سهرة مع الفقراء
2010-11-17
قرأ الجميع على شريط الأخبار في التلفزيون أن تقرير التنمية البشرية لعام 2010 يعلن عن 39 مليون فقير في الدول العربية.
لوى الأب شفتيه لعدم الاكتراث، فأخبار الفقراء لا تثير لديه أي اهتمام، سألت الابنة ذات التسع سنوات عن معنى الفقراء؟ أجابها أخوها الأكبر بأنهم لا يملكون المصاري، تساءلت بسذاجة ولماذا لا يشترون مصاري؟ شرح لها بأن البابا دفع في الصفقة الأخيرة سبعة عشر مليوناً ليحصل على أربعين مليوناً. يعني شراء المصاري يحتاج إلى مصاري، ثم تساءل بخبث مستخدماً مصطلحات والده فيما إذا تم استيراد هؤلاء التسعة وثلاثين مليون فقير إلى البلادالعربية من قبل أحد رجال الأعمال عن طريق المزايدة العلنية، أم بالتراضي، أم بالظرف المختوم؟ وكم مليوناً حقق المستورد من تلك الصفقة؟ رمقه الأب بنظرة قاسية.
عادت الطفلة تسأل عن شكل هؤلاء الفقراء، وهل يشبهوننا، وكم حماماً في بيت الواحد منهم، وكم صالوناً، وكم عدد الخدم والسيارات لديهم؟ وكيف شكل الشاليه والمزرعة التي عندهم؟ وأين يذهبون في الصيف إذا ما عندهم شاليه؟ قال الأخ: يذهب الأب إلى الشغل. والأم في البيت. والأولاد في الشارع بياعين ورق يانصيب وأكياس نايلون، عادت الطفلة تلح بالسؤال: وإذا بدهم يعملوا «بارتي»، لرفقاتهم وين بيعملوها إذا ما عندهم مزرعة؟ قالت الأم: بروحوا على حديقة تشرين أو السبكي، طيب كيف بروحوا إذا ما عندهم سيارة؟ قالت: بالسيرفيس، تساءلت: شو يعني سيرفيس؟ قالت: شي وسخ ومهرهر وبيركب فيه ناس كتير ومخصص للفقراء.
فتساءلت وقد أثار الفضول دهشتها: كيف عايشين؟ قالت الأم: مانهن عايشين، بدا عليها الاستغراب وسألت: طيب ليش استوردوهم؟
بدا الضيق واضحاً على وجه الأب، قالت الصغيرة: بابا ليش مزعوج؟ أجابت الأم: البابا ما بحب سيرة الفقرا، قالت البنت: ليش الفقرا كتير وحشين وبشعين؟ أجابت الأم: لأ. بس البابا من عشرين سنة كان فقيراً، وأهله فقرا، وأهل حارته فقرا، وكل رفقاتو فقرا، وهو يكره كل ما يذكره بها الناس وتلك الأيام.
نظر الأب إليها بغضب، ثم غادر متوجهاً إلى غرفة نومه، داعياً الله أن لا يأتيه الفقراء في هذه الليلة في المنام كعادتهم على شكل كابوس.
جريدة الثورة
08-أيار-2021
29-شباط-2020 | |
01-شباط-2020 | |
14-كانون الأول-2019 | |
27-نيسان-2019 | |
23-آذار-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |