جاهلية بالألوان
خاص ألف
2010-11-14
حكاية ربّ الخيانة.
كم سعر هذا الرّب؟
على حسب ملابسك الأوروبية المستعملة فأنت لا تستطيع دفع ثمنه! خذ هذا الرب فهو رخيص ولا يتوفر إلا على خاصية واحدة، فهو يخبرك بأصحاب الأرقام الهاتفية التي تزعجك ليلا، خذه سوف لن تندم، ضعه جانب الطاولة وضع على يمينه مزهرية حتى لا يشعر ربُّك بالملل! ولي نماذج مصغرة من هذا الرّب بسعر أرخص، تستطيع أن تضع الواحد منها في جيبك كالقاموس أو الرواية! وكلما زدتني نقودا أعطيتك ربّا بخصائص إضافية أخرى، أترى ذلك الرّب الموجود إلى جانب نموذج العمارة البيضاء الفاخرة؟ إنه أغلى رب في العالم، لا يستطيع دفع ثمنه إلا الزعماء والملوك ورؤساء الحكومات، فهو يخبر بنتائج الحروب وحتى الدرجة التي يصل إليها تحرش دولة بدولة أخرى، يعلم أيضا نتائج أية مفاوضات تحدث في العالم، وينقب عن البترول وأنواع المعادن تحت الأرض، ويحيط بكل ما يجري في الأسواق الدولية، وكذا أخبار البورصات في العالم، كما يستطيع أن يكشف عن تواجد أسلحة الدمار الشامل، وقد لاحظ كل العالم نشاطه المبهر في الساحة العراقية، إذ حاوره الرئيس في المدينة الخضراء: أن أبشر ببترول وافر على مدى العمر، وقد سمع المشاهدون كيف كان هذا الرئيس يشكر ربّه ويثني عليه في لوحة إعلامية رائعة، بعت خلالها أربابا كثيرة، وعندما تعرضت للمساءلة عن خرق بند الاتفاق في فتح مساحة أكبر لمبيعات هذا الرّب، أخبرته بأنها أرباب تايوانية سريعة العطب، فإذا تعرضت لدخان الحروب أو غبار الأسواق أصيبت بالزكام، ثم لا تنبئ بشيء.
الرّب الأصلي طمْأن الرئيس بأمان الساحة بعد الحرب، وأوحى إليه: أن أخرج وكَنشك إلى المزرعة وأنعم بسباحة هادئة، كأنك تقول للعالم أنك قضيت على جميع أسلحة الدمار الشامل، كان هذا يوم التقت الجموع من أغنياء العالم: 2+6 أو 4+4 أو 1+7 أو 3+5 وعمليات أخرى مما يعدون، كنت أعد نقودي في حين كانوا يلتقطون صورة تذكارية، لم تكن لدي رغبة في أخذ مكان بينهم لأن ربي سيغضب علي، يتوعدني دائما إن فعلت هذا فسوف يبخسني وينزع مني القدرة على صناعة الأرباب.
إن كنت عربيا فسأبيعك ربّا بخاصية الاهتزاز فقط حتى يعنيك على التنديد والاستنكار أمام جرائم الرّب الأكثر تداولا بين أغنياء العالم. ولي ربّ صغير جدا يوضع في حاملة المفاتيح، فهو يُمكِّن الناس من الطغيان على بعضهم البعض في عمليات إجرامية مصغرة، اكتفي بهذا الرّب فهو لائق بمستوى طموحك ويتناسب مع درجة شراستك، فالرّب الذي شرحت خصائصه منذ قليل لا تتغذى بطاريته إلا على دم طائل، خصوصا دم العرب والمسلمين، وقد ذهب الشعب العراقي وقودا لبطارية هذا الرّب المتعدد الخصائص، أنا الوحيد الذي كان يعرف أن الرئيس ترك بطارية ربّه تُعبأ في العراق، وكما أمره الرّب ذهب لقضاء العطلة الأسبوعية في مزرعته الخضراء بكاليفورنيا، فهو المكان الوحيد الذي لا يكون الرئيس في حاجة إلى أخبار الرّب، فهو يخاف أن تلهيه حالة الخشوع عن لذة متعة المزرعة وما ينتشر تحت ظلالها من جواري وفواكه، ثم إن ربّه أشار بأن البطارية ضعيفة جدا لا تمكنه من الاطلاع على غيب السماوات والأرض، ومن جهة أخرى فإن شاشة العرض لهذا الرب تشوهت جراء تسرب البترول من الآبار، وجراء تسرب الدماء من أجساد الشعب، وأيضا من جراء تسرب دموع اليتامى ودموع الأرامل، أخبره التقنيون أن تنظيف شاشة الرّب تتطلب ميزانية كبيرة، فمنحهم عقدا للاستفادة من بئر بترولية لمدة ثلاث سنوات كاملة قابلة للتمديد.
سوف لن أحدثك أكثر عن هذا الرب فله تاريخ عريق في تنظيم العلاقات الدولية، ولهذا لا يمكن أن تملكه أفراد عادية من الشعب، كما لا تستطيع أن تحوزه دولة نامية، أو إحدى دول العالم الثالث، ولا دولة مثقلة بالديون، فهو لا يحب أن يسْتربب إلا على دولة غنية ذات سيادة، إن هذا الرّب يمتاز بخاصية عجيبة، وكما تعلم أن الاتفاقية تمنعني من البوح بها أو التصريح بها لوسائل الإعلام، ولا مجرد الحديث بخصوصها، وما دمت عربيا متشائما يائسا مدربا على الخنوع والمهانة والاستكانة فلا بأس أن أخبرك بها، حتى وإن تحدثت بها في مكان آخر فلا أحد يثق فيك وأنت بمثل هذه الذلة والمسكنة، ألم تلاحظ أن بعض الشعوب تحاول استرجاع سيادتها ولا تستطيع؟ فالرّب الذي أخبرتك يرفض هذا، والرئيس لا رغبة لديه في ربّ أناني يريد أن يستحوذ على الغيب وحده، ثم يضغط الرئيس على هذه الشعوب بالحصار الاقتصادي حتى يدفعهم لشراء مثيلا لربّه، قال حتى تستطيع الأرباب أن تنسق لحماية الإنسانية من أي خطر، أما الرّب الواحد الأحد الذي تؤمن به هذه الشعوب فهو ربّ إرهابي متطرف لا يؤمن بالتداول على الربوبية!!
إن شئت خذ ذلك الرّب الصغير، ضعه ضمن مفاتيح شقتك وتربص بأخيك أو صديقك أو جارك، خذه لا تتردد فهو الرّب الأكثر رواجا عند العرب الذين لا يؤمنون إلا بربّ الخيانة، إنه ربّ أسمر ليس فاقعا لونه فهو داكن متناسق مع بشرة الأعراب الأشد كفرا ونفاقا، سيظلون يبحثون عن ربّ يعيد لهم هيبتهم وهو محيط بهم، لكنهم أغبياء ضيعوا كل شيء وتفرقوا، وصاروا يخشون أن تغضب عليهم الأرباب المتحدة..!
08-أيار-2021
21-نيسان-2012 | |
25-آذار-2012 | |
31-كانون الأول-2010 | |
21-كانون الأول-2010 | |
04-كانون الأول-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |