حكاية الناقة
خاص ألف
2010-12-04
- بكم هذه الناقة ؟
- هذه الناقة ذات شأن عظيم يا صاحب الدراجة النارية، إنها أصلية النسل، وهي ناقة مأمورة كما تعلم، وقد اشترتها أمريكا لتستدل بها على المكان المناسب للقاعدة العسكرية التي يمكن أن تحطها في أي ظرف من ظروفها الأمنية الطارئة.
لك عندي ناقة جرباء كالتي يركبها العرب في رحلتهم إلى القمر، وهي ناقة معفية من الرسوم الجمركية، لأنها لا تشكل أي خطر على وكالة نازا، ولا يعتبرها مجلس الأمن الدولي أسلحة دمار شامل، وهم يؤجلون النظر في صحتها لما تدره من أموال عندما يأتي دورها لتُتهم بأنفلونزا النوق كما اتهمت صديقاتها الحيوانات الأليفة، والذي أهملته وسائل الإعلام أن القاعدة أعلنت في شريط غير مسجل:
- على الأمة أن تحذر حتى لا يجرهم الروم إلى أمراضهم الخطيرة، لأنه كما يعرف الجميع أن الخنزير المتهم سابق ذي سبق ليس أليفا لدى المسلمين.
فاحتجت المنظمات الحقوقية العربية على هذا البيان، ولا يعرف أحد سبب الاحتجاج.. واصل التنظيم بيانه:
- يمكن أن تجتاح هذه التهمة جميع الحيوانات الأليفة ثم تتعدى إلى الحشرات، فيأتينا بغتة وباء أنفلونزا الذباب، حينها ستعلن منظمة الصحة العالمية بأن العرب سينقرضون قريبا بحكم كثرة النوق الجرباء في صحرائهم. انتهى البيان.
ولذلك أنصحك بأن تشتريها مؤقتا لسعرها الزهيد، ويمكن أن تتخلص منها متى قرُب خطرها، ثم لك عندي ناقة تلعب على جوانبها المصابيح الملونة، فأنت مخدر بثقافة غربية لك رغبة في الاستمتاع بالمركبة أكثر مما تفكر أين هي ذاهبة بك! كحال آبائك الكرام التائهين على متون قوافل إلكترونية في الأعماق وفي الآفاق، دعك من هذه الناقة فهي مكلفة جدا وقد تاهت في صحراء كاليفورنيا، ويمكن أن تكون قد تواطأت مع قطاع الطرق ليأكلوا لحوم إخوانهم في الجزيرة العربية، هذه الناقة أنصحك بعدم شرائها فهي ناقة باهظة الثمن، فقد كانت تقطع مسافات كبيرة بين الشام والعراق للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، هذه الناقة أدخلت عليها أمريكا تعديلان إلكترونية، فقد وضعت على ظهرها إنسانا آليا وزودتها بآلة تحكم، وصارت تهرول في حلقة مفرغة، أما قائدها عن بعد فصار لا يهمه متى تصل الناقة إلى جاره الجائع، فما يهمه أن تقطع الناقة مسافة الدورة في ظرف زمني قياسي ليحتفل في بذخ صاخب بالنصر العظيم.. دعك منها فهي غالية الثمن أيضا، ولن تجد فرصة لشرائها أمام المنافسة الشرسة، فلم تعد للعرب مصالح يمكن أن تضيع، ولا تجارة يمكن أن تبور، ولم تعد لديهم نخوة حامية لنصرة أي مظلوم ولو على مسافة قريبة، ولم تعد ليديهم رغبة التباهي بكثرتها كما كان أبو جهل يفعل، ولم تعد أيضا تصلح مهرا للمرأة الجميلة في الجزيرة العربية.
كأني بك تفكر في شيء غريب وأنت تنظر إلى ظهر الناقة، احذر أن تضع فوقها هودجا وتضع عروسك داخل ستائره الملونة، إنهم سيتهمونك بالتطرف والغلظة والخشونة، وقد تطلب منك العروس الطلاق على الفور، تقول لك: أتريد أن تعود بي إلى القرون التي خلت؟ وربما تنزعج وتصرخ فتحرجك أمام السياح الأجانب، ثم يعتبرونك متخلفا قديما باليا، وقد يهرعون نحوك ليأخذوا صورا حتى يتذكروا كيف كان حال العرب قديما، وبجرأة يتطلعون إلى زوجتك داخل الهودج ويعتبرون ذلك مظهرا سياحيا رائعا، أنصحك أن تُنقذ تلك الناقة المسكينة التي يتخذها أولئك البريطانيون مائدة للشراب، فهي جاثية في ذلك المكان منذ مدة، يأكلون ويشربون على ظهرها، وأحيانا يتخذونها دروعا حيوانية، ادفع مبلغا بالدولار الأمريكي واعتبر ذلك جهادا في سبيل الله.. وإن جادلك أحد في أمر شرائها فاحذر أن تخاطبه بلغة سوق عكاظ فإنك ستغدو تحفة بينهم، اطرح الموضوع كأنك تناقش قضية حقوق الحيوان، وأن المنظمة العالمية تمنع ذلك.
أنصحك أن تركب ناقتك – عفوا – دراجتك النارية وتسافر، فالناقة قد مُسخت طباعها، فبعد أن كانت تصبر على عطش الأيام الكثيرة صارت شاردة على حواف ممرات الإسفلت، تُقلب رأسها يمينا وشمالا تتوق إلى شراب الكوكاكولا.
08-أيار-2021
21-نيسان-2012 | |
25-آذار-2012 | |
31-كانون الأول-2010 | |
21-كانون الأول-2010 | |
04-كانون الأول-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |