عندما تصبح الطائفة بديلا عن الوطن
خاص ألف
2010-04-26
قالت لي في حديث يشبه الشكوى ..وكمن يبحث عن الحل والإجابة معاً :
أنا أعيش التخبط ..لا أستطيع أن أكون اجتماعية .. لا أستطيع الانخراط بين الناس إلا بمقاييس معينة ومواصفات محددة، أشعر أن وطني هو المنفى ...
كلماتي ضمن الشلة مؤطرة ...لباسي محدد ...حركاتي محسوبة ...الأغاني منتقاة ...الأحاديث مجهزة ..رنة الموبايل معروفة..
كم أتمنى لو كان الناس كلهم من طائفة واحدة يتزوجوا وينجبوا لكانت الحياة مثالية ولعاش العالم بسعادة أبدية ..
لماذا تتعدد الطوائف التي لا يسود بينها إلا التناحر والخلاف ...حتى وإن لم يظهر على السطح بوضوح فهو مخبأ تحت الأظافر ينتظر الوقت المناسب ليشهر سلاحه ...
لولا الطوائف..لما كنا مضطرين للااستماع إلى أحاديث التكفير كل يوم على لسان طائفة كل منها يكفر الآخر ..
لماذا نضحك على أنفسنا عندما نقول أننا نحترم الآخر من الطائفة الأخرى ..في حين يسكن في داخل كل منا اتجاه سلبي تجاه تلك الطوائف ...حتى وإن لم نخلقه نحنا بأنفسنا وحاولنا تجنبه نجد أنفسنا رهائن لبقاياه الذي غرست بذوره منذ البداية تربية الأهل وأفكارهم ثم رعته طبيعة المجتمع بتعدديته وثقافاته المختلفة ..كل حسب تفكيره واعتقاده ..لننتهي في النهاية إلى مجموعات متفقة في العلن ...وتغزوها الفوارق في الباطن ..
لن أكون مضطرة إلى ارتداء الحجاب ..مخافة من نظرة مسلم متعصب، أو أن أراعي مشاعر الآخرين على حساب حياتي التي أريد أن أعيشها كما أشتهي أنا لا كما يشتهيها الآخرون ..
لو لم تكن الطوائف لما كانت هناك جرائم شرف ..ضحيتها فتيات ذنبهن الوحيد تواجدهن في مجتمع رهن أرواح أبنائه وبناته لأفكار وعادات ترجعنا عقودا إلى الوراء ..
أتساءل أيهما أسمى عاطفة الحب التي تستطيع تجاوز الدين والفوارق والطبقات والعادات والتقاليد وتنجح في جمع إرادة شخصين أم جنوحي إلى ديني وطائفتي التي تبقيني داخل صندوق مغلق ..أعيد فيه في كل مرة اجترار أفكاري عن مجتمعي الصغير الذي لا يتجاوز الأهل ..ويبقيني في عزلة عن الآخر ...
كيف تكون الحياة هي إرادة أشخاص وعندما تريد هذه الإرادات أن تثبت نفسها ...نأتي بالدين وبالطائفة لنستل الروح منها ..
لو لم تكن الطوائف لما كنت مضطرة لأبحث عن فتيات من طائفتي لنقف في مجموعة منعزلة عن مجموعات من طائفة أخرى ..بشكل يوحي إلينا أننا لا ننتمي إلى هذا الوطن بل إلى هذه المجموعة بالذات حتى إذا ما بتعدنا عنها شعرنا بالضياع والقلق والخوف ، باتت الطائفة هي الملجأ وهي الحماية بنظرنا ..بدل أن يكون الوطن هو البديل ..
لو لم تكن الطوائف لما كان هناك تيار متطرف..يسود ويسيطر بأفكاره ...ولما كنا مضطرين لتأسيس تيارالعلمانية ..ولنبدأ حرب الكلام والردود من هنا وهناك دفاعا عن أحقيتنا بامتلاك أفكارنا المتحررة .. ولما كانت العلمانية هي اتهام بحد ذاته..
كنا سنصلي صلاة واحدة لإله واحد ...كنا سندافع عن فكرة واحدة ..ونعيش في بيئة واحدة ...
للوهلة الأولى تفاجأت بكلامها ..فمجرد طرح الفكرة ...يعني أرضا محروقة ..فكرا وفلسفة وأدبا وفنا وسياسية ومجتمع ..يعني غياب المفارقات ...والحياة هي في الأساس قائمة على المفارقات والمتناقضات ..
أقول لها عدم إيمانك بالمفارقات لا يعني أن تكون الحياة كما تريدين لها أن تكون ....فلولا سواد الحبر لكان البياض أصم ..ولولا البياض ..لكان السواد أعمى ...
لو لم تكن الراهبة..لما كانت المومس أو العاهرة ...فكما الراهبة توحي إلينا بالنبل ...كذا العاهرة توحي إلينا بالوقاحة ..لكن الإثنتين تعيشان في روحنا وتحملاننا على التفكير كل في ظرفها وفي حياتها.
لولا المأساة والأحزان التي نعيشها لما أدركنا يوما معنى أن نعيش السعادة وأن نتمتع بلذتها..
لو لم نسجن وتنتهك كراماتنا لم ندرك يوما معنى أن نكون أحرار ..
لو لم نعش الحرب التي تخلف ورائها الثكلى والعجزة والمشردين واليتامى والمشوهين ..لما أدركنا قيمة السلام وسعينا جاهدين لإحلاله ..
هي الحياة منذ بدايتها بنيت على مبدأ الخير والشر ...فكيف لنا أن نرسم الدوائر خارج هذا الإطار
××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
09-تموز-2011 | |
05-شباط-2011 | |
28-كانون الأول-2010 | |
10-تشرين الأول-2010 | |
14-آب-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |