حرباء الكتابة الإنسانية
2010-04-05
تطرح القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والقصة الومضة ومهما تتالت المصطلحات التي تلهث وراء هذا الجنس الأدبي النافر بطبعه , قضية خصائصها الحربائية التي تكاد تتنكر لذاتها بين قصة وأخرى , فما أن تضبطها في تقعيد ما حتى تثور عليه وتهدمه وتسخر منه وتتهكم عليه معتمدة على قدرتها على الاستفادة من كل جنس خطه القلم مع طموح لمقارعة الشعر والرواية والمقالة , كأنها ثعلب الغابة الذي يعيش بمعية مكره , فتارة يكون أسدا وتارة سلحفاة.
فيها تتم الخطة الحكائية على ردة الفعل , اللقطة السريعة لكاميرا القص , لتتأمل بعدها التداعيات الناتجة بسببها والتي تدخل في نسيج كلام القارئ الذي يخضع حكما لحلميتها,لحظة قراءتها لتضيع بعدها تفاصيل الحلم ليندهش ويقول: لقد حدث ذلك معي مسبقا أو بمعنى أخر لقد قراءة قصة قصيرة تتنبأ بما يحدث ؟!.
هذا الغياب أو التسلل من ذاكرة القارئ هو ما يميز هذا الجنس الأدبي السابق الذكر , غياب مقصود للحضور في اليومي والمُعاش , فالقصة (....) لا تستهويها رفوف المكتبة ولا الإشارة لها كمرجع في موضع ما , فهي تعي ضآلة حجمها وصغر حيز المناورة لذلك تلجأ لهذا التسلل وتسجل هدفا من خلال حديث القارئ وذلك عن طريق السخرية والتهكم لتصل لدرجة المثل الذي يسد مسد تجاذبات الحوار , فيكون كالحكم الفاصل , فلا كلام بعده .
قلنا السخرية والسخرية أسلوب للدفاع يعتمده الإنسان للتقليل من حجم ما يواجهه أو للتخفيف من ثقل ما يحمله وحين تعتمد القصة (.....) هذا النهج تستطيع به أن تعيد ترتيب أوراق المواجهة الآنية مع الحياة وصعوباتها وكأنها تبث بالقارئ أملا , فيتجاوز الصعوبة ولكن يكون ذلك, لا عبر الفصل بينها وبينه بحيث يرجع لها في كتاب بل بالاندماج معه؛ لذلك نستطيع أن نقول وكل من يقرأ القصة القصيرة :هذا النسيان لها ككتابة في كتاب وظهورها باليومي المُعاش من صفات الغياب والتسلل الذي يتلبسها في ذاكرة القارئ وحضورها الشفاف في فكره وحديثه .
قلنا تهكم والتهكم درجة يتجاوز فيها الشخص السخرية كأسلوب دفاع إلى الهجوم وليس هنا الهجوم لرد الهجوم المقابل بل للتغير , فالتهكم يريد تدمير القار من الأفكار والأشياء ومن ثم البناء عليها من جديد , فهو أسلوب ثوري يطمح لتغير العالم بصيغة أكثر جمالا وحرية .
وهنا القصة (....) تعمد لكسر السرد والدخول به بلا تنبيه وتعمل على دمج قمة التصاعد الحكائي في لحظة النهاية عبر إيقاف القارئ على جرف لحظة دخوله في القراءة , بتسديد الضربة القاضية لكل ما تقين من صحته بخنوعه له عبر العادة , فيختل توازنه ويسقط لكن سقوطه نحو الأعلى ويأتي واقفا على قدميه ويمشي؟!!!! , فالأمر كالسقطات التي يعاني منها الطفل قبل خطواته الأولى ولكن بعد أن يخطو ينسى تلك السقطات كالقصص التي تنسى لكن تدخل في التجربة الحياتية لقارئها.
الغياب والتسلل في الحضور إلى المتن الفكري والحياتي للقارئ من أهم صفات القصة – ضع ما تريد من الصفات هنا- وغيابها وحضورها يتجلى بأهم الصفات البشرية التي ساعدت الإنسان في الخروج من الاستكانة للعادة وهما السخرية والتهكم وكل قصة( ....) لا تحتوي بعضا منهما ينقصها الكثير لتكون في هذا الجنس الأدبي .
وبناء على طبعها الحربائي يغدو الكلام السابق ضبطا آنيا لها لا بد لها من جبه بأسرع وقت وإلا لن تكون تلك القصة , ضع ما شئت من المصطلحات لها.
جريدة تشرين
باسم سليمان
[email protected]
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |