الفستان الجديد فرجينيا وولف / ترجمة
2010-01-18
خاص ألف
هذه إحدى قصص من كتابٍ صدرُ حدبثا عن "المركز القومي للترجمة"، يحمل العنوانَ: "أثرٌ على الحائط"، ويضمُّ ستَ عشرةَ قصةً طويلةً للكاتبة الإنجليزية الرائدة "فرجينيا وولف" (1882-1941)، ترجمة وتقديم/ فاطمة ناعوت، مراجعة وتصدير عميد المترجمين العرب/ د. محمد عناني. يضمُّ الكتابُ، عطفًا على القصص، توطئةً تُقدّم خلالها المترجمةُ مُدخلا ومفاتيحَ لقراءة وولف، التي وصفتها بأنها "مهمةٌ ليست سهلة". ذلك أن وولف، فضلا عن كونها إحدى رائدات مدرسة تيار الوعي التي شكلت ثورةً على السرد التقليديّ ابن القرن التاسع عشر، بكلِّ ما يحملُ تيارُ الوعي من سماتٍ حداثية مركبة مثل التداعي الحر للأفكار، المونولوج الداخلي، المنظور التعدديّ، وسواها من التيميات التي تزيد العملَ تركيبا، إلا أن وولف تميزت بتقنيات سردية أخرى هي: الالتفات في الضمائر، أنسنة الجماد، تضفير الواقعيّ بالمُتخيَّل، واختراق الأجرومية اللغوية، إضافة إلى الطول المفرط لجملتها السردية التي قد تصل إلى صفحات، ما يُزيد أعمال وولف تركيبًا بنائيًّا وصعوبةً في التلقي. لذلك تقدم ناعوت للقارئ بعض المفاتيح التي تيسر دخول عالم وولف الفاتن، على صعوبته.
يُذكر أن هذا هو الكتاب الثاني الذي تقارب فيه الشاعرةُ فاطمة ناعوت حقلَ فرجينيا وولف، بعد كتابها الأول "جيوبٌ مثقلةٌ بالحجارة"، الصادر العام 2005 عن المشروع القومي للترجمة، مراجعة وتصدير د. ماهر شفيق فريد، وضمّ الكتابُ دراسةً مطوّلة عن تجربة وولف السردية، وترجمةً لإحدى نوفيلاتها الطويلة "روايةٌ لم تُكتَب بعد"، إضافة إلى حوار تخيليّ مع فرجينيا وولف.
السيدة "مايبيل" بدأ الشكُّ يساورها، للمرة الأولى، بأن شيئًا ما كان خطأ، بمجرد أن خلعت عباءتَها، ثم ما لبثت مسز "بارنيت" أن أكدّت ذلك الشكَّ، حين ناولتها المرآةَ وراحت تلامسُ الفُرشَاة بيدها كأنما لتجذب انتباهها، على نحو مفضوح قليلا، إلى كلِّ أدوات تصفيف وتجميل الشعر والبشرة والملابس، تلك المصفوفة فوق تسريحة الزينة، كل هذا أكد الشكَّ--- بأنه لم يكن مناسبًا، لم يكن مضبوطًا أبدا. ثم ظلَّ ذلك الشكُّ يتنامى ويقوى فيما كانت ترتقي الدَّرَج إلى الطابق العلوي ثم وثبتْ مندفعةً إلى --- وقد وصل شكُّها إلى اليقين التام أثناءَ إلقائها التحيةَ إلى "كلاريسا دالاواي"، ثم توجهتْ رأسًا إلى النهاية القصوى المعتمة من الغرفة، إلى ذلك الركن المنعزل البعيد، حيث مرآةٌ معلّقة، ثم، نظرت.
كلا! لم يكن مناسبًا[1]. وفي الحال، تجمعت فوق ملامحها سُحُبُ التعاسةِ التي طالما حاولت أن تخفيها، الشعورُ بالاستياءِ العميق وعدم الرضا- - وذلك الإحساس، الذي دائما ما تملّك منها، حتى منذ كانت طفلةً، بأنها أقلُ شأنًا من الآخرين- - كلُّ هذا انقضَّ عليها، هاجمها بشراسة، بقسوة، بوحشية، وبكثافة لم تستطع معها التغلّبَ عليها كما كانت اعتادت أن تفعل، حينما كانت تصحو في الليل ببيتها، عن طريق قراءة "بورو" أو "سكوت[2]"؛ بسبب، يا لهؤلاء الرجال، يا لهؤلاء النساء، الجميعُ كان يفكّر- - "ما هذا الذي تلبسه "مايبيل"؟ كم يبدو منظرُها شنيعًا! ما أبشع فستانها الجديد!"-- جفونُ عيونِهم ترتعش وهم يقتربون منها ثم تبدأ في الإغماض قليلا حتى تُغمِض. إنه قصورُها المخيف؛ ارتعابُها؛ ضعةُ سلالتها وانحطاط منشأها، هو ما كان يغُمُّها ويسبب إحباطَها. وفي الحال بدت كلُّ أرجاء الغرفة تلك التي، لساعاتٍ طويلةٍ جدًّا، ظلّت تخطّط فيها مع الطرزية الصغيرة كيف سيكون الشكل النهائيّ للفستان، بدتْ رثّةً، مثيرةً للاشمئزاز؛ كما بدت قاعةُ الاستقبال الخاصة بها بائسةً بالية؛ وهي نفسها، التي كانت قد خرجتْ من الغرفة يومها، ممتلئةً بالزهو بينما تمسُّ بيدها الخطاباتِ فوق طاولة القاعة وتقول: "يا للملل!" لكي تستعرض وتلفت الأنظار- - كلُّ هذا بدا الآن سخيفًا جدًّا، أحمق، تافهًا، قرويًّا. الأمرُ برمته انهدم رأسًا على عقب، اِفتُضِحَ، نُسف كليًّا، في اللحظة التي دخلتْ فيها قاعةَ الاستقبال الخاصة بمسز دالاواي.
ا
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |