القصة هامش يحيط بالمتن
2010-03-22
القصة القصيرة وما تبعها من "جدا" ومن "ومضة "هي غواية هامشية ولكنها تتجاذب المحور مع غيرها من المتون الأدبية بقوة وهذا موطن قوتها كالقناص الذي يكون بعيدا عن رحى المعركة لكنه هو من يصيب ويكسر عمود المعركة الذي تدور عليه الرحى .
علي الراعي في مواويله يؤسس لمقولته القصصية عبر" ما يشبه الدخول": لو أن الشجرة التي نام تحتها نيوتن غير شجرة التفاح . ولو كانت الثمرة التي سقطت غير التفاحة . هل كان عرف سر الجاذبية؟! ".
سنتساءل بنوع من المكر . أرتبط الهبوط بالتفاح والهبوط انجذاب نحو, وفي عالمنا إلى الأسفل , والجاذبية هي الجاذبية الأرضية , والتفاحة معرفة مضمرة والجاذبية معرفة معلنة وعليه ألا تأتي الإجابة الإنسانية على قصة علي الراعي على شكل النفي المضمر بالإيجاب , لأن كل الثمار تتساقط وبل حال كل من على هذه الأرض , لكن القصة كما قلنا سابقا تحيلنا إلي سياق الحياة التي هي أسئلة وأجوبة, لا تقول ولا تصمت ؛لتترك الباب مواربا لدخول خيط الضوء في نسيج العادة, فيحركه .
قصص علي الراعي تأخذ المنحى السابق في المعالجة عبر ثلاث عتبات مشتقة من العتبة الرئيس وهم :" مواويل الحب"," مواويل الحياة ", ومواويل بعيدة " ويضعهم بين قوسين " ما يشبه الدخول" وما يشبه الخروج" ليضبط جدلية السؤال والجواب في القصص المنداحة بين دفتي المجموعة.
في قصة" تأمل" من عتبة مواويل الحب وهي ": بحب تأملها طويلا و... همس لها : في حبك أنا ممتن لأثنين : الله والشيطان..!!. تسأله : تجمع الأثنين معا؟.يجيبها : الله لأنه جمعني بكِ, والشيطان لأنه يصرّ أن يظل ثالثنا..!!." من جديد يغوي القارئ ويزرع به علامات الاستفهام والتعجب للممارسة الجاذبية المعرفية.
يعتمد علي السخرية المبطنة ليفخخ العادة , عبر جمل سريعة مقتضبة عارية إلا من تأبير السؤال في الجواب والعكس أيضا؛ لتثمر معرفة التفاح .
في مواويل الحياة يزيد من جرعة السخرية لتصل لحد التهكم , ففي قصة " منزل": فكر.. وهو الرومانسي والشاعري جدا, بشكل منزله الذي سيبنيه على أرضه الجميلة.. قال :" سأبني أولا " قبوا" للحيوانات , وأقيم فوقه منزلي الجميل.. أنشأ قبوا, وأقام فيه حتى مات" , فالتهكم هو الأسلوب الأنجع للهدم البناء عبر إشاعة الفوضى في روسم الثبات .
هكذا يجدد الهامش المنسي نفسه عبر إعادة قولها بالقصة والاستفادة من إمكانياتها للدخول في قلب المتن الحياتي والهويات القارة لبث بركان الحياة فيها كي تظل تتقلب في شهوة المعرفة ؛لذلك يختم الراعي في " ما يشبه الخروج " في غيابك تمدد أيلول على كامل مساحة الوقت, لا تتركيني انتظر طويلا الربيع المخبأ في جيوبك" فعبر الورق الساقط في الخريف يصعد الورق الأخضر عبر النسغ إلى الأغصان, فالهبوط بالمعرفة يؤدي للصعود بها هكذا نفهم الإجابة المضمرة في " ما يشبه الدخول" وعلى مستوى الكون لا فوق ولا تحت , فالهبوط والصعود قضية إجرائية كما السؤال والجواب, فالمعرفة أكثر منهما بكثير .
في كل مجموعة قصصية جديدة تطرح في الساحة الأدبية ؛ يخرج فطر السؤال : ماالذي في جعبة القصة ؟, وماذا يمكن لها أن تقول ؟.وخاصة أن الرواية هذا الديكتاتور لا يوفر سمتا واحدا إلا ويطرقه ويجاريها في ذلك الشعر ويخيل للمتلقي ولكاتبها ,أي القصة ,أنه يشتري سمكا في بحر. وكما خرج فطر السؤال السابق يعتلي الجواب المباغت فطر السؤال : إن الحياة مجموعة من القصاصات قبل دخولها النسق الذي يصنع الهوية , فإذا كانت الرواية تقدم هوية كاملة والشعر كذلك , فيكون ملعب القصة اللحظة السابقة لتشكل الهوية وهي أشبه بمرحلة الطفولة , حيث الحياة أسئلة وأجوبة لا تقول ولا تصمت بل تتحرك , فالقصة هي الحركة التي تجهز للمسير ولكن لابد من القول كم تكثر الخطوات المتعثرة التي تدعي الرشاقة؟!.
"كمواويل " مجموعة قصصية ل علي الراعي صادرة عن دار بعل 2010
باسم سليمان
النشر الورقي جريدة الثورة
bassem- [email protected]
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |