كيف يمكن تسمية الوضع في سوريا/ 2
خاص ألف
2011-07-24
قبل مواصلة هذه المداخلة، من المهم التأكيد على أننا لا نحاول تفنيد آراء الكاتب، تحت ذريعة نقدها أو تصويبها حتى، كذلك فإن فكرة البحث في مقالته عن ما يمكن أن يناقضها داخلياً، بعيدة تماماً عن ذهننا ودوافع تلك المداخلة. كل ما نسعى إليه هو الدخول في حوار معها، الإصغاء لما تقوله لنا، التعلم منه، وبالتالي طرح وجهة نظرنا، التي قد تكشف عن تباين في تحديد طبيعة الوضع الحالي الذي تمر فيه سوريا، ومن ثم اتخاذ موقف قد يكون مغايراً تماماً لموقف كيلو. تلك هي قواعد اللعبة، كما يُقال : إثراء ومضاعفة وجهات النظر، في لحظة تاريخية غاية في الدقة والحساسية، بالنسبة للشعب السوري أولاُ، وللعديد من الناس والمثقفين العرب ثانياً.
في الحلقة الأولى من المداخلة كنا قد ركزنا على مسألة تسمية اللحظة-الحدث التي تعيشها سوريا هذه الأيام، والتي وصفها الكاتب باعتبارها "مأزق راهن" أو "أزمة"، كما منحها صفة "الفرادة" وبأنها "أزمة سلطة ونظام ودولة ومجتمع، في آن معاً". فيما أصررنا، من جانبنا، على القول بأنها في العمق والجوهر، وإذا ما سلمنا بأنها "أزمة" فهي "أزمة" مزمنة للنظام وربما للدولةِ أيضاً، لكنها لا يمكن أن تكون "أزمة" للمجتمع، مرتكزين بذلك على معطيات ما يجري على أرض الواقع، أي المواجهة البربرية ما بين نظام شرس ودموي، يتحكم بكل مصادر القوة وشعب أعزل يواجهه بصدور أبنائه العارية. كذلك قلنا بأن كيلو، انطلاقاً من حسه العال بالمسؤولية الوطنية، كان قد ركز مقالته في ثلاث نقاط أو ثلاثة محاور أساسية : تشخيص طبيعة أو تسمية الحالة العامة للبلد؛ طرح مقاربته الخاصة لها؛ وفي النهاية تقديم حلاً أو حلولاً، بغية "الخروج" منها.
من الألف إلى الياء
يبدو أن ميشيل كيلو قد اختار بعناية تعبيريّ "المأزق الراهن" و"الأزمة"، بحكم مراسه وخبرته الطويلتين في شؤون بلده، إلى جانب تمتعه بمخزون فكري سياسي ولغوي يخوله على انتقاء المصطلحات التي يستخدمها، ومن ثم يجنبه الوقوع في أفخاخ الاعتباطية. لا شك لدينا في ذلك. بيد أن هذا لا يعني خلو الميدان من شراك أخرى، غير تلك المتعلقة بالقبض على خصوصية اللحظة التاريخية وتسميتها الدقيقة؛ شراك الطرح "المثالي"، على سبيل المثال، أو التردد في اقتفاء المنطق الذي تفرضه قوة الأشياء، وليس قوة الآراء. لنصغي لما يقوله لنا، عند هذه النقطة بالتحديد : "أن السلطة هي التي تسببت بوقوعها (الأزمة)، من ألفها إلى يائها، وهي التي يجب أن تقوم بالدور الرئيس في حلها...". كيف يمكن الرد على مقولة أو تصريح كهذا، بعد كل ما جرى ويجري على أرض سوريا، التي تغطي الدماء كل مدينة وركن من خارطتها، وحتى هذه اللحظة؟ الرد الوحيد الممكن، من زاوية نظرنا، يتلخص في القول بأن ذلك الطرح ليس مثالياً وحسب، بل وللأسف عدمياً أيضاً. أو هو، بصريح العبارة، طرح يجعل فم السلطة الفاغر يسيل لعاباً من الفرح، ويوفر لها فرصة تلقفه وهي مغمضة العينين تقريباً؛ فكل رهانها، ضمن دمدمتها المتواصلة مع نفسها، يكمن في هذه النقطة؛ ستقول لنا : "أنظروا جيداً، مع أنني المسئولةِ عن "الأزمة" من ألفها إلى يائها، لكن أنا منْ "يجب أن يقوم بالدور الرئيس في حلها، وذلك باعتراف خصومي قبل أصدقائي"! منْ منا تخلو ذاكرته من ردود الأحزاب والتنظيمات الستالينية والشمولية حيال أبسط أشكال النقد التي كانت توجه إليها؟ "إذا كنت جاداً وبناءاً في نقدك، فلتنتمي إلى حزبنا وتنقده من الداخل"، ذلك "لأن أي حل إزاء المشكلة أو المشاكل التي تطرحها لا يمكنه أن يتحقق إلا إذا ما كنا نحن منْ يقوم فيه بالدور الرئيس". تلك هي لعبة الداخل/الخارج العدمية، التي لا نعرف كيف تمكنت من الانزلاق من موقعها المعتم وانتقلت إلى قلم كيلو الوضاء وموقفه النضالي، الذي خبرَ مراوغات السلطة وإغوائها؛ تلك المراوغات التي ما أن ينفتح شقاً صغيراً في نسيجها، كما يفعل العنكبوت في إغواءه لضحيته، حينما يوهمها بأنه نائم أو ميت حتى، لكي يغلق عليها، مباشرة وبعجالة، تلك الفتحة ويلتهمها روحاً وجسداً.
أن مظاهرات المدن والشوارع، القرى والأرياف السورية لا تعلن عن يأسها الكامل من أي حل قد يبدر عن تلك السلطة "المأزومة" وحسب، بل أنها ترفض أي "حوار" معها. مع أن دماء أبناء هذه المدن وتلك القرى لم تكف يوماً عن السيلان، وقد لا تكف في المنظور القريب. لماذا ترفض الجماهير كل "حوار" مع السلطة؟ ذلك لأنها قد تخطت عتبة الداخل/الخارج. وعلى مستويين : تنزل الناس في الساحات والميادين، في الطرق وأمام أنظار العالم، أي في الخارج؛ خارج بيوتها ولكن أيضاً خارج السلطة، فيما تتخفى شبيحة وقناصة السلطة خلف العواميد القرميدية، وخلف الأشجار، أو تتخفى في المدرعات المسننةِ بالموت والرعب وهي تداهم البيوت ليلاً. ذلك هو داخل السلطة. أمّا المستوى الثاني، فيتمثل برفض المعارضة السورية الداخلية لأي تدخل خارجي، من القوى "العظمى" أو الحلف الأطلسي. رفض صارم وقطعي وشجاع. من جانب آخر، كفت الجماهير من البحث عن حل مع النظام، وشعارها اليوم هو "إسقاطه". فهي من يملك ليس الحل وحسب، بل تخطي عائق السلطة أيضاً، بوحدتها : "واحد، واحد، الشعب السوري واحد". لكن، لنوسع صدرنا وندع ميشيل كيلو يكمل رأيه : "أن تقوم بالدور الرئيس في حلها والتي ستقبل أن تدفع ثمن الحل هذه المرة، على النقيض مما كان يجري في المرات السابقة، حين كان المجتمع هو الجهة التي تُجبر على الدفع". ما الذي حدا مما بدا! النظام نفس النظام، بالوراثة، وذلك معناه مواصلة تطوره أو انحداره، وليس هناك أي أثر لقطيعة ما مع ماضيه الدموي. حماه، يا حماه! وهكذا ننتقل من الطرح المثالي إلى ما يمكن تسميته بالطرح التقويّ، الورع : ما الذي أو منْ بالأحرى الذي سيجعل هذه السلطة تقبل، من تلقاء نفسها، أن "تدفع ثمن الحل هذه المرة"؟ بماذا، وبأية وسيلة؟ ربما بالدعوة إلى "مؤتمر تشاوري"! أية نكتة؟ من الواضح بأن الأمور تجري وتتواصل على العكس من "النية" السياسية الطيبة لميشيل كيلو، أو ما نسميه بالطرح الورع : أنعقدَ "التشاوري"، في فخفخة وأبهة القاعات الكبرى، وهي شيمة بعثية ربما، ثم سمعنا من أحد جوانب طاولته المستطيلة صوتاً من هنا وآخر من هناك، كصوت المفكر السوري الكبير الطيب تزيني أو غيره، من المحسوبين بهذه الطريقة أو تلك على النظام، يعلن بأن "جانب المؤامرة الخارجية في الوضع الراهن في سوريا لا يشكل سوى 20%، فيما الثمانين بالمائة الباقية، فهي بسبب تدهور الأوضاع والفساد الداخلي". هل ينبغي أن تتهلل وجوهنا بالبشر بسماع صوت كهذا؟ كلا، بطبيعة الحال. ما دام الحل الأمني، أي قتل الناس وحتى تشويه جثثهم، ومنع دفنها، إلى جانب المداهمات والاعتقالات ستتواصل في اليوم القادم، إن لم يكن في نفس الساعة، في أماكن أخرى من الوطن. وبالرغم من ذلك، ينبغي الإصغاء جيداً للطرح الورع : "إذا كانت السلطة على استعداد لدفع ثمن أخطاء ترتبت على خياراتها وأخطائها بعقلانية وواقعية، فأنها ستكون على عقد تسوية تاريخية جديدة مع مجتمعها، تضع حداً للتجربة التي بدأت عام 1963، وانتهت إلى نتائج مأسوية عل كل صعيد وفي كل ميدان...". أرث ثقيل ومرير من "الأخطاء"، "الاختيارات"، الخطايا والجرائم أيضاً! هل ينبغي علينا الترديد مع منْ يقولون : "فاقد الشيء لا يعطيه"؟ أجل، حيال وضد الطرح الورع. فإذا كانت "التجربة التي بدأت عام 1963، وانتهت إلى نتائج مأسوية على كل صعيد وفي كل ميدان"، التجربة التي أوصلت المجتمع إلى حالته الراهنة، ومن ثم دفعه لكي يقع تحت ثقل سلطة النظام القائم، بقيادة الابن الذي تولى الرئاسة بعد وفاة والده، هي التي جعلت ذلك "المجتمع" يدفع في كل مرة، على حد تعبير كيلو "ثمن أخطاء ترتبت على خياراتها وأخطائها"، ما الذي سيدفعها، هذه المرة بالذات، القبول في أن تدفع هي الثمن، باسم ماذا؟ يرد علينا التأمل الورع باسم "العقلانية والواقعية". عقلانية منْ؟ وواقعية ماذا؟ إذا كانت "العقلانية" و"الواقعية" وحدهما تكفلان الخروج من حمام الدم الراهن، سيكون الابن، فعلاً، قد حرم نفسه من أرث الأب ولم يتعلم منه أي شيء على الإطلاق! وهذا ما هو مستحيل. أو إذا كان قد تزحزح، ولو قليلاً، عن تلك "التجربة المأسوية" وتعلم بأن سبيل والده المغفور له وأساليبه في مواجهة مظاهرات الشعب، أو تمرده، لما كان قد سمح، بعلمه أو بدونه، بإطلاق رصاصة واحدة على أي من أبناء هذا الشعب البار. لقول الحقيقة، وكما تَظهرُ عليه "أشياء" الموقف، لم يتعلم الابن أي شيء، في كلا الحالتين. وبالتالي، لن تفلح معه، هو ونظامه، لا "العقلانية"، من العقل، ولا "الواقعية"، من الواقع. فلو كان عاقلاً لعقل وقبل بحقيقة أن المجتمع السوري قد رضا، ووافق، طواعية أو بالتزييف والخداع والقوة، بتوليه دفة الحكم والجلوس على عرش الجمهورية، وهذا وحده كافياً لدفعه نحو احترام، تبجيل وحتى تقديس إرادة هذا المجتمع، أكثر من احترامه لنفسه، لحزبه، لنظامه وعائلته أيضاً. "موت يا حمار حتى قدوم الربيع"، يقول المثل العربي الشهير، رداً على العقلانية. أما الواقعية، فلو كان يفقه شيئاً منها، لفقه بأننا لا نعيش في زمن "البابا" وتسلطه، بل دخلنا العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، بكل وسائل اتصالاته وتداول الأخبار والمعلومات فيه، من كل صوب وحدب، وإن مُنعتْ كل وسائل الأعلام في العالم من دخول البلد. أو ربما بفضل هذا المنع ذاته! فالعالم، لاسيما العالم العربي، أصبح يسمعُ تقريباً كل طلقة يطلقها "شبيحة" ما، "بلطجي" ما، أو قناص مجرم متخفي في الملابس المدنية، حتى ولو غابت كل كاميرات الإعلام التقليدي، ووسائل نقله وصحفيه. مهما كانت العوائق، سيصل الخير والصورة معه كذلك، بفضل ما أشتغل عليه الشباب وطوره من وسائل نقل أخرى (لا يشكل الانترنيت والفيسبوك إلا جزاءً منها). فما حدث في تونس، مصر، اليمن، ليبيا، البحرين، العراق، أيقظ أكثر التنابلة من سباتهم العميق والسحيق! تلك هي، من وجهة نظرنا، "ألف وياء" التجربة التي "بدأت منذ عام 1963"، والتي لم تنته فصولها أو صفحاتها حتى يومنا الكارثي هذا. فيما تختنق "العقلانية" و"الواقعية" ليس بغازات النظام المسيلة للدموع وحسب، بل أيضاً برصاصه الحي وقطعه لحناجر المنشدين حرية شعبهم. منْ يضعُ حداً لهذا الإرث المثقل "بأخطاء الاختيارات" وخطايا الناس؟ لا ريب أن منْ سيقوم بذلك هو الشعب السوري، ومعارضته الداخلية خاصة، كما ستساهم فيه معارضته الموجودة حالياً خارج أرض الوطن، ولكن بدون السلطة، المتهاوية، مهما طالت أشهر وربما سنين الصراع معها. لا نظن بأن التأمل الورع، ميشيل كيلو، يوافقنا على هذا الرأي والرؤية. فهو يخبرنا بأنه إذا ما قبلت السلطة بدفع الثمن هذه المرة، على غير عادتها، ولا "تجبر المجتمع على دفعه"، كما كان الأمر مألوفاً في السابق، أي حتى هذه الساعة، فسوف "يقبل السوريون دورها ومكانتها ضمن نظام انتقالي، قبوله هو الثمن المعني". أشعر شخصياً، وربما معي جموع غفيرة من السوريين، وكأني في حلم! حلم الحفاظ على "الدور والمكانة"، ضمن "نظام انتقالي"! منطقياً، أعني في أبسط أشكال "العقلانية" و"الواقعية"، في "نظام انتقالي" ليس هناك لا من دور ولا من مكانة محجوزة ومؤمنة سلفاً لكائن منْ كان. عند هذه النقطة، قد يحق للنظام السوري الارتياب بنوايا طرح كيلو! إذ منْ يضمن له دوراً ومكانة في "الانتقالي"؟ لا أحد. اللهم إلا "الانتقالي" نفسه أو، بلغتنا الخاصة، "التأمل الورع". لنصغي له : "نظام انتقالي، لا يقصي أحداً ولا يكون على حساب أحد، فيه مصلحة الجميع، وطي صفحة ما حدث خلال نصف القرن الماضي". لا يقصي أحداً، بما فيهم قتلة النظام وشبيحته المفترسة؟ قد يكون، منْ يدري!
و"لا يكون على حساب أحد"، بما فيهم مصاصي دماء الشعب السوري من شريحة رجال الإعمال، الذين اغتنوا بسرعة البرق، كما هو الأمر في مصر، على حساب فقر وعوز الناس، وتنظيمهم لعمليات النهب والإفساد والرشوة، كما هو الأمر في العراق؟ قد يكون، من يدري! لكن، كيف ستطوى "صفحة ما حدث خلال نصف القرن الماضي"، إذا ما فكرنا في أن يظل لسلطة كهذه دوراً ومكانةً، مهما كان ذلك الدور وهذه المكانة؟ بقدرة قادر، "بكن فيكن"؟ لا يمكن لصفحة مثقلة بنصف قرن من "أخطاء الاختيارات" التي أوصلتنا إلى "التجربة المأسوية" أن تطوى بمجرد قبول السلطة في "أن تدفع هي الثمن هذه المرة". لا يبدو لنا، مرة أخرى، بأن حججنا وبراهيننا ستقنع "التأمل الورع" لميشيل كيلو. ذلك لأن رغبة أقناع السلطة عنده بدفع "الثمن" هذه "المرة" رغبة قوية، نموذجية ولا يتخلى عنها بسهولة. لنصغي : "هذا النظام الانتقالي، الذي ستقبله السلطة كي يتوفر لها مخرج من الأزمة، هو الحل الأمثل لوضع البلاد ووضعها...". لن تقبل السلطة "بالانتقالي"، لأنه سوف لن يقزم "دورها ومكانتها" وحسب، بل يلغيها، كشرط للعبور إلى الضفة الأخرى، وليس توفير "مخرج" لها. من ناحية أخرى، لن يكون "هو الحل الأمثل لوضع البلاد ووضعها". لماذا؟ البلاد ما زالت تأن، أو أنها تأن أكثر من أي وقت آخر من "صفحة نصف قرن المآسي"، فيما لا تكف السلطة عن الإعلان عن قوتها وتتظاهر بأن الأمور على أحسن ما يرام. يبدو أن "الأمثل" قريب تماماً من "المثالي". ما دام الدفع الذي يطالب به كيلو السلطة "ليس تضحية تقدمها على مذبح الوطن"، "بعدما تعرض له من مشكلات وإفساد وقهر على يديها، بل مكسب ومغنم". نتفق تماماً مع الكاتب بأن سلطة كهذه لن تقدم نفسها ضحية "على مذبح الوطن"، بل تذبحه. هو المثخن بـ "مشكلات وإفساد وقهر على يديها". أبعد من ذلك، ستُحققْ السلطة من كل هذا، إذا ما وافقت "مكسب ومغنم". هل ما زالت، حتى اليوم، بحاجة إلى "مكاسب ومغانم"، بعد نصف قرن من "التجربة المأسوية"؟ أجل، يرد علينا التأمل الورع : "خاصة إن كانت هناك بالفعل مؤامرة خارجية أو داخلية". نحن نتفهم خشية أن تكون هناك "مؤامرة خارجية، بالرغم من تعاسة الإلحاح على أمر كهذا، لكن كيف يمكن فهم "المؤامرة الداخلية" والناس تصرخ من دمشق، صعوداً نحو الزبداني، ومروراً بدرعا، بحلب، بإدلب، ووصولاً إلى دير الزور "سوريا بدها حرية"؟ نكاد نصاب بالشلل. نكاد نتحول إلى تمثال من الشمعِ، خاصة وأن التأمل الورع ينهي نقطته الثانية بالطريقة التالية: "ولعله لم يعد سراً أنه لن يحقق أغراضه (النظام)، بالنظر إلى اتساع رقعة الاحتجاج، وكثرة المشاركين فيه، وانتشاره الجغرافي الذي يغطي معظم البلاد". ليس هذا فقط، ولكن أيضاً : "عجز الخيار القمعي عن التصدي لمشكلات من طبيعة مجتمعية وسياسية تتصل ببنية الدولة والمجتمع والسلطة، والعلاقات المتشابكة، المعنوية والرمزية الطابع في حالات كثيرة، القائمة منها". تلك هي الصورة بالفعل. ما الذي ينبغي عمله مع "عجز الخيار القمعي"، أي قرار السلطة، القطعي والحاسم، بالقضاء على "رقعة الاحتجاج الواسع وانتشاره الجغرافي" بنفس الأدوات المعروفة، أي البارود؟ قبل أي فرد أو جهة، قدم الشعب السوري نفسه، بمعارضته الداخلية والخارجية، الإجابة الصحيحة والقوية : لا يكفي الإعلان عن "عدم المشاركة بحوار مع النظام القمعي"، بل ينبغي العمل على "أزالته، كعائق لا يحترم حتى الجغرافيا".
08-أيار-2021
22-أيلول-2018 | |
14-تشرين الأول-2015 | |
04-تشرين الثاني-2011 | |
10-تشرين الأول-2011 | |
01-آب-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |