رسائل شفهية
2008-03-01
هنالك البعض دوما ً في الحياة ممن يسيئون فهم المعنى الحقيقي لمهنهم ،فيحولونها لمهام آلية وميكانيكية ...وقد تنفع هذه الطريقة في الأكسدة النفسية في معظم مهن الحياة ...إلا في المهن المتعلقة بالفن ...ففي اللحظة التي يتحول فيها أي شخص يدعي العمل الفني من مبدع الى موظف ومن طائر الى دجاجة يصبح فعله شراً ويصبح سعيه حرثاً في الهواء ...
وهذا ما يحصل لدينا الآن وبكثرة في أغلب أوساطنا الثقافية ,وأنا هنا أتحدث عن رجل بعينه استطاع أن يحول مهنته الى عذاب له وللآخرين مقحماً نفسه بحماقات لم ولن يعرف كيف يخرج نفسه منها ،محولاً النعمة الى نقمة والفن الى غم ...فبداعي التأمل و العمق تراه مكشراً طوال الوقت ولكنه في الحقيقة قناع سيء الصنع ارتداه أو أهداه إياه أحمق ما فالتصق بوجهه دونما فكاك ...فاستاء وعندما استاء أحس بالضيق والضيق جعله يحول كتابة الشعر الى رص للكلمات أجوف لا معنى فيه ولا مغزى ...
وجعله يحول الرواية الى منبر لشتم الآخرين وتصفية الحسابات الشخصية والذاتية والنفسية والجنسية مع نفسه ومع أترابه ومنافسيه ...غير مدرك أن فن الرواية هو فن البحث والحفر في أعماق المجتمع والناس لإخراج التفاصيل غير المدركة والمرمية في اللاوعي الجمعي والفردي ..وأن الشعر هو اشد الفنون حساسية وأكثرها فردية وذاتية وأن التجربة الإنسانية الضحلة لا تنتج فناً ولا تبرر تخيل كل من تكرههم في أوضاع سيئة وتمني الحظ العاثر للغير...
وأن التقوقع في الجهل وقلة المعرفة لا يبرر الدوران في الآني دون إدراك لماض أو مستقبل ...ودون حوار مع مفاهيم الغير ...ليجلس متفلسفاً عن الأنا والمنجز الجنسي الحالم في مقاهي الثقافة التي ملت هذه النماذج حتى كره الناس العاديون المثقفين من وراء هكذا تفاحات عاطلة ...
ومن أهم صفات هذه الشخصيات هي ...إقامة أكبر عدد ممكن من الخلافات مع الغير من الوسط لكي يصبح مختلفاً...وإثارة الأحقاد بشكل دائم وغير مفهوم بين الأطراف الفنية لافتعال الجدل والنميمة التي تكون بالنسبة لهم كالأكسجين فتزودهم بالحياة...فهذه الشخصيات تحيى على أخبار الآخرين ونجاحاتهم وفشلهم ،كونهم لا يفعلون شيئاً ومن لا يفعل شيء لا يخطأ لأنه لا يصيب ولا يجتهد ...
ثم التشدق بكلمات أجنبية و مصطلحات فنية باستخدام خاطئ للأحرف فيقولون أفلام الفيديو بال ف ...عند تحدثهم عن السينما .
الإكثار من المصطلحات النقدية في أي حوار يومي...حتى يحار هو نفسه من كثرة التأويل ومن كثرة التأفف من حوله.
الإكثار من الجنس في أي حوار مع أي شخص في أي مكان حتى لتظن بأن القابع أمامك أنكيدو أو إله الجنس في الصحراء ..
ومن ثم الشتم والشتم والشتم فلا يعجبه مثقف شاب ثائر بتجربته ،ولا شاعر كبير مخضرم بشعره فلكل سبب يدعي به النجاح وحتماً ليست هي الموهبة ،وطبعاً فللتجربة الأنثوية وضع خاص ومذاق مختلف وهي حتماً مدانة حتى ولو ثبتت براءتها..
إن مثل هذه النماذج الخبيرة في المثاقفة والمصطلحات الجوفاء تصول وتجول على صفحات الجرائد محمية بعلاقاتها ونفوذها متخذة من منابرها سطوة على الأدب ولكن وكلنا يعلم بان ما أن تسقط من وظيفتها حتى تفقد مهنتها الإبداعية تلقائياً وسيكون صبيانهم أول من ينقلب عليهم بحثاً عن معلم جديد يتملقونه ويحابونه ...فالفن هنا ليس الهدف ،إنما هو حصان طروادة أو ظرف بريد فارغ لتمرير رسائل شفهية محملة بالنميمة.
08-أيار-2021
27-تموز-2012 | |
18-كانون الثاني-2012 | |
08-كانون الثاني-2011 | |
20-كانون الأول-2010 | |
06-تموز-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |