Alef Logo
مقالات ألف
              

قدّمِ للجمهور ما يريد

عماد حسين أحمد

خاص ألف

2011-01-03

لا لن أقدّم للجمهور ما يريد!، فالجمهور قد يريد أن يراني عارياً، فهل أتعرّى أمامه؟، الجمهور لا أفضل لديه من كرة القدم، فهل أترك الحبر جانباً وأصبح لاعباً أو قدماً كي يصفّق لي الجمهور؟، الجمهور ما عاد يهمه النصف الأعلى من الإنسان بقدر ما يهمه النصف الأسفل منه..فهل أعطي الجمهور ما يريد؟ لا لن أعطيه ما يريد، لأنه لا يعرف أساساً ماذا يريد! .
"أعطِ الجمهور ما يريد"مبدأ ٌإعلاميٌ سمعنا به في الصغر(كانت جدتي تقول دائماً: اضحك في وجه الآخر ولو كذباً لتكسب وده، فكنتُ أكذبُ على الصدق لكي أرضي الآخرين، فأخسرُ نفسي والآخرين التائهين).
" أعطِ الجمهور ما يريد" مبدأ ٌ إعلاميٌ ترعرعنا على راحتيه في الجامعة في الإعلام في الكبر( كان أستاذي يقول: أعطوا الجمهور ما يريد، فأقولُ في سري لا أمامه:لا لن أعطي الجمهور ما يريد، أقول في سري،خشية ألاّ أحصل بعد الامتحان على ما أريد!، وها أنا الآن أقولُ ما أريد ).
" أعطِ الجمهور ما يريد" مبدأ ٌ إعلاميٌ نوصي به أطفالنا عند أواخر العمر( سمعتُ أحدهم يقول قبل أن يموت ويرحل إلى ديار الحميد المجيد: لا تنسوا أن تعطوه ما يريد، فهو لا يعرف شيئاً سوى أن يريد، ولكي تكون أيها الإعلامي الصغير ما تريد، فعليك بما يريد، عليك بما يريد .. وفارق الحياة ) .
كل ما في الإعلام لم يبق على حاله بل تغير، إلا هذا الذي يسمّى بـ " أعط الجمهور ما يريد" لا نزال كما الماضي نوصي به أطفالنا، طلابنا... يا جدتي يا أستاذي يا الثالث الميتُ الراحل إلى ديار الحميد، لنتفق أولاً، لنتفق يا أخوتي سويةً.. هل جمهورنا واعٍ بما فيه الكفاية، حتى نعطيه ما يريد، وهل يعرف جيداً ماذا يريد؟،لنتساءل أولاً..فإذا كان واعياً، سأعطيه ما يريد، وان لم يكن واعياً، فلن أعطيه ما يريد..لأنه إذا أعطيته ما يريد، سنرى من النتائج والويلات ما لا نريد...تماماً كحال مجلاتنا التي تعطي الجمهور ما يريد، صفحاتها مملوءة بالصور، بل لا شيء غير الصور، صورة كاسية وأخرى شبه كاسية، وأخرى ما بين العارية والعارية..إذن، هي ثقافة الصور، ولن تكوّن بالتالي إلا جمهوراً شبيهاً بالصور، وألف لا للنقد والتحليل.
للذكرى أقول:( عندما كنتُ "ابتدائياً" كنتُ مولعاً بالصور، وكان أبي يقول دائماً: يا ولدي أتقرأُ كتابك أم تحملق في الصور؟.. كنتُ ابتدائياً حينها،كنتُ ابتدائياً)..لهذا وذاك أقولُ منادياً: قبل أن تعلّمَ أو أن تعطي الجمهور ما يريد، تأكد جيداً إن كان يعرف ماذا يريد.
يا جدتي يا أستاذي يا الثالث الراحل إلى ديار الحميد.. لو تدخلوا في أعماق النفوس، لن تروا فيها إلا المال والسلطان، أو لو تصعدوا السطوح بعد الليل، وتروا اتجاه الصحون و"الدشات"، لما طلبتم أن نعطي الجمهور ما يريد، فالجمهور قد يريد أن يراني عارياً.. فهل أعطيه ما يريد؟..
أعتذر من الجمهور الذي يريد، فلهو صنوف وأنواع وأقسام، لكن من أعنيه بالكلام هو الإعلام والأقلام، التي عودّت الجمهور، على التسطيح والتوضيح والتشريح في الإفهام، فإذا تلاعبتَ بالألفاظ، أو عدتَ بالخبر إلى الأمام، لضاق منكَ ونام... هي مشكلة الإعلام هي مشكلة الإعلام..يا سادة يا كرام.
يا جدتي، يا أستاذي، يا الثالث الراحل إلى برزخ الحميد..لي سؤال فريد..قبل أن نعلّمَ أو أن نعطي الجمهور ما يريد..أليس من الواجب أن نعلمَ -أولاً- ما إذا كان لدينا جمهوراً.. حتى يريد أو لا يريد؟!.. الجمهور ما عادَ يريد..صدقني ما عادَ يريد..
" أعط الجمهور ما يريد"، لا لن أعطيه ما يريد... ولكن جلّ خشيتي ألاّ تُفهم رسالتي كما أريد..

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

سياسيون للعمل في الحقول!

03-تشرين الثاني-2013

شطحاتٌ في الدماء

20-آب-2011

الجَسدُ كَملاذٍ كَسَفرٍ في اللُغةْ

30-تموز-2011

إعلام التضليل وتضليل الإعلام

06-تموز-2011

ذاك أنا، وتلك أنتِ

12-حزيران-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow