تخلف..ومع سبق الإصرار والترصد
خاص ألف
2010-09-15
كتبت وكتب غيري عن جرعات التخلف التي تحملها بعض المسلسلات الرمضانية وبشكل خاص ما يتناول منها البيئة الدمشقية والشعبية, لا أعلم سبب إصرار مؤلفي العمل من كاتب النص إلى مخرجيه إلى الممثلين المشاركين فيه, إصرارهم على إظهار البيئة الشعبية على أنها جاهلة ومتخلفة ولا يحكمها لا عقل ولا حتى قانون باستثناء قوانين (العكيد) و(الأعراف) و (التقاليد) وما تتداوله النسوة من ثرثرات لها علاقة بمصالحهن باقتناص (عريس) أو إرضائه بعد التمكن منه وولادة صبي يحمل اسمه...
لو لم أعرف أسرة دمشقية وحلبية, ولم أعرف بعض ممثلي هذه الأسر الذين تجاوزت أعمارهم السبعين, لو لم أقرأ ما كتب أبو خليل القباني ونصر الدين البحرة وقتيبة الشهابي ونهاد قلعي وحكمت محسن وسهيل ملاذي ونجاة قصاب حسن وغيرهم كثر, لو لم أتعرف على إرث فخري البارودي وخالد العظم وعبد الرحمن الشهبندر وآل العظمة ومردم بيك والحفار وغيرهم من المتنورين وناشري ثقافة العلم والتقدم والتطور, مع الحفاظ على الجميل من إرثنا, والجميل من تقاليدنا, لصدّقت ما تصول به وتجول هذه المسلسلات التي لا صديق فيها ولا مصداقية.
قد تكون زاوية نشرتها سابقاً سبباً في إقحام طبيب في الحلقة الثانية من المسلسل في جزءه الخامس, لكن هذا الاقحام جاء عكس ما تمنيته, فالطبيب المتعلم والذي يفترض أنه يحمل شهادة طب جامعية, ينصح الحارس الليلي بأن يذهب إلى العطار عصام ليعطيه الدواء لعلاجه, لا أعلم من هو المسكين: الحارس المريض.. أم الطبيب الذي لا يعرف أي مقو جنسي إلا ما هو موجود عند العطار عصام..؟
أم عصام الذي وقعت عليه مصائب أمراض الأمة كافة خلال المراحل الزمنية التي يتناولها المسلسل..؟ الوهن الجنسي في فترة (الوهن التاريخي)..؟
ليس لدي إحصائيات عن أعداد الأطباء والعاملين بالشأن الطبي خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين, وممكن الحصول عليها, ولا أعتقد أبداً أن هؤلاء درسوا في أوروبا ليعودوا إلى وصفات العطار, كما أنني لا أظن أن النهضة التنويرية التي بدأت مع نهاية القرن التاسع عشر لم تستطع أن تقتحم باب الحارة العتيد.
بالمناسبة: علمت أنه بين أحياء دمشق لم تغلق الأبواب فيما بينها, والأبوبا التي كانت تغلق كانت أبواب ما يحيط بدمشق (أبواب السور) وبسبب الاحتلال الذي كان يتمركز أساساً خارج المدينة,
لن أتوقف عند هذه النقطة وسأتركها لمن يبحث عن الدقة, لكنني أوجه تحدّ لصانعي ومروجي وحتى مشاهدي مسلسل (باب الحارة) وأمثاله:
هل رأيتم كتاباً أو صحيفة أو حتى راديو في أي مشهد من مشاهد المسلسل...؟
وما هو السبب الحقيقي في غياب هذه الوسائل الاعلامية مع أننا رأينا البنادق والآليات وحتى أصباغ الشعر الرمّاني المعاصر, وكافة مظاهر التجميل بالتدخل الجراحي والعقاقير..؟
السؤال الثاني: - تحت الحزام – هل يعلم صنّاع هذه المسلسلات بأن أول فيلم سينمائي سوري نفذ بأيدي فنانين وتقنيين من أبناء الوطن وكان ذلك في عشرينيات القرن الماضي, وكان أول عرض سينمائي عام 1908, أي في تلك المراحل التي تدور فيها أحداث المسلسل..؟
نعم.. هناك إصرار على إظهارنا بمظهر المتخلفين والجهلة بل ويسبقه كل البعد عن الفكر والثقافة والعلم, إصرار مع سبق الترصد وما يدهش أن كل هذا يتم بموافقة جهات من المفروض أن تكون حاملة لراية الاعلام المتنور والثقافة الوطنية الحقيقية, والعلم الذي امتازت به سورية بأنها من أوائل الدول التي حاولت نشره واعتماده منهجاً لتطورها ومستقبلها, ولهذه الجهات يمكن أن أوجه سؤالاً: هل علينا أن نختلق (غسيلاً) قذراً لترضى علينا الجهات التي تمول وتوزع هذه الأعمال..؟
بعد نجاح الأجزاء الماضية من المسلسلات البيئية المختلفة والمتخلفة بقي أن نسأل:
هل ثمن هذا النجاح يكمن في أن نظهر أسوأ حال من الجهل والتخلف والعصبية (الحاراتية) القبلية, هل علينا أن نتواضع لنثبت مقولة ( كله عن العرب صابون )
قد تكون هذه المسلسلات ممتعة (لهم).. فهكذا يريدون أن يرونا.. ولكن ألم يحن الوقت لنتوقف وننصف أنفسنا..؟ فنحن ننتج العلم والثقافة والفكر منذ آلاف السنين.. أم أن المعنيين بالدراما التلفزيونية لهم رأي آخر..؟
ليتهم يضعون في إحدى حلقاتهم القادمة أبجدية أوغاريت.. فقد تذهب قوة السحر عن تلك الأبواب العتيدة التي أوصدت... على عقولهم..
عفراء بيزوك
08-أيار-2021
07-أيلول-2012 | |
29-تموز-2012 | |
27-حزيران-2012 | |
14-أيار-2012 | |
04-أيار-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |