مرايا الأنا ووحدة الذات في وقت لبكاء الأصابع
2010-04-11
يقيم منير محمد خلف نصه الشعري في مجموعته " وقت لبكاء الأصابع" على مقولة المرايا حيث يوزع أناه بين المخاطِب والمخاطَب وبين هاتين المرآتين وما تعكسانه من وجودهما تظهر انعكاسات جوهرية هي القصيدة كحامل لشعاع الشعر والأنثى كمحمول ليتم بعدها تبادل الخطاب بين هذه الانعكاسات الأربعة , فتمتزج الأصوات لتقيم كوجيتو : أعرف آخرك.
".. في الطريق../"أنا " القصيدة ذاتها/ تنأى قريبا في يدينا/ ثم تبعدنا إلينا" هذا القول يضبط البوح الشعري ويمأسس عليه اكتشاف الآخر/الوجود الذي فيه " من لا (أناي) إلى(أناك)/ رجع الحنين إلى (هنا) وبقيت وحدي في(الهناك)/ماض على ظهري القصيدة/ حاملا إيقاع صمتك/وهو ينفض خافقيه على الهلاك" .
والوجود الذي يرومه :هو الوجود الشعري, كونه التألق الأبهى لذاته المغتربة , فيحدده بثلاث عتبات رئيسة " الطور الأول: فراديس القصائد السبع" و" الطور الثاني: ما لا يحق لي" و"الطور الأخير: كامتحان العزلة ورثاء البديل".
عبر هذه العتبات أو الإنولادات وما لحقها من تفصيل يوزع مراياه ليكثف فيها الضوء في بؤرة القول الشعري المتمظهر في إيقاع تفعيلي مدعوم بقافية تتناوب لتنجز آه الشاعر التي هي آخر مجاز البوح عبر كلمات تجد إرثها النفسي والدلالي في تلك الذات المتشهية للانعتاق وانجاز قصيدة تعيد الذات من اغترابها وذلك بتلك الجمل الهامسة والوجدانية لحد الغنائية التي تنطلق من الأنا نحو العالم وبالعكس مستحضرا جوا صوفيا وتناصات قرآنية وشخصية كشخصية النبي يوسف ومحنة الجب والشاعر محمود درويش في " لماذا تركت الحصان وحيدا " وكأن الشاعر يقاطع بين خطه وخط محمود درويش في قصيدة " إني رأيت" ومن ثم الخط الرئيس الذي هو :يوسف ليصل لتتطابق النتيجة ,فيوسف عاد بالملك العظيم بعد غربته ومحمود أقام وطنه في اللغة الشعرية الإنسانية العالمية التي لا تزول ؛كجواب على " لماذا تركت الحصان وحيدا" والشاعر يتطلع لتطابق النتيجة , فيكتشف عبر غربته آخره الكامل فيه, فيلتقي الصوت والصدى والشعر والقصيدة والقلب والحبيبة ومن ثم الأنا والأنا , فتختفي المرايا والانعكاسات ولا يبقى إلا الضوء المستغرق في ضيائه.
" الآن وقتك/ كي تعيد لي حياتك أو حياتي/ أو تكوني قرب صوتي/ تاج نور/ أو غزالا من يقين / يستفز جموح قلبي/ ولتصيري برد ناري/ وابتهال الأتقياء/ وحفنة الرؤيا/ قميصا من ذكاء الروح/ يهمي فوق إكليل الحياة/ ليستعيد تراث يعقوب القديم / وشهد حزن أخضر النظرات/ خالصة لسر ضائع/ كي تمطر الأقمار/ فوق جبين قلبي/ وامتدادات الخراب".
منير محمد خلف في صيرورته الشعرية في هذا الديوان جاءت الكلمات لديه والجمل الشعرية في الأعم الأغلب ضمن ما قرّت عليه ,فلم تشف دلالاته عن ظلال مباغته للتلقي , فظلت تسبح في مألوفها وما أنجزته أفقيا ولكنها رغم ذلك غنية بالشحنة العاطفية والحميمية كأنها أصابع تضم يد المتلقي ,فجبرت ما أشرنا إليه.
كذلك التناصات التي أقامها ,فبقيت في أفق التناص الرئيس تمتح من مائه ولا تزيده إلا بشارب جديد ,فلا تلك المياه تبخرت ومن ثم تكاثفت, فأمطرت, فتفجرت بينابيع جديدة؛ لكن لا نستطيع إلا أن نقول : إنه حافظ على مائها بالعذوبة ذاتها وكأنها لتوها قد تدفقت من فم النبع.
"وقت لبكاء الأصابع" للشاعر منير محمد خلف صادر عن منشورات اتحاد الكتاب العرب لعام 2009
باسم سليمان
الثورة
[email protected]
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |