دفاعا عن الضحك آخر ملاذات الإنسان
2010-05-31
تقول الخبرة الحياتية ومن ثم الطبية : إن الجرعات الصغيرة المتتابعة من السم تجعل الإنسان في وقاية من لدغة الأفاعي وبالطبع ,ما اللقاحات التي تعطى للطفل في صغره إلا من هذا المبدأ .
وهذا الأسلوب المذكور أعلاه لا يقارن أبدا بوسيلة " السم في الدسم" المنتشرة بكثرة على فضائياتنا المستنسخة جملة وتفصيلا عن فضائيات لمجتمعات تناسب ما تعرضه على أفرادها حالتهم الاجتماعية مهما بدت لنا مستفزة على جميع الأصعدة وبالتالي هذا الاستنساخ فاشل لدينا كما وكيفا لسببين : الأول, أن المتلقي رهين تابوهات ثلاث والثاني, أن الناطق مروج لهذه التابوهات لكن بمكر شيطاني, فمن ناحية يقدم لك وجبة معوية دسمة وفي اللحظة التالية يخطب بك عن ضرورة الصيام , فيصاب المشاهد بالفصام ولا يعود يدري أيقول : نعم أم لا؟!! .
وأمام هذا الوضع نرى المشاهد العربي الذي يستفزه مشهدا ما رهين لمشاهد أكثر استفزازية لا يحرك ساكنا تجاهها وكأنه يخضع لجهاز تحكم كما يُخضع تلفزيونه لجهز تحكمه.
وسقت هذا الكلام بعدما كثر الحديث في الشارع عن البرامج الساخرة وصار هناك نوعا من الاستهجان الذي بدأ يصل لحد إصدار ما يمنع بثه إن كان للمعارضين القدرة على ذلك.
لاريب أن هذه البرامج تجاوزت في كثير من الأحيان مألوفنا ,وهذه إذ تعتمد الصدمة في تقديم نكاتها ومراعاتها للحدود لا تتجاوز فقط الصفير الذي يغطي على الكلمة النابية ولكن هذا التجاوز ألا نراه على فضائيات الأغاني وفي البرامج السياسية التي تنكش جذور الخلاف وتمعن في تخصيبه والقنوات الدينية التي تصب جام التكفير على غيرها والدراما المتفهة والسطحية في معالجاتها والكثير من البرامج التي إن قيمتها لا تجد لها وزنا وخاصة برامج الأطفال كل هذا لايرى؟!؛ لأنه من قبيل السم في الدسم لكن اللقاحات التي تقدمها النكتة تجاه التابوهات الثلاثة , صارت هي من يخدش حياء العرب !!,ونسوا أخلاف السلف الصالح أن العرب يوما كانت تصنع أصنامها من التمور إن جاعت أكلتها ,أليست هذه قمة التهكم على وثنيتهم ورفضهم لها لا شعوريا ؟, ومن ثم تمتلئ كتبهم بما هب ودب من النكت التي لم توفر ممنوعا إلا وطرقته , إذاً كيف قبل العرب في ماضيهم هذا الكم من النكت حينما كانوا أسياد العالم , ألا يدل هذا على فهمهم الرفيع لدور النكتة في تقليب مياه المجتمع الفاسدة لتنبيه من يعمهون في وساخته؟! , في حين يرفضونه الآن وهم في عمق مستنقع البشرية يتناهبهم التخلف بدركه المتعددة.
النكتة كالخلايا "t" المسؤولة عن الدفاع عن الجسم , وتعمل عملها في التنبيه للتجاوزات التي تحدث والقضاء عليها , طبعا سيرافقها ارتفاع حرارة الجسم وبعض الصديد لكنه شفاء للجسم , لذلك مهما بدت قاسية, فهي كالكي آخر الدواء.
وجميعنا نذكر حنظلة ناجي العلي وكم شكل من خطورة على مكنة إعلامية قوية تسخر تحت إمرتها الكثير من الأموال وجعلها ترتجف, فعمدت لاغتياله .
النكتة واضحة كالطلقة وبسيطة كالماء واجتثاثها من مجتمع يعني الحكم عليه بالبلاهة , وأن كانت في بعض جوانبها قوية كالحنظل لكن المثل يقول :الدواء في المر وليس في الحلو, وأن كان لنا أن نختار , فلنختر أهون الشرين :وهي النكتة, بدلا من أعظم الشرين ,وهو القمع.
النشر الورقي جريدة تشرين
النشر اللكتروني خاص ألف
باسم سليمان
[email protected]
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |