ، فتنطفىء النارُ الآخذة بناس ِالجنوب ، فلا يطال لفحها الحار، بعد ذاك اليوم ، بَرََّ الشمال، لا ناسه ولا فضاءَهُ ، ويسلم من لسعها شرق وغرب وينجو من هولها كلُّ جنوب . وابتسمت فرحة بما خلصت إليه وقالت ، ثانية ، قبل أن تمضي مُسْرِعَة ً:
يا ولدي ، أعذرني فأنا على عجلة من أمري ، أودُّ اللحاق بموكب المغيثين وراحت تقفز مُنشِدَة ً :
" يا ربّ الغيث غيثينا ومن الشرِّ الأعظم نجينا "
لم أتمالك نفسي ولا قدميَّ ، فرحت أعدو لاحقا بها ووجدتني أصيح في ركضي:
لكن ما هو الشر الأعظم،يا أمي !
قالت ، دون أن تلتفتَ وراء ًودون تأتأة :
أن يفقد الناس عقولهم ، فيُصيبُهم ما أصابَ ذلك الجرذ .
صِحتُ :
ولكن ما قِصَّةُ ذاك الجرذ ؟
توقفت أمي عن الجري ِوعادت الى حيثُ كنا ، تلتقط أنفاسها ، فاستبشرتُ خيرا.
قالت ، بعد أن استراحت قليلا واستردَّتْ بعضَ أنفاسِها :
أعذرني ، يا ولدي ، جئتك بعد طول سبي ٍ، لأطمئن ، ألم تزل حيثُ تركتك ناطرا في زاوية من بيتك ؟ وقد حسبت أن أباك عاد لنعود ، صدِّق ،يا ولدي ، ضاقت نفسي وضاق عقلي بعيش السَّبْي ِوثقيل حباله !
أمّا حكاية الجرذ ، فتلك حكاية مرعبة ، كحكايتنا ،أخافُ ما ستنتهي إليه !
قالت :
يحكون ، يا ولدي ، أنَّ سفينة كانت تنتظر في عرض الميناء صوت البوق ، لتبدأ الإنطلاق إلى حيث شاءت . تسلل إليها جرذ ، أتاها من بلاد بعيدة ، من الشمال المثلج البعيد ، لكنه ككل جرذ كان يحب العتمة وما فيها من جرار زيت وسمن . انتهز عتمة الليل وهرج البحارة ، لحظة الإنطلاق ، فدخل عنابرها السفلية بحثا عما كان بلغ أنفه من روائح زيت وسمن ، راح ،في شرهه وجشعه ، يقضم خشب السفينة بحثا عن
جرار ٍ، وُضِعَتْ في أسفلها .
فجأة سكتت أمي وتوقفت عن الحديث .
اغتنمتُ فرصة َالصمتِ ، فسألتُها :
ولكن أين اليوم تقيمين ؟ من أين وكيف جئتِ ؟ وهل حقا ًإليْنا ستعودين ؟
رفعت رأسها ، محزونة ً، نظرت في عيني وقالت :
حين أفقت من صدمة السبيِ ، وجدتني وناسا كثيرين من ناسي عند ميناء ٍخربٍ ، كان واقفا عند رأسي وأطرافي بعض من حسبتهم من أهلي ، يرعون وثاقي ويحكمون شده بقفل ، كان أثقل من رجليَّ وعقلي ، ألزمني النوم حاسرة الرأس وشبه عارية فوق بلاط أرضية الميناء ، شديدة السقعة ، تحولُ جرذان سائبة دون نومي ، فما كان يجيئني رُحْتُ من يومها أنظر دنيا الميناء ، أرقب حركة الشمس البطيئة فوقها ، فكنتُ كمن
ينتظر طيفا ، يخاله آتيا من بعيد ليحملني على جنحِهِ كيما أعودُ إلى حَيْثُ وُلِدَتْ أمّي وحيثُ مَنحْتُكَ الحياة ، لكن لما يأت ِ ما ندعوه فرجا ً. وكنتُ لا أكِفُّ أسألُ نفسي :
أحقا ما هو واقع وحاصل ؟
وهل ستلوح بشائر فرج ، فنخلصُ من عيشة السبي في الميناء !
سمعتها ، كانت كمن يحدث نفسه ، تشكو لنفسها هموم نفسها ، بعد أن عافتْ عاهة الصمم التي أصابت كثيرين ممن كانوا حولها وكادت تفقد كلَّ أمل ، قالت في شبه همس ٍ:
حُرِمْتُ في سبيي حتى الحلم ، ولاأزال أحرم منه ومن العيش في بيت دافىء حنون .وما إن تفوهتْ ، غير عامِدَة ٍ، بكلمة بيت حنون ، شعَرَتْ أنَّ غصَّة َألمٍ ألمَّت بها فطاف في عينيها دمع ، حاولت أن تخفيه عني بكبرياءٍِموجوع ٍ، عرفته فيها .

***

عاودت أمي بعد لحظة صمت أخفت معه دمعها،عاودت جريها مواصلة الرحيل صوب الميناء.
كان جريها،هذه المرَّة،ثقيلا،فكانت كمن يسحب أثقاله خلفه وكمن نسي غناءه القديم:
"يا ربِّ الغيث غيثينا ومن شرِّ العتمة نجّينا "

طائرُ الإلْسْتَرْ

ما إن اختفت أمِّي ، حتى عاودَ أبي الظهورَ ثانية ً.
قال وكأنه على عجلة من أمره :
فاتني أن أحدثك بما أصابَ ذاك الطير، وقد جاءني علمه من أساطير كثيرة ، كنتُ أقرأها ، حين كان لا يزال فيَّ بقيَّة ٌمن عقل .
يحكون ، قال :
كان اسمه طائر الإلستر، بلغة أهل الشمال ، ويقول عارفون ، والمعرفة الحقة في طيِّ العقول وفي صفحات الكتب ، إن اسمه كان الكوكو ، وكان مُدَلَّلَ ناسه حتى بات دلاله شططا وعبئا ، عافته شتى أجناس الطير . وكان متوسط الحجم،أسود ريش الرقبة والصدر ، تتخلله ريشات بيضاء ، فكان ، يا ولدي ، أقربَ للغراب وشؤمه ، كما اعتاد الناس القول والحكم ، لكنه أصغر منه ، يعيش في الغابات المثلجة والمعتمة للشمال البعيد . وكان من عاداته ، عند مواسم التفريخ ، يرقب أعشاش الطير ، فحين يكون أهلها ابتعدوا عنها قليلا ، طلبا لما بقي في الأرض من بذور ، كان يجيئها في غفلة ٍمن طيرهم ، فيُلقي أرضا ًما كان فيها من بيض وصغار الطير ، ويضع مكانها بيضه ، ليرعوه له ، ثمَّ يطير يبحث عن أكله ولهوه ، وكان ، كما يروون ، يسطو على ما كان قريبا من بيوت الناس ، بحثا عما كان يلمع في خزائنهم ، يحسبه ذهبا ،
يجعله حلية في رقبته ورقبة من هم على شاكلته .
تنهد أبي ، قليلا ، خرجت منه زفرة حارقة ، صمت بعدها ، ثم عاود حديثه :
عافه طير الغابة المعتمة وعاف كسله وسطوه على كلِّ ما كان يلمع ، حتى ارتحل جنوبا ، وكان بعض طير الشمال حبب له أرض الجنوب لما في بعضها من غابات غنية بصغار الطير ، ملونة الريش ولا ينبت لها ناب ، وما في بعضها من زيت شديد اللمعان ، وإن كان في أصله يميل إلى السواد قليلا ، فابتلي به كلُّ الجنوب وما فيه من طير .
قال أبي :
حين وطأت أجنحته أرض الجنوب ورحيب سمائها ، لم يتعلم مما كان معه ومع غيره ، نسي حاله ، فعاد الى ما كان عليه ، كأنَّ الطبع غالب على التطبع .قطع أبي كلامه ، فأحزنني حين لم يأتني نبأ ما أصاب طير الجنوب ، أعشاشها وصغارها ، وقد رأيت الجنوبَ مُشتعِلا ً، فسألت نفسي عما نبت له نابٌ ، وكنتُ أحب في طيرالجنوب وداعة عيشها ، غناءها ولون ريشها ولا أحب أن أرى لها نابا ،
فليسَ هذا هُوَ ما تحتاجه ونحتاجه .
أدرك أبي ما كان لحظتها يدور في خلدي،التزم الصمت،نظر إلى عصاه المورقة ،فاستبشر خيرا،وقال فيما يشبه الهمس:
سأغُذُّ السيرَ بحثا عما يمكن أن يضمن عودتي،لكنه لم يفصح ما أراد قوله وما كان مبتغاه.حسبته راح جادا في اثر أمي،اختفى فجأة،فغمرني يومها حزن شديد ولا يزال يُكدِّرُ صفوَ عيشي.

***

أحزنني اختفاءه ثانية ً، فلم يكمل ما ابتدأه من حديث ، وكان جاءني لينبأني بما أصاب طائر الآلستر، بعدما حاول فرض نفسه على غابات الجنوب ، طيرها وشجرها وما عليه من ثمر وما في باطن أرضه من خير عميم.
كان عبدالله ، كما شبه لي ساعتها ، يشبهني ولا يشبهني ، يشبه الكثيرين من خلق الأرض ولا يشبههم ، يقف قبالة سريري ، يتنكبُ سِلاحَهُ ، ينوء تحت عِبء صليبه وتحت عبء ما حسبه عقلا ً ، كان يبدو مُثخن الجراح ، فاطمأنَّ عقلي إذ عرفته على حقيقته ، لكن زاد خوفي منه ومن حاله ، خِفتُ سلاحَهُ ، خفتُ عليه وعليَّ ، إذ ما كنت لأطمئنَّ لأيِّ سلاح ٍ.فالسلاح عدوُّ حامله وعدوُّ من هو على مقربة منه.
قلتُ مُحدِّثا ًنفسي وبصوت مرتجف:
هذا هو عبدالله ، وقد أتاني على غير موعد ، ونحن في أسوأ حال ، فلا طعام عندنا نزين به مائدة الضيف ولا شراب يبلُّ ريقه، ولا خبر سعيدا نُسِرُّ به خاطره وينسيه الهموم ،حتى كِدْتُ أصيح وأردد موجوعا صيحة أحمد من قبل ألف عام وقد يزيد:
بأية حال ٍعدتنا يا عبد الله ؟

***

كان من عاداتنا ، دينا وأنا ، أن ننزوي فيما يشبه خلوة المتعبد، نهرب من واقع ، صارت فيه الحياة مجرد صدفة وصار القتل فيه شيئا عاديا ، نوهم أنفسنا ، فنطمئن لأنَّ أحدا لا يرانا ولا يرى ما نحن فيه ، وإن يكن على علم متصور ٍبه ، ونأخذ ننبش ، مثل جميع خلق الأرض ، عن أجمل ما في الطيون ، فنغيب في حلم وردي الضفاف ، لا نفيق منه إلاَّ وقد تصببت أطرافنا بحبات عرق شبيهة باللؤلؤ المنثور وقطرات ماء
الحياة المتدفقة" من بين الصلب والترائب "، فنعود الى واقعنا بكل ما فيه من منغصات وأفراح.وكنت أحدثها في كل ما اعترض ويعترض مسار حياتي ، سيان ما كان عاديا ًوما كان محرجا ، يصعب تصور وقوعه وحدوثه ، وهو الشيء المخيف ، وكثير منه ما يحدث في يومنا ، ذي العين الواحدة ، والفم الواحد ، وذي النبرة الواحدة ، الواعدة والمتوعدة ، التي ليس ثمة من يردعها عن تهديدنا بالعودة بنا، أمواتا أو أحياء أمواتا ، إلى ما كناه ما قبل التاريخ ، أو هدم بيوت ما اصطلحت عليه في حديثي المتكرر مع دينا ، بجنوب الجنوب ، هدمها بيتا ًبيتا ، كيما يكف أهلها عن الحياة أو أن يرضوا بما لن يرضى به آدمي.
وكان التائه في صحراء يهودا ، أدرك بحدسه المتوقد خطر ما نعيشه ، فأمِلَ في لحظة تجلٍ
" أن يحول(من يمتلك سيوفا وحرابا)،أن يحولها إلى سكك ومناجل تنبش قلب الأرض
بحثا ًعما فيها من كنوز،لا قلب الناس"
كان حضرني فجأة تلك اللحظة وأخاله عنى حكومتنا ، حين هتف يومها ، قبل ما يزيد عن ألفي عام :
"خيوطهم لا تصير ثوبا ولا يكتسون بأعمالهم .
أعمالهم أعمال إثم ٍ وفعل الظلم في أرجلهم .
أرجلهم إلى الشرِّ تجري وتسرع إلى سفك الدم الزكي .
أفكارهم أفكار إثم ٍ،في طرقهم اغتصاب وسحق .
طريق السلام لم يعرفوه،وليس في مسالكهم عدل ،
جعلوا لأنفسهم سُبُلا ًمُعوجة،كل من يسير فيها لايعرف سلاما ".
وعنى ذا النياشين المجدولة من جلود آدمية ومن سبقوه ولحقوه ، وقد قبل طوعا أن خدم َسيِّدَهُ وسيِّدَ سيِّدِهِ وأن يكون سيفهما وضابط إمرة العسس عندهما والجالس عند أرجل مائدتهما ، وقد ضُبط هو وعسكرهُ متلبسا ً بجريمة ، لم تكن الأولى ولم تكن اليتيمة ، فشقيقتاها كُثر ، كما لم تكن تلك مذبحة العيد ، إذ اختلف فريقان فيما بينهما حول ظهور الهلال وعدم ظهوره ، فاستغلَّ جنده الواقعة ورأوا فيها متسعا ينفذون منها ، للنيْل ِمن ساكني جنوب الجنوب ، فكان لهم ما أرادوا وقتلوا يومها الكثيرين ، كما كان من قبل وما حدث من بعد.حين سأله نفرٌ من أهله عما حدث في موقع الجريمة آنذاك ؟ قال :
يُزْعَمُ أنَّ طفلة ً صغيرة ً، لا يزيد عمرها عن عشر سنوات ، قتلت فوف مقعدها
الدراسي ، وغالب الظنِّ ، أكَّدَ،أنَّ الجندي المسؤول عن إطلاق الرصاص اشتبه
بحقيبة مدرسية كانت فوق مقعدها ،فصَوَّبَ ، نحوها النار، لكن أخطأها وأصاب
تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

مـِن ْ أيـْن َ لـِزَهـْرَة الـْنـَيـْلـوفـَر َ ؟

13-شباط-2011

مِصْرَ الْحَبيبَة َسَيسْقط ُمَطَر

06-شباط-2011

قصائد برلينية

26-كانون الثاني-2011

نص / سـَيـِّد ْ رَحـيـم ْ الـصـّاحـِب ُ بـْن ُ بـَلـَدْنـا

23-كانون الثاني-2011

قصيدتان جديدتان للشاعر

09-كانون الثاني-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow