غَمسَ وجهَه في شعرِها الكبير ، أرادَ أن يقولَ شيئاً ، بحث عن أذنها ، ليوشوشها ، لفَحَه العطرُ ، توقع غيرَه ، اختطفه كأيدي حورياتٍ تخطفن البحارة ، كان قد قرأ عنهن ، تبدّل ، قال شيئاً آخر ، أدرك متأخراً قليلاً أنه قال " أحبك ِ" ، لم يخطط لذلك ، أفلتت منه تلكَ الموجة ولثمت برفقٍ حواسَها ، لم تتوقع ذلك ، ليس الآن ، خالته سيقول شيئاً آخرَ فأمسكت بها الكلمة ُ متلبسة بالانكسار ، انهزمت أمامها ، لم تلتفت إليه ، فقط نضج وجهُها كدراقةٍ احمرّت فجأةً وصارت شهيّة ً للأكل .
قال الذي أراد ، كلَ الوقتِ قوله وتحاشاه ، سمعت ما أرادت أن تسمع ، دائماً ، ووضعت في أرشيف التوقع .
كان جلوسه بقربها محض صدفةٍ مقصودة ٍ، صخبُ القاعة و الإداءُ الصاخبُ للممثلين وهم يعتلون المنصّة َ .
كلاهما تفاجآ من هذا المتوقع الذي تأخر .
أرادت أن تسأله ثم تحفّظت خشية تَبَدّد ِ اللحظة ،اضمحلّ الكون ُ ، عداهما، سقط برقٌ من عينيها فأضاء وجهَها العالي ، كانت تتخضّبُ بحمرة ِ شروقٍ يختلف ، كجمرةٍ شهيةٍ وسط جليد كوني ، وكانت مُلكهُ ،
تحجّرَ الخلقُ كُلهم ُ سواهما ، الدفءُ له وحده ، فتقَطّرت مرة ً أخرى " أحبك" ، واهتزّت هي كغصنٍ مندّىً للصباحِ و توّا ً ضحكت براعمُه ، أزهرت ثانيةً ًوتكرر إزهارها على نبض قلبها كأنها تقول " وأنا " .