الشاهدُ على لحظة الفرح: المقدم حسين شريف
2011-02-25
أشاد العالمُ، من قياديين رفيعي المستوى، وصحف دولية لها ثقلها الإعلامي والجماهيري، بثورة مصر البيضاء، من حيث إصرارها على السلمية للنهاية، رغم عدوانية الجهاز البوليسيّ، وبلطجة الحزب الحاكم، الذي حاول حتى النَفَس الأخير الدفاعَ عن النظام المتهاوي. كذلك أشادوا بالشعبية الهائلة للثورة، إذْ تحلّقت الجماهيرُ الغفيرة حول الشباب الذين أشعلوا فتيلها يوم 25 يناير، وأشادوا بمثابرتهم وعنادهم المحمود في الصمود بميادين مصر ملتحفين السماء ووابل الأمطار، في ظروف حياتية وطقسية عسيرة، رغم سقوط 365 شهيدًا إثر شهيد، جراء الرصاص المطاطي والحيّ، والسيارات الدبلوماسية وشاحنات الأمن المركزي التي راحت، بدم بارد، تدهس أبناءنا تحت عجلاتها، فتدهس معها قلوب آبائهم وأمهاتهم، ثم برغم موقعة الإبل الشهيرة التي جعلت من الأمر عبثًا يدعو إلى السخرية من رجال أعمال فقدوا عقولهم وهم يرون أركان النظام الذي صنعهم وساند أطماعهم تتهاوى ركنَاً فركناً. كذلك أشاد العالمُ بسرعة جنيْ الثورة ثمارَها الطيبة، رغم الأيام المُرّة الطوال، التي على طولِها ليست إلا لحظةً خاطفة على مقياس التاريخ، فرسمت تلك الأيامُ، القليلةُ الطويلة، مع دم الشهداء النبيل، خطوطَ مستقبل مصر، ونجحت في إسقاط نظام بوليسيّ حاكم قبضته على أعناق الناس، دام ثلاثة عقود ثقال. مثلما أشاد العالمُ بوعي الثوار في الحرص على تنظيف أماكن التظاهر بعدما وضعت الثورةُ أوزارها، بل امتدّ عطاؤهم المثقف إلى الجدران والكباري يعيدون طلاءها، والأرصفة يرسمون حوافَها بالأبيض والأسود. جلس العالمُ أمام شاشات التليفزيون يتأمل في عجبٍ ما تصنعه مصرُ في الألفية الثالثة بهدوء ورقيّ، بيد شبابها المثقف. رغم أن هذا الشباب هو نتاجُ وزارات تعليم كاذبة اجتهدت على مدار ستين عامًا في تزوير كتب التاريخ وفبركة مغالطات، تُعلي من قيمة شخوص وأمور لا قيمة لها، وتحطُّ من قيمة شخوص وأحداث مجيدة فاصلة في تاريخ مصر، من أجل أن تفوّت على أولئك الأبناء تأمل التاريخ الصحيح، فتُفرّغ عقولهم من المقدرة على التحليل العلمي! وتلك أيسر سبل الحكّام الفاشيين في سوس الشعوب: كتابة تاريخ مدلّس لتضليل الشباب عن جذورهم فيُضلَّلون، من ثم، عن مستقبلهم. لكن الشباب الذكي، أغلقَ كتاب التاريخ، وفتح كتاب "الواقع"، فشاهد الفقرَ والظلمَ والمرض في كل مكان بمصر، فقرر التغيير.
قال أوباما: "إن أمريكا عليها أن تعلِّم أطفالها لكي يصبحوا، حين يشبّون، مثل شباب مصر." وقال رئيس وزراء إيطاليا: "ما يصنعه المصريون ليس جديدًا، إنهم يكتبون التاريخَ كالمعتاد." وقالت CNN: "لأول مرة في التاريخ يقوم ثوّارٌ بثورة، ثم ينظفون الشوارع بعدما تنجح." وقال رئيس النمسا: "المصريّون أعظمُ شعوب الأرض، ويستحقون جائزة نوبل للسلام."
هكذا أشاد العالم بكل جوانب الثورة الشريفة، لكنهم نسوا الجانبَ الأعجب، والأكثر تميزًا، لدى المصريين. خفّة ظلهم التي لا ينافسهم فيها أيُّ شعب آخر في أركان الأرض. مقدرتهم على تحويل النكتة إلى بيان ثوري، واختصار الكارثة في نكتة خاطفة، يسهل التعاملُ معها ثم التغلب عليها. تلك موهبةُ المصريين الفريدة. في أحلك لحظات حياتهم، لا يفتقدون الدعابة التي جعلتهم يصمدون خمسين قرنًا في وجه صروف الزمان ودكتاتورية الحكّام. لذلك أنا واثقة أن المقدم أركان حرب حسين شريف، سوف يقدّر تلك المنحة السماوية الرفيعة التي يمتلكها شعبُنا العظيمُ الفذ، كما سيقدّر تلك اللحظة الفريدة التي تعرّف فيها شبابُ مصر على شخصه لأول مرة. هي لحظةُ الفرح القصوى وذروة الثورة وتاجها: لحظة التنحي. أقول له: إن كل دعابات شبابنا بحقك كان دافعها الفرحُ والمحبة لك، بسبب مواكبة ظهورك مع تحقق حلمهم. ودليلُ تلك المحبة الصفحةُ التي أنشأوها للاعتذار لك بإمضاء 6000 شاب مصري. بعدما أدركوا أن الفرح بالنصر لابد أن يظل في إطار عدم المساس بالأشخاص، حتى وإن كان في دائرة الدعابة وخفة الظل. تحية لك أيها المصريّ الشاهد على لحظة فرح مصر.
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |