الحقنة الشرجية
2011-05-03
لا أعرف من اكتشف الحقنة الشرجية، ولا تاريخ اكتشافها، فهي على الأغلب موغلة في القدم. غير أنني أستطيع الادعاء أو الجزم بأنها واحدة من أهم المكتشفات البشرية، إن لم تكن أهمها على الإطلاق. ذلك أنها منذ زمن بعيد حتى الآن لم تتراجع قيمتها، ولم تخف الحاجة لاستعمالها. فالأطباء الكبار والمتمرنون والعطارون والمداوون بالأعشاب والعجائز والمجربون جميعهم ينصحون باستعمالها من يعاني إرباكاً أو ألماً أو قسوة في المعدة.
وليس استعمالها وقفاً على الكبار أو الصغار أو السن المحير، بل هي مفيدة لجميع الأعمار من ذكور وإناث، وربما تمتد فائدتها إلى الحيوان، فهي لا تترك أية آثار جانبية على الجسم، على عكس الأدوية الكيماوية التي تنفع من جهة وتحمل بعض الأضرار من جهة أخرى، حتى إن الإكثار من استعمال تلك الحقنة العجيبة لا يحمل أي تأثير سلبي على الجسم المريض أو المعافى على حد سواء.
الحقنة الشرجية، ذاك الوعاء الأسطواني الشكل الذي يتسع لنحو ليتر من الماء الفاتر، يضاف إليه بعض الملح والصابون والزيت، إذ تفرغ تلك المواد الطبيعية في الجسم بوساطة (نبريج) رفيع، فيغسل المعدة، ويفتت ما استقر فيها من فضلات متماسكة عصية على الخروج، فيطهر الأمعاء من تلك الفضلات التي قد تحمل السموم إلى الجسم. فالمعدة بيت الداء. وعندما يتم التخلص من ذاك الداء ينشط الجسم ويستعيد حيويته ويغدو الشخص نشيطاً متورد الوجه، سليم العقل. لأن العقل السليم في الجسم السليم. فالجسم والعقل هما وحدة مترابطة يكمل كل منهما الآخر، ويصلح أو يمرض إذا صلح أو مرض الآخر. مثلما أية دائرة رسمية أو مؤسسة حكومية أو مصنع مؤمم أو محدث، هو كالجسم يستقيم وتصلح أحواله ويغدو سليماً معافى عندما يكون عقله الذي في رأسه سليماً ومستقيماً ومعافى من أي فساد أو خلل.
أحاول إجراء مقارنة بين الشخص البدائي الذي قاده فكره لتصنيع الحقنة الشرجية، وبين العالم المتحضر الذي أوصلته علومه إلى القنبلة الذرية أو الهيدروجينية أو النووية أو ما شابه من أدوات قتل وتدمير تفتك بالأخضر والأصفر من إنسان وبهائم ونباتات وتربة وهواء. فالشخص الأول، منذ اكتشافه المثير لتلك الحقنة الشرجية، وقد مر على ذلك زمن قد يصل إلى المئات أو الآلاف من السنين، ترى كم حقق هذا الشخص لبني جلدته البشرية من الراحة والخلاص من آلام البطن وسائر أنحاء الجسد بسبب تلك الفضلات المستعصية في الأمعاء.
لا بأس من مقارنة أخرى، أي شخص منا ليس مديناً ومعترفاً بفضل تلك الحقنة، ولو لمرات قليلة في حياته لما حققت من راحة لجسمه هو أو أحد أفراد أسرته أو جيرانه أو معارفه أو أقربائه؟ في حين أن أياً منا لم يكتسب أية فائدة من تلك الاختراعات الباهرة الحديثة كالمكاكيك أو المكوكات الفضائية والسفن الفضائية المتجهة نحو الكواكب والمجرات، ناهيك بأسلحة الدمار الشامل أو الجزئي، أو ما يسمى بحرب النجوم، وكلها تكلف البشرية من الأموال ما يمكن أن يحل مشكلة الفقر والجوع والمرض والجهل والأمية، ويحقق الرفاهية في الكرة الأرضية. لكن السادة المتحكمين بهذا الكوكب، لو كانوا يحملون جزءاً من الإنسانية التي يحملها مكتشف الحقنة الشرجية لما كان بنو البشر على ما هم عليه من تعاسة وشقاء.
ليس جسم الإنسان وحده من يشكو تراكم الفضلات واستعصاءها في أمعائه، وليس وحده يشكو الصداع والمرض من تلك السموم.
فالنظام الأمريكي يشبه ذلك، والصهيونية اليهودية وغير اليهودية أيضاً هم أوجاع في جسم الكرة الأرضية. والأنظمة المستبدة أو العميلة أو الفاسدة أو المتأمركة أو المتصهينة، ليست سوى فضلات مؤذية في أجسام البلدان والأوطان. والعصابات والمافيات والسفلة واللصوص من المنتشرين في كل أصقاع الأرض من أفراد أو هيئات أو منظمات أو تكتلات، كذلك هم سموم في أي مكان يوجدون فيه.
فهل من عبقري معاصر يستطيع تطوير الحقنة الشرجية من أداة وعلاج فردي، ليصنع على نموذجها ما يحقق الخلاص من تلك الفضلات السامة المؤذية والمستعصية في كل مكان من جسم الكرة الأرضية العامرة بالطيبين والإنسانيين والشرفاء والأفاضل من بني البشر المهددين بالهلاك ما لم يتخلص هذا العالم من تلك الفضلات التي تأخذ أشكالاً بشرية؟
08-أيار-2021
29-شباط-2020 | |
01-شباط-2020 | |
14-كانون الأول-2019 | |
27-نيسان-2019 | |
23-آذار-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |