صحفيون على الأرصفة
خاص ألف
2010-04-25
"الصحفيون أولاً .. الصحفيون أولاً"، قالها أحد الأصدقاء ونحن نتحدث عن فشلنا الإعلامي الماحق وعلاقة هذا الفشل بالأرصفة ، بعد مضي مسافة زمنية لا تقل عن أربعة سنين ، كان يمكن لأي منّا خلال هذه المدة أن يطور نفسه بنفسه فيما لو أعتمد على ذاته دون الآخرين ! وفي الاتجاه الذي يريد وليس الذي يُراد له! ، قال: لا أدري سرّ الارتباط الذي يربط بيني وبين الأرصفة هذه الأيام.. هل الرصيف انتماء؟ .. وضحك ، قلتُ: يا عزيزي الذي لا عزيز له! إذا كان لابدّ من ذلك، فعلينا أن نعرف كيف نستثمر هذه الأرصفة، ونوظفها في خدمة الكتابة، فأجمل الكتابات هي تلك التي تنبع من الأرصفة ، وأنت كصحفي، عليك أن تمتهن التسكع قبل أن تفكر بكتابة أي شيء على الإطلاق ، والصحافة لا تُمارس في مؤسساتها إلا بعد أن تتشبع بثقافة الأرصفة ، فهي مهنة متاعب، ولسان حال ما يجري على الأرصفة من أحوال الرعية .. أم تراك لا تريد أن تتفقد أحوال الرعية ؟..أجاب والدهشة تملئ وجنتيه : أوه ، بالتأكيد، فالرعية تهمني، وعليّ أن أتفقد أحوالها دائماً، لكن ألا تلاحظ أنك قد غاليت في مديح الأرصفة قليلاً؟.. ألقى بسؤاله عليّ دون أن ينتظر الإجابة طالباً الاستئذان بالذهاب، وحين سألته عن وجهته قال:سأذهب لأتفقد أحوال الرعية، ما بك يا رجل! ألا تريدني أن أتفقد أحوال الرعية؟!..افترقنا بضحكة جذبت أنظار المارة دون أن ننتبه. بقيتُ وحيداً على الرصيف، أفكر بالأمر، يا الهي! هل كان الأمر يحتاج إلى كل هذا الزخم من المبررات للتخفيف عن صديق تخرج لتوه من قسم الإعلام! ولا يجد عملاً ؟ .. كنت اعرف تماماً أنه لم يكن يقصد بحديثه عن الأرصفة مدى العلاقة بينها وبين مهنة الصحافة، فهو ليس روائياً يصنع من الرصيف امرأة جميلة يغازلها، وليس قاصاً يحمل بيده مقصاً ! فيقص به كلمة الرصيف ليستل منها مجموعة قصصية تُبهر القراء، وليس شاعراً ليترنم بجماليات الأرصفة وينظّم عنها قصائداً تُبكي كل من لا يعثر على عمل، وليس فيلسوفاً ليخلق من الرصيف فرضية يدعم بها رؤيته، إنما هو وبكل بساطة ووضوح متخرج لتوه ويبحث عن عمل، هل من عمل؟.. أعتقد، أنه "لا عمل" ما من عمل، هل في الأصل من عمل؟ .. فمن يمنح شخصاً ما عملاً وقد دخل الإعلام وتخرج متسكعاً! ألا يحتاج الأمر إلى بعض التأمل ؟ لا أدري، ولكن كل ما أدريه هو أنه إذا كان الأمر مرتبط بالطالب نفسه، فما لي لا أرى أمامي إعلامياً يتقن بحق تحرير خبرٍ أو كتابة تقرير أو تعليق أو حتى التميز بين هذا وذاك ؟ وهل يُعقل أن تكون البلاد قد خلت من أي طالب حقيقي يريد العلم والمعرفة ؟ ثم ما لي أرى هذه الطبقة السوداوية التشاؤمية التي تعلوا أغلب الوجوه إن لم تكن كلها؟ وهذه الأرصفة التي يتقاسمها الطلاب تقسيماً مصحوباً بضحكات لا نعرف ان كانت ضحكات أم بكاء؟ وتلك المصطلحات التشاؤمية التي شاعت في القسم كشيوع شبح مادة التخطيط أو الطيط مثلاً ،وأمور أخرى لن أذكرها .
قال لي الصديق نفسه ذات يوم: أنا ضائع! ولا أعرف أي خط أنتهج ولا حتى كيف أسير، فقلتُ له وأنا أحاول بذلك مواساته وتشجيعه دون أن أعثر على من يمكن أن يشجعني ويواسيني : الأمر يحتاج إلى بعض التركيز ، هناك فوضى هائجة تعم المكان ، وعلينا ألا نقدم العقل كله للإعلام ، فثمة علوم أخرى حري بنا أن نضعها نصب أعيننا حتى نعرف كيف نفكّر، لان الإعلام لا يعلّمنا كيف نفكّر ، وإنما يعلّمنا كيف ننقل ما يفكّره الآخرون، وأنا بطبيعتي، لا أريد أن أكون مصباً فكرياً فحسب،بل أن أكون منبعاً أيضاً، وأعتقد أن هذا من حقنا، أليس كذلك ؟ أو على الأقل أن تتكون لدينا رؤية نقدية قادرة على الفحص والتحليل ، وهذا ما لا يتوفر في القسم " قسم النوَّط" النوَّط المحفوفة بالأخطاء ، الأخطاء التي تدق بياض عقولنا ، عقولنا التي لاتنفع لشيء، الشيء الذي لا شيء فيه ، الفي الذي... فقاطعني قائلاً: أنت على حق ، لكن، من قال لك إننا تعلّمنا كيف ننقل ما يفكّره الآخرون ، فحتى عملية النقل نجهلها، إلا إذا كنّا في امتحان! .... وضحكنا، وسنبقى نضحك أو نبكي لا فرق إعلامياً إن بقي الأمر على حاله..حال الأرصفة ......
عماد حسين أحمد
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
03-تشرين الثاني-2013 | |
20-آب-2011 | |
30-تموز-2011 | |
06-تموز-2011 | |
12-حزيران-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |