اعتدال رافع في سفر كلمتها
2010-03-03
في كتابها الجديد " كلمات مسافرة" وصداه " كتابات بلا عناوين" كظل للعتبة الرئيس, تؤكد اعتدال رافع قصديتها في اختيار بوحها كفعل إنساني غير مقنن, فهي تغفل الجنس الكتابي لكتابها , مرسخة ذلك ,بغياب العناوين عن كل المقاطع التي ضمها الكتاب ,مكتفية برقم تسلسلي لا يفصل ولا يقطع السابق عن اللاحق ولكنه يضبط إيقاع النفس البوحي والاستراحات المضمرة في زمن تقليب الصفحات .
وباعتمادها مفردة السفر دون حرفي الجر " من وإلى" اللذين يحددان الوجهة سواء الزمانية أو المكانية تكون قد عولت على المسافر كونه أصل السفر و الكلمة هي الطريق وهي الطارق أما المستمع فهو الزمان؛ لكي تفتح باب قولها على العلاقات الإنسانية كاملة من حب وأسرة ولقاء وغياب ووطن ويقين وشك, وبوحها الذي تكتمل به إنسانيتها وتظهر جلية إنسانية الآخر بالمشاركة بالبوح سواء بالقول المضمر أو بالاستماع وبذلك تؤكد قصدية عنوانها بالتوجه الكامل للإنسان بلا مفاهيم سابقة للتلقي.
" هذه الأرض/ منذ أزمان سحيقة / تدور وتدور/أما آن لها أن تتمغزل عيناها/ وتدوخ"
اعتدال رافع تعيد ترتيب الأسئلة والأجوبة التي قنصتها من الحياة,لا لتحكم عليها بل لتجلوها وتعيد لها قدرة الدهشة , فالسؤال الذي قنط من رحمة الجواب يصدأ كذلك الجواب الذي ركنت الأسئلة لبداهته , يُنسى " لأنني جميلة.../ يتقاطر العشاق على بابي/ يدقونه بقبضات الصدأ/ الواهنة" .
عبر لغة شفيفة وهادئة وبصور جميلة وإيقاع خفيض يشبه دقات القلب , تنتقل من مقطع لمقطع وكأنها تريد فقط أن تهمس قبل أن تحلق كلمتها مبتعدة كصوت في الريح تقوده حيث يشاء لها هبوبها , فهي لاتقرع طبول الحرب ولا ترفع راية الاستسلام ولاتعمل على تفكيك بنية أو إشادة فكرة تريد لكلمتها أن تكون كالبزرة , يطمرها تراب الاستماع ,فلا تُلحظ لكنها تدهشك وهي تنبت في ربيع قول ما " قد يكون الضوء عذابا/ للعتمة المعشعشة في الأحداق/ لسراديب الزواحف/ والقلوب المحنطة في الصدور/ والعقول المغلقة على مستحاثّاتها/ والعتبات التي تعشعش الطحالب على أدراجها/ قد يكون الضوء/ دهشة الأطفال/ يعلقون على خيوطه / ألعابهم".
وتقيم ثيمة الحب كمسرح لمقاطعها المبثوثة في ثنايا الكتاب , بحيث تظهر لوحدها عندما يخلو المسرح من اللاعبين وتبقى أرواحهم تطوف في جناباته وتخالطهم مخالطة العارف ,فهي المضمرة في صدورهم .
تستفيد اعتدال رافع من سردية القصة ومن تكثيف اللحظة الشعرية كحامل لبوحها وأيضا من أناها ومن المخاطب في تكوين جملها التي تطمح لأن تكون كلمة واحدة هي المقطع بكامله , كما هو الإنسان هذا العجين من كل تلك الكلمات التي تقال في فضاء صيرورته .
لم يقل الكثير الجديد في هذا الكتاب ولم نر أرضا طازجة تظهر كجزر البراكين في بحر الحياة أو لعب لغوية أو صور ملتقطة بحرفية عالية تظهر مواطن جديدة للاستعارة ولا مجازات كالجسور بين ضفتي الواقع والخيال ؛ لكن ما يجعل الكتاب جدير بالقراءة هو: قدرة اعتدال رافع على إعادة توزيع الضوء والظلال على عواطف وأفكار وأحلام بهتت لكثرة ما نمر بها, وكأنها تبث روحا جديا في أزمنة وأمكنة درست .
"شفرة الفأس لا تزال تحمل دم الشجرة/ نهر من الصراخ ينبع منها/ المنضدة ساكنة في الزاوية/ مهموسة بأغصان متعانقة/ رقصت عليها العصافير يوما"
" كلمات مسافرة/ كتابات بلا عناوين" ل اعتدال رافع صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ودار البعث لعام 2009
الثورة
باسم سليمان
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |