.. سيمفونية السياسة والشهوة!!
2010-03-14
خاص ألف
الغروب يستدرج الشمس المتعبة للاستراحة.. الليل يراكم الظلام ببطء، والنجوم تطل باستحياء يخجلها أن تحل محل الاستدارة التي كانت مشرقة.. القمر يخبئ أكثر من نصفه لليالي الآتية.. أصحاب الواجهات في الشارع الرئيسي يسارعون لإظهار براعاتهم في اللعب بالأضواء الملونة..
- كم الساعة ؟
وتحدق في وسطه لشيء يشبه الجيب! تسأل رجالا كثرا ولا تكتفي، أكيد لا يهمها الماضي ولا الحاضر من الزمن..!
- كم الساعة من فضلك؟
- الساعة تشير إلى السابعة.
رد الثالث بالسابعة والربع، والرابع بالسابعة والعشرين.. والعاشر بالثامنة!!
- أوف لا يفهمون!!
تسير كما لو أنها على خشبة عرض الأزياء .. الحمرة ممتدة من قدميها حتى شعرها.. استحوذت على كامل جسدها، سروال الجينز فاصلة مهمة فهي التي استوقفت المارة حتى تفضح الفقرة الذهبية لهذا النص العابر.. فتنة مستيقظة على آخرها.. البريق في وجهها زاد الليلة ضياء! شفتاها تختلجان من الرغبة.. تعتصران بالسكر كبرجي بطيخ غائصين في الحمرة!! تضاعفت الإنارة.. علت أصوات الرّاي من كل دكان عجيب، تلتفت حيث الشارع على اليمين، تغير الحقيبة الصغيرة إلى كتفها الآخر.. تسير.. تحرك وسطها، تقود المحملقين في سيمفونية عظيمة من الإثارة والشهوة تشبه قائد الأوركسترا بالضبط!! أفواه المارة، وأفواه الباعة مفتوحة كالمغارات المهجورة.. حتى الذباب أخذ راحته في التسكع فيها!!
يهوي ذاك الطويل بعنف يكاد يرشف بأنفه كل عطرها!! غضبت، اهتزت كل بروزاتها..!
- مُشْ متربّي!!
قالت هذا لأنه لا يملك ثمن صفقة ما بعد العطر!
- أيتها النتنة!!
مضت وتركته يموء كقط جائع.!
غرق أصحابه في ضحك مميت، وعادوا ليتعاونوا على غير البر والتقوى، يجمعون السجائر وعلب الكبريت وكثيرا من الحلوى، ثم راحوا يعيدون استقامة الطاولة التي أسقطها وهو ينهب بمنخرتيه عطرها الفاخر.
شدّ كل واحد ظهره على الحائط المثقل بصور زعماء الانتخابات الفارطة.. اعتدلوا جميعا حين رأوها راجعة ككومة نار هائجة!! اصطفوا فمنهم من يحك قفاه، ومن يضع يده على خده، ومن يلوك أظافره بأسنانه.. ومنهم من حجز يده بين فخذيه يستثمر ما يمكن أن يلتقطه نظره الثاقب.!! تقترب شيئا فشيئا.. تلتفت إلى كل اتجاه تراود السيارات الفخمة والجيوب النظيفة المبطنة.. تقترب أكثر.. صارت الصورة واضحة:
- الآن أدرك الجميع أن البلدية تؤدي واجبها في إنارة الشوارع كما ينبغي!!
راح يرقص برجل واحدة:
- تحي البلدية..! تحي البلدية..!
أحد المارة يسحب سيجارة من العلبة:
- أعطني الوَلْعة من فضلك.
صاحب الطاولة وهو شاهق حد الخشوع:
- أين أثر الوَلْعة من هذه القنبلة!؟ إنها تقترب وسنشتعل جميعا حتى صور الزعماء اللاّصقة على الجدار خلفنا.
ضحك الزبون واصطف معهم.. دقائق وتقف سيارة فاخرة، ركبت فقامت ساعة تجوالها، المشاهدون تحت الحائط فلت الريق من شفاههم، وتنهد الطويل تنهد اليتم:
- آه أخذها الكلب.!!
من كان يضع يده بين فخذيه يكلم صاحبه وهو يلهث كما لو أنه كان يجري:
- أنا أكملت واجبي..!!
فصرخ في وجهه:
- أبعد عرقك عني فرائحتها لا تزال في أنفي..!!
ثم ابتعد الجميع عن الجدار عندما أقبل عمال النظافة ليزيلوا صور المرشحين القدامى تحضيرا للانتخابات القادمة. ثم أخبروهم أن صاحب السيارة الفخمة الذي أخذ العطر بشحمه ولحمه هو زعيم انتهت عهدته في التو، فراح أحد المحرومين يجزم أنه سيبذل كل جهده للوصول إلى السلطة.
قصة/ عبد الباقي قربوعه – الجزائر -
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
في المستقبل سنعلن عن أسماء جميع المواقع التي تنقل عنا دون ذكر المصدر
ألف
08-أيار-2021
21-نيسان-2012 | |
25-آذار-2012 | |
31-كانون الأول-2010 | |
21-كانون الأول-2010 | |
04-كانون الأول-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |