النظم القصصي في رماد الأيام
خاص ألف
2010-07-31
تطورت القصة من الواقعية إلى الواقعية الاشتراكية ومن ثم الواقعية النقدية وهذا في جانب من تجلياتها الكثيرة عبر المذاهب الأدبية التي امتزجت ودخلت في طور التجريب وخلعت المقاييس المعدة سلفا واشترع السرد القصصي لذاته لذة المغامرة بحيث صارت كل قصة قد تبتدئ مذهبا لوحدها بعيدا عن ما سنه النقد اللاحق لحركتها.
في رماد الأيام المجموعة القصصية ل د. عيسى درويش يقوم القاص بتمهيد شبه نقدي لمجموعته ويصفها بأنها من القص الواقعي وعليه يتبادر لذهن المتلقي السياقات المذكورة سابقا ولكن مع كل قصة ينتهي من قرأتها ينمو السؤال التالي : هل يكفي توصيف الأحداث لصناعة قصة بعيدا عن الفنية المتضمنة كل من التصعيد في الحدث القصصي والخاتمة المفاجئة ونمو الشخصيات رأسيا وأفقيا ؟.
وهل أسلوب القاص العليم بكل شيء والذي يظهر مباشرة في هذه المجموعة مازال يدعم وجوده السرد القصصي وفنية القصة أم عليه التخفي ولبس أقنعة الشخصيات والأحداث بحيث تبدو لمسته كالريح التي تحرك الأوراق لكن لا ترى ؟!. وهل تتحمل القصة أسلوب الوعظ كنوع من الواقعية في تغير الواقع؟.
في قصة العانس يقدم القاص قصة الفتاة الجميلة والغنية والمتكبرة التي لم ترض بالزواج من مَن تقدم لها , فتندب حظها في ما بعد لتخرط في العمل التطوعي وتشاء الصدف أن تلتقي بأستاذ الفلسفة الذي كان يوما مدرسها وهو بالطبع لم يتزوج ونتيجة لحادث أصابه الشلل ,فهو في دار رعاية العجزة وعندما يحدث اللقاء يلمح القاص لبعض الآمال في رأس العانس والأستاذ ولكن تنتهي القصة ببكائها وشكر الأستاذ لها كبنت له .
وفي قصة " نقاط من الدم " يقص القاص سيرة الفتاة التي غرر بها أستاذها نتيجة جهل المجتمع وجهلها وكل ذلك عبر وصفي افتعالي للوصل للحظة زواجها من قريبها المحامي الذي يتقبل فقدانها عذريتها بكل صبر!!.
تدور القصص على هذا المنوال , فالشخصيات مرتهنة للنصيحة التي سيقولها الكاتب , فلا عمق لها ولا قول وكأنها دمية في يده يعمل على أدلجتها لتحقق التغير المنشود والأهم أن عنصر التخييل مفقود جملة وتفصيل وكأن القصة قد نسخت عن ألسنة النسوة في جلست نميمة صباحية على فنجان قهوة يعقبها قراءة الطالع .
وعند النظر لطبيعة العناوين سواء من ناحية العنوان الرئيس والعناوين الداخلية للقصص" البؤس صناعة الإنسان- إنهم يقتلون الأطفال والحمام – الحب في زمن البزنس – خيبة شاعر" نجد كيف سطحت العتبة ومات التناص فيها مع النص الظل المفترض فيه أنه صار من فنيات القصة الحديثة وإضافة لذلك كثرة الكليشات الجملية في متون القصص بحيث يكمل المتلقي الجملة بدلا من الكاتب .
النظم القصصي الذي يغزو القصة القصيرة السورية يذكرنا بمقولة النقاد القدماء حينما يطالعهم شاعر أجاد الوزن والقافية ولكنه لم يقل جديدا وحتى لم يتبع الشعراء الكبار , فكانوا يقولون عنه نظاما وهنا في النظم القصصي نحتاج لمقدمة وعرض وخاتمة على امتداد عدة صفحات وتكون لدينا قصة !!.
رماد الأيام مجموعة قصصية د. عيسى درويش صادرة عن دار بعل لعام 2009
×××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
29-كانون الأول-2018 | |
02-حزيران-2018 | |
17-آذار-2018 | |
23-كانون الأول-2014 | |
04-آذار-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |