المقال النقدي بين امتداد النص وإقصائه
2010-05-10
تطالعنا الصحف بقراءات نقدية للكتب الصادرة حديثا يُعتمد عليها بإضاءة متن الكتاب, نستطيع أن نقول عنها : إنها ذوقية تناوش النقدي ولا ترتقي له وهذا ليس عيباً فيها بقدر ما هو من طبيعة المقال الصحفي الذي يتلبس اليومي والفوري وتحكمه ضيق المساحة ومنهج الصحافة اليومية التي تتوجه للقارئ العادي بالعموم ورغم ما سبقه ذكره نجحت إلى حد ما في تغطية انسحاب النقدي المختص إلى المجلات الأدبية التي هي في انحسار دائم والكتب النقدية التي قليلا ما تمخر عباب المنتج الحديث وتكتفي بالمكرس, فالنقد مازال يقف عند عتبة الأسماء الكبيرة يستجدي تسلق هرمها الإبداعي لينسج من نجاحها نجاحاً له.
ولكن يبدو أن المقال النقدي الصحفي " الذائقي" كثيرا ما يقع بالاستسهال والعرض الخاطف والأحكام المبتسرة مما يؤدي إلى تشويه صورة الكتاب الجديد وإبعاد المتلقي عنه الذي هو بالأساس يتجنب القراءة .
وهذا عادة ما يكون , عندما يكون المقال تلخيصا للعناوين أو إشارات لمضمونه سواء الفكرية أو السياسية أو العاطفية أو وصف الشكل الذي اتخذته الكتابة وعرضا للحالات الإنسانية التي يتناولها وكأن الكتاب قد يكون غير ذلك؟!.
وعليه ,ما قصدناه بالذائقي لا يأتي من متلقٍ بسيط بل من قارئ مختص يقارب القارئ النموذج , فلا تأتي مطالعته للكتاب عفو الخاطر أو للمتعة فقط بل هو يقرأ وفي ذهنه الكثير من الخطوط الأفقية والرأسية والتناصات التي تجعل قراءته مفتوحة الأمداء وهذا يعني استطالة الكتاب بتلك القراءة وامتداده في أفق التلقي ومن ثم فتح كوات ووضع مفاتيح تجعله أيسر وأقرب للتناول وترغب به من يقرأ المقال الذي يتناول الكتاب بل تقدم له خطة قراءة وتصوب له خطواته الأولى في ارتياد مجاهيل هذا الكتاب .
وهذا يعني إعادة كتابة مسيرة القراءة التي تمت للكتاب وتثبيت الانطباع الحق عنه من شخص ذي خبرة .
وهكذا إذا كانت الكتابة النقدية المختصة هي كتابة محو وإثبات من حيث هي كتابة على كتابة تكون كتابة المقال الذائقي هي كتابة على هامش المتن كتابة ترافق الكتاب وتمهد له وتعلن عنه وتشهر وجوده في سماء التلقي.
وبالطبع ليس المطلوب من هذه الكتابة أن تكون إيجابية أو سلبية ولا كتابة قيمة بل كتابة وزنية من حيث أنه لا تغفل جانبا وتضخم جانباً آخر , إذاً هي كتابة خصائص من خلال إعطاء كل عنصر حقه وبنفس الوقت شاملة الرؤية ,فتكاد تقدم بانوراما مصغرة عنه محمسة القارئ لاقتنائه بإثارة الإشكال حوله والتساؤلات التي سببها وغير ذلك .
هذه الكتابة هي ما تجعل الكتاب يمتد بالكتابات التي تتناوله , فيرى من عدة زوايا حسب القارئ , فيصبه الغنى من حيث لا يحتسب ولا يقبع منتظرا رأفة ناقد يخرج من عليائه ويمد يده ليتناول هذا الكتاب أو ذاك بمنحة قلما تحدث.
أما الكتابة الأخرى الابتسارية , فهي تستعبد الكتاب وتدفعه لمجاهل النسيان وتسحب الدسم منه وتخصيه وتعقمه , فتمر به والانطباع السابق مازال في ذاكرتك فتنفر منه ولا تقربه و ياريت لم يقربه أحد هؤلاء من يعملون " بالمشايلة" ويتركونه لورقة يا نصيب النقاد المختصين ولو طال به الزمن وتراكم عليه الغبار.
تشرين
باسم سليمان
[email protected]
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |