رابطة كتاب من دون كتاب
خاص ألف
2010-10-23
كنت مرة رفقة أصدقاء في صحيفة الشلال بدرنة ، حين دخل شخص يحمل أوراقا في يده ، وقال : لأنكم تعملون في صحيفة قصدتكم ولا أعرف أين أمضي بمشكلتي . وعرف بنفسه قائلا : أنا ورطوني في القبة في أمانة شؤون النقابات والروابط والاتحادات ، وكل الأمور مشت طبيعي ، ماعدا رابطة الكتاب ، لقد وصلتني قائمة بأكثر من مائة منتسب من شعبية القبة ولا أعرف ماذا أفعل .
كان شخصا بسيطا جدا وجد نفسه في سياق التصعيدات مسؤولا عن أمور لأول مرة يخوضها ، لكن بساطته لم تحول دون إحساسه بالمسؤولية . أخذت منه القائمة وقرأتها . فعلا أكثر من مائة منتسب ، وزعت تخصصاتهم ، من شاعر إلى ناقد إلى روائي إلى كاتب إلى مفكر، موزعين على مدينة القبة والقرى المجاورة ، ولأنني من إحدى هذه القرى ، تعرفت على الكثير من الأسماء التي لا علاقة لها بالكتابة ، وبعضهم أمي لا يقرأ ولا يكتب . طبعا كان المشهد الكوميدي هذا يتكرر في كل شعبيات ليبيا ، لذلك قال له أحد الأصدقاء : عادي مشي أمورك ، حتى شعبية درنة نفس الشيء ، فقال الرجل منفعلا : لا ياجماعة .. ممكن هذا يحدث في نقابة المخايز أو الحرفيين أو غيرها ، لكن كان طال الخراب الكتاب فعلى الدنيا السلام .
أدهشنا إحساس هذا الشخص البسيط بمسؤوليته تجاه الثقافة والكتاب ، واحترمنا تلك الحسرة التي خرج بها وهو مازال يتفحص أوراقه ويردد : لا حول ولا قوة إلا بالله .
هذا الإحساس بالمسؤولية تجاه شأن نخبوي كان بعيدا عمن اقتحموا رابطة الأدباء والكتاب الليبيين عام 2004 ، والذين استولوا عليها فيما بعد ، ليعيثوا فيها فسادا ويسجلون في عضويتها المئات مما لا يتركون لجنة أو جمعية أو رابطة ليسجلوا ضمنها طمعا كما يقول بعضهم في أن توزع هذه الرابطة سيارات أو أي شيء آخر . قال لي أحدهم - حين سألته لماذا يسجل في رابطة الأدباء والكتاب وهو بالكاد يفك الخط : هذي بلاد ما تعرف الخير قدامك وإلا وراك ، لذلك عليك أن تربط له في كل تركينة تبان . ثم ضحك وقال : موش علي شان هك سميتوها رابطة .
هذه الكوميديا السوداء تحدث في رابطة الأدباء والكتاب الليبيين على مرأى من كل الجهات ذات العلاقة، وعلى مسمع من اتحاد الكتاب العرب الذي سيقيم مؤتمره القادم من 24 ـ 26 اكتوبر الجاري بمدينة بنغازي ، والذي سبق وأن اقام مؤتمرا سابقا في مدينة سرت من 18 إلى 20 / 10 / 2009 . ولم يحضره أحد من الكتاب الليبيين حتى اسماه البعض : المؤتمر السري لاتحاد الكتاب العرب .
في الملتقى التحضيري للقمة الثقافية العربية الذي عقد في بيروت تحدثت مع رئيس اتحاد الكتاب العرب / محمد سلماوي عن وضعية رابطة الأدباء والكتاب الليبيين ، فقال أعرف ذلك ولكن يوجد الآن أكثر من اتحاد عربي مجمد العضوية ولا أريد أن أزيد من المشاكل . ثم أضاف : على العموم اكتبوا مذكرة بكل هذه التفاصيل وسوف ننظر في الموضوع . ولكن يبدو أن اتحاد الكتاب العرب لا علاقة له بهذه الأمور وحساباته في تعامله مع الاتحادات العربية محض سياسية ومادية بالمعنى الضيق للكلمة .
يذكر أنه منذ عام 2002 عفدت عدة مؤتمرات لأعضاء رابطة الأدباء والكتاب الليبيين تم من خلالها إحداث إصلاحات داخل هذه الرابطة تشمل تحديد شروط العضوية حسب المتبع في كل الاتحادات العربية ، وتقليص الفروع وتحويها إلى مكاتب في المناطق ، ورسم خارطة لمواسم النشاط ، وتم ذلك بعد تقديم مذكرة لمؤتمر الشعب العام ، كون هذه الرابطة نوعية وتختلف عن الروابط الأخرى ـ لذلك تحتاج إلى نظام أساسي مختلف ، ووافقت أمانة شؤون النقابات والروابط والاتحادات على هذه المذكرة والتعديلات ، ورفعت قضية ضد الرابطة في هذا الشأن وكسبت الرابطة القضية واستئنافها . ونشرت كل الوثائق المتعلقة بالقضية في مجلة الفصول الأربعة ، وباشرت مسيرتها حسب القانون الذي وافق عليه مؤتمر الشعب العام إلى أن تم اقتحامها عام 2004 بشكل همجي وتشميعها بالأحمر ، ليعود تكوينها وفق شروط تمنع معظم منتسبيها السابقين من الانضمام إليها، بعد فرض شروط تعسفية للانضمام إلى هذه الرابطة من ضمنها الخلو من السوابق والالتزام التام بالاطروحات السياسية والأيديولوجية القائمة ، وكما صرح وزير الثقافة والإعلام إبان هذا الاقتحام (د مهدي امبيرش) : لن يسمح للطلقاء بالانضمام إليها ، وهو يقصد الكتاب الذين خرجوا من السجن في (أصبح الصبح).
ولتصبح فيما بعد مؤسسة بالية تضم من لهم مصالح أو من لا يستحقون عضويتها ووجدوها فرصة مناسبة ، أو من تلك القوائم التي حملها رجل من القبة وهو لا يصدق ما يحدث .
في مدينة درنة حدثني أحد الأصدقاء ، وهو معلم ، بأن القائمين على فرع شعبية درنة طرقوا باب بيته وطلبوا منه الانضمام إلى رابطة الأدباء والكتاب الليبيين ، فقال لهم لقد كتبت في حياتي مقالا واحد عن التعليم حين كنت منفعلا، وهذا لا يؤهلني للانضمام لهذه الرابطة ، ورفض رغم إلحاحهم ، لأنه في تلك الفترة كان السباق على أشده بين الشعبيات (البلديات) : أية شعبية مثقفة تأتي بأكبر قائمة من الكتاب .
والآن سينعقد مؤتمر اتحاد الكتاب العرب بمدينة بنغازي ، ويطرح ضمن جدول أعماله : عضوية اتحاد الكتاب العراقي المجمدة بسبب موقفه من الاحتلال الأمريكي واستبعاد بعض التيارات من عضويتها ، كما يطرح موضوع مصادرة الكتب في معارض الكتاب العربية .
ولكن ، ما هو موقف هذا المؤتمر من احتلال رابطة الأدباء والكتاب الليبيين الخالية حاليا من جل الكتاب الذين يعرفهم الأدباء العرب ؟
وكيف يناقش المؤتمر موضوع مصادرة كتب في ضيافة اتحاد صادر تقريبا كل كتابه ؟
08-أيار-2021
15-شباط-2011 | |
25-تشرين الأول-2010 | |
23-تشرين الأول-2010 | |
05-كانون الأول-2009 | |
01-كانون الأول-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |