النقدُ محكومٌ كالنصِ ( وعياً )
خاص ألف
2010-07-02
النقد ذوبان في النص، عين ثالثة ثاقبة ترى المرئي واللامرئي داخل النص وخارجه؛ هو أكثر من ناقد، وأكثر من كاتب، وأكثر من قارئ، وأكثر من قراءة أيضا، ربما هو ملامح كائن يعجز عن أن يكون موجوداً في الأصل. والنقد كنقد بالفعل، احتواء، كلّي ، مثل مصطلح الوجود ، المحبة، وكأنني أقصد الله، هل الله ناقد؟. كل الأرقام تتبع الواحد ، والآن، هل يجوز للرقم (2) أن يقول للرقم (3) أنا أسبقك عداً؛ حينها ، ألا يمكن للرقم ( 3) أن يردَّ بدهاء: ولكنني أكبُركَ، فمن الأكبر؟ ومن الأسبق ؟
إذن، المسألة مسألة نقص، سلسلة، إتمام، محاولات جادة لمعرفة حقيقة الرقم واحد. والنقد كجزء فاعل في حقيقة هذه المعرفة أو في معرفة هذه الحقيقة؛ فهو ليس حاكماً، آمراً ، بقدر ما هو محكوم مأمور كغيره، تماماً مثل النص، وربما أقول: هو نص آخر ولّده النص الأول أو ولّدته الرغبة الدائمة في الإتمام والخوف الدائم من النقص .. أليس نقيض الحقيقة حقيقة أيضا ؟ أو أتساءل: هل يمكن للضد أن يفهم بنفسه ما لم يكن هناك ضد آخر له؟..
النص، النقد، العالم كله، فمن ينقد من ؟ وماذا ينقد ؟ وهل ثمة خطأ ما ولم يشترك في تكوين الصواب مادامت الحقيقة لا تُفهم إلا بالتضاد؟..لهذا تحديداً أسأل: ما هو الخطأ ؟ هل هو الصواب أم الخطأ نفسه.
النقد إنسان، إنسان له رأيه، قد يكون " مع " أو " ضد" ، وفي الحالتين هو " مع " وإن كان في حالة تعارض؛ لكن من هو هذا الإنسان الذي يدعى نقداً؟ هل هو كائن أسطوري من عالم آخر؟ أم هو معبرٌ من جملة المعابر المؤدية إلى الهدف الأوحد ، المعنى ، المغزى ؟ دعنا نتساءل، فالوجود سؤال! تماماً، مثلما النص سؤال وكما النقد إكمال لهذا السؤال .
قِيل : في البدء كانت الكلمة (النص)، رغم أنه ما من كلمة دون متكلم، فالمتكلم أولاً ثم النص ثم النقد، وكأنه على نحو ما، لا وجود للنقد دونما نص، أو كأنه لولاي لما كنت أنت، فمن تكون أيها التابع حتى تنقد نص موجدك ؟ وهل ينقد المخلوق خالقه ؟ قالها أحدهم اثر موجة نقد، دون أن يعلم أن النص لا يمكن أن يولد إلا ونقده أو نقيضه معه.. هذا إذا كان النقد إلغاءً للنص كفكرة /محتوى/ وإبرازاً لذاته كنص بديل أجدر، وهي حماقة، إلا إذا كانت المعرفة هي المقياس.
النقد شيخوخة النص، هو نص متقاعد، نتيجة تراكم، وليس تشاكساً أو لعباً على الأوتار أو سلطة مستبد نرجم بها النص، هو معرفة اللا معروف فيما هو مدوّن، وصايا، استنباط، استقراء، استنتاج، بل هو الاستنتاج نفسه..
أكاد أقول: الناقد هو الذي يحويني وفكري والعالم كله، هو خليفة الله الحق، هل من خليفة ؟..إن كان لدينا ناقداً واحداً أو أكثر بقليل فذلك كرم بالغ رائع، أما أن يفوق النقاد الكتّاب، ففي الأمر خطأ .
يقول صديقي العشريني: أنا ناقد ! فأسألهُ : ما النقد ؟ يحمرُّ ويصفرُّ غيظاً وحنقاً، يقول : أتختبرني؟ وينطلق..أقولُ: نعم، أختبره، فالنقد اختبار، تشريحٌ لجسم النص الموضوع، عملية جراحية، النقد طبٌ في الأفكار، مداواة، صيدلية كاملة، قد يلدغ لكنه يشفي.. عفواً، عفواً..ما هو الشفاء أساساً ؟ أليس هو في النهاية معرفة المرض؟.. وكأن الشفاء والمرض توأمان من أم واحدة هي الحقيقة، أو كأن المرض شفاء، فالمرض تقدم! والشفاء في بعض الحالات مرض، حين يكون تكراراً لموسيقى القوقعة، موسيقى" هذا أنا وهذه أفكاري وأنا أحكم من خلالها"، لكن، من أنت ؟ من أنت دائماً، حتى تحكم على جديدي بقديمك ؟ ..
آه، ما أجمل المرض والشفاء، الثنائية، ما أجمل النص والنقد.. أتساءل: مادام للنص وللنقد سلسلة لا نهائية من النقد، فأيهما نص، النقد أم النص ؟.
أنا لا أقول : لا للنقد، ولا أقول: هيّا يا أقلام العالم أكتبوا ما شئتم وكيفما شئتم، وإنما أقول: النص معرفة والنقد معرفة، وبالمعرفتين نعرف جزءاً كاملاً من أجزاء الحقيقة التي لا نعرفها، حقيقة الرقم واحد .
×××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.
ألف
08-أيار-2021
03-تشرين الثاني-2013 | |
20-آب-2011 | |
30-تموز-2011 | |
06-تموز-2011 | |
12-حزيران-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |