حديثه يقودك إلى الممنوع وتتمنى برفقته لو يصبح الممنوع مسموحاً ..عندها فقط يخيل إليك أنك تعيش في مدينة فاضلة بطلها معن كعدان تسودها الاشتراكية المطلقة وتنتفي فيها الفوارق الطبقية.. أناسها بدون ملابس .. بيوتهم ليس لها أثاث.. غذائهم الخضار والفواكه .. لا ملكية فيها ولا صناعات.. لا قوانين ولا سلطة ولا حكومة.. عالم يعج بالفوضى .
مدينة لا تغيب عنها الشمس لا وزير فيها ولا مدير ولا سفير، مدنها لا قلاع لها ولا حصون ..
كلامه يغريك بالموت على يد قاتل محترف عن سابق قصد وتصميم بما لا يترك لك منفذا واحدا للنجاة ..
وحده الأمير التائه"نبيل الملحم" بظلال شخصيته يجبرك على الانعتاق من الحرية "النسيان" والعودة إلى الذاكرة الحية " الواقع "لتكتشف معه حقيقتك وتدرك أنك في بلاد العجائب وليس في المدينة الفاضلة
وعندها فقط تتذكر :
أننا في بلاد العجائب هذه ما زلنا رعية لم نرق بعد درجة المواطنين
وأننا إذا ما أردنا أن نضع حجرا فوق حجر فنحن بحاجة إلى موافقة أمنية وموافقة وزارة الداخلية والري والزراعة وقريبا وزارة الإعلام دون أن نعرف الرابط الذي يجمع ما بين هذه الوزارات مجتمعة إذا ما علمنا أن القضية هي بناء منزل على مساحة 190 مترا ..ما يحرض فينا السؤال الأكبر ..ماذا لو قررنا إعادة ترميم قبر صلاح الدين ..ما الذي سيحدث عندها ؟
ويخطرفي بالنا أنه أسهل على الإنسان أن ينسى وفاة والده من أن ينسى إرثه وممتلكاته، لنكتشف أن الإرث لم يعد إرثنا ولا الممتلكات ممتلكاتنا بعد أن سوروا البحر بالمنشآت السياحية وحولوه إلى سكن داخلي وصار لزاما على أهل البحر حتى يروه أن يصعدوا قبة السماء ويحصدوا النجوم الخمسة .
تستشرف من كلامه القادم وتعلم أن المستقبل يحمل إليك استثمارا جديدا للهواء الذي نتنفسه ليصبح لسان حالنا الذهاب إلى التاجر وشراء النفس بالكيلو وعندها يكون لديك خيارات ثلاثة:
- نفس طويل
- نفس قصير
- نفس مقطوع والأفضل هنا أن تشتري النفس المقطوع لترتاح وتريح
لذا وفقط اليوم قررت أن أعلن حبي للخلد وأن أجعل من ممراته مكانا لصلاتي وأن أنصب في كل حفرة مآذنة تكبر باسم كل هؤلاء الذين تولدت لديهم أحلام بأن السماء والنجوم والحياة خلقت لأجلهم ..ليكتشفوا فيما بعد أنهم كما الخلد تماما ..يحفر في الأرض لكنه لا يظهر للعيان أبدا وتولد أجيال لا متناهية من الخلد تحفر في باطن الأرض ممرات في كل الاتجاهات ثم تطمر من جديد عندها يشعرون بالألم ومعه يبدأ الإحساس والتفكير
لكن أحدا لن يغير مصيرهم ومعاناتهم لأنهم سيستمرون في حفر الأرض وسرعان ما ستطمر وهنا يدرك هؤلاء تراجيدية وجودهم في الحياة ..
جل ما نتمناه عندما تدور عنفة معن كنعان أن لا تجلب معها الرياح التي تجدد طاقاتنا الداخلية قبل طاقاتنا البديلة بل أن تجلب معها العاصفة التي تغرق بهيجانها واضطرابها الدنيا وتقتلع الأرض من مكانها لتضعها في مكان آخر فيذعن الجميع لثورتها ويعجزون عن مقاومتها
عندها فقط: يصبح لدينا يقين مطلق أن الهدوء سيحل بعد العاصفة
مشترك مع شوكوماكو