نشرت هذه المادة في زاوية أبجد هوز في جريدة الثورة، ولأن جريدة الثورة تتمسك بالقيم، ولا تنشر ما هو شائن ومعيب فقد غير الكاتب البيت الثاني والذي هو في أساسه:
كِنٌّ وكيسٌوكانون وكأس طلا مع الكباب وكس ناعم وكِسا‏
فحوله ليصبح على الشكل التالي
كِنٌّ وكيسٌوكانون وكأس طلا مع الكباب وزوج ناعم وكِسا‏
نعتقد أن بهذه الطريقة يصبح شرح الكاتب أكثر دقة ووضوحا
ألف
لا أعرف عصر ولا بيئة الأعرابي الذي وهو في أقصىحالات السعادة والأمان أنشد:
جاء الشتاءوعندي من حوائجه سبعٌ إذا البرد عن حاجاتنا حبسا‏
كِنٌّ وكيسٌوكانون وكأس طلا مع الكباب وزوج ناعم وكِسا‏
أما الترجمةالموضوعية المعاصرة لمفردات البيت الثاني فهي. الكِنْ: هو المنزل أو الشقة أو القصرأو المنتجع، وقد يتبعه شاليه بحري وسيارة. الكيس: هو الوديعة المصرفية أو الحسابالجاري في البنك، أو الدخل الثابت من الوظيفة عند الحكومة أو في أحد القطاعين العاموالخاص، أو الدخل المستور أو المفضوح من العمل الحر. والكانون: هو الصوبيا أوالشوفاج وما يلزم من المازوت. والكسا: هو ما يستر العورة من دكاكين البالة، أو يضفيالأناقة والأبهة من البوتيكات. وقد تجاوزت كأس الطلا والكباب لأنهما وإن كانا منالأساسيات لدى البعض، لكنهما ترف محرّم أو لا مبرر له لدى البعض الآخر، أما الزوجالناعم التي عنى بها الزوجة، وتخلص من تائها المربوطة لضرورة الشعر، ولأنها تصح فيالتذكير والتأنيث. وقد تركت الإشارة إليها إلى الأخير، لأنها لب الموضوع.‏
بعد شرح حوائجالأعرابي شرحاً معاصراً و(إبستمولجياً وديموغرافياً) ملاحظة معترضة: لقد حرصت علىوضع هذين المصطلحين لأن الموضة الدارجة تقتضي الاستعانة بما يشبه تلك الكلمات منأجل هيبة المقال وكاتبه. أما دقة المصطلح ومعناه فليس بالأمر المهم. أقول: بعد ذلكالشرح أعود إلى الزوج الناعم بالتاء المربوطة أو دونها، فهي المفصل الأهم في حياةالشاب، ليس بالمعنى العاطفي فحسب، بل بالمعنى الحياتي والوجودي والاجتماعي، لأن سنةالحياة والمجتمع الآدمي هي تكوين الأسرة بالزواج وإنجاب الأولاد. والبني آدم عندمايفكر بالزواج والارتباط، عليه أن يسعى للحصول على منزل يأوي به بنت الناس، ومايستجد من صبيان وبنات. ناهيك عن الحاجات الضرورية من براد وغسالة أوتوماتيك وغرفةنوم وصوفايات لغرفة الجلوس وعدة المطبخ، وهذه الحوائج لم تكن واردة في مفردات ذاكالأعرابي الشاعر، على الرغم من الترف الذي كان بحوزته، وأقصد كأس الطلا والكباب،إضافة إلى باقي مؤونة الشتاء.‏
لا أعرف نسبةالبطالة في البلد، لكن الكل يعرف أن الوظائف لا تكفي لكل خريجي الجامعات والمعاهد،وأن الجامعات لا تستوعب كل الناجحين بالبكالوريات، وأن فرص العمل الحر أقل بكثير منأعداد الحاصلين على وثيقة اتمام مرحلة التعليم الأساسي، وأن الأمر ميسر لدى أولادالأثرياء، فالبابا كفيل بفلذات كبده، فما العمل لدى باقي فلذات الأكباد؟ وهذا الجيلالذي هو أمل الأمة وعماد المستقبل، إذا غض النظر عن كأس الطلا والكباب، وعفّت نفسهعنهما، فكيف له أن يحلم بالزوجة الناعمة أو غير الناعمة، والتي لا يمكن أن تتمقراءة فاتحتها على نية التوفيق ما لم يكن مؤمناً، الكن والكيس والكانون والكسا؟‏
لحاك الله أيهاالأعرابي الشاعر، وطيب ثراك، فشعرك الذي كنت (تجاكر) به أهل عشيرتك، هو الآن يفتّقلدى الكثيرين، كثيراً من الهموم.‏
جريدة الثورة

أبجــــد هـــوز
الأثنين 24-5-2010م