يا أمي ردّ عليي
2011-11-30
"يا أمي رد عليي ..دخيلك يا الله ... أبوس رجليكم أسعفوه" .. صرخات أم الطفل ساري الذي استشهد يوم أمس في حمص لو سمعتها الجبال لتزلزلت أمام جلال هذا الألم العظيم، وكم أم في بلادنا استغاثت "أسعفوه" ولم يسمع استغاثتها أحد؟ بل كم شاب فتك بجسده رصاص أعمى وكان بالإمكان إنقاذ حياته لو أنه فقط تم إسعافه ؟ .
أم ساري صرخت مستصرخة الضمائر الحية فمزقت قلوبنا وأقضت مضاجعنا.. لم يكن ذلك صوت نحيبها وحسب بل كان نحيب كل الأمهات اللواتي عاد إليهن الأولاد مضرجين بالدماء، وعبثا استجدوهم الرد على ندائهن .. "يا أمي رد علي" . فسمعنا مما سمعنا صوت أم الشهداء الثلاث من آل الظاني في ادلب .. وعجزنا أمام حيرتها في لحظات الوداع الأخير ..أي منهم ستغسله بدمعها، وأيهم ستشبعه ضما وتقبيلا وأيهم ستمسح بأصابعها الحانية جبينه .. الدمع الذي تحجر في مقلتها فتك بالحجر، وأعاد ذكرى أم الشهداء الأشقاء الأربعة من عائلة أبا زيد الذين عثر عليهم مع والدهم في مقبرة جماعية منذ عدة أشهر في درعا، تلك الأم التي لم تمهلها الفجيعة لتذرف ما يكفي من الدموع وعاجلتها لتتوسد مع عائلتها التراب. كما سمعنا تنهدات تحرق الحشيش الأخضر من أمهات الشهداء الأشقاء من آل الزهوري في القصير حمص لم تكن أما واحدة بل أمهات منهن من فقدت وحيدها ومنهن من فقدت أثنين من أبنائها وأخرى فقدت ابنها ومعيل أسرتها... أمهات وأمهات وما أكثرهن ممن لا بواكي لهن ..
صرخة أم ساري يوم أمس أيقظت صرخة أم حمزة وأم هاجر وأم تامر الشرعي وهي تتعرف على جثمانه المعذب " هذا ابني هذا أبني" كما حركت في صدورنا أنات أمهات كثر لا نعرفهن، لكن دموعهن التي بللت الوسائد أغرقت كلماتنا وغسلتها من المعنى، فكل ما يمكن أن يقال سيبقى فارغا أمام جلل المصاب. لنمكث نمضغ حسرة الإجابة على سؤال ترى ألم يكن بالإمكان إنقاذهم؟
ربما نعم، وربما لا، لكن ما نعرفه أن الإسعاف ليس سهلا، وغالبا لا يتوفر، وكم من شهيد قضى نزفا بإصابة غير قاتلة، وأكثر ما يثير الإستغراب كان الضجيج الذي أحدثه في الإعلام العربي لاسيما اللبناني الشقيق، سقوط عشرين شهيدا من أخوتنا المصريين في ميدان التحرير في القاهرة في أحد الأيام، والاهتمام الكبير بنداءات الاستغاثة لتوفير الدم لمشفى القصر العيني الذي أسعف إليه الجرحى. نقول ذلك طبعا بعد الترحم على الشهداء والتمني للجرحى الشفاء، وبعد التأكيد على أن الاهتمام بالشهداء وباستغاثات الإسعاف واجب إنساني يستحقه كل البشر فما بالنا بأشقاء الروح المصريين الأحرار. ولكن الاستغراب و الأسف هنا فيما يثيره ذلك الاهتمام من تساؤل مرير لماذا لا يلقى جرحانا السوريين التعامل الإعلامي ذاته؟ ولماذا ارتاحت وسائل الإعلام لتحول التقارير عن سوريا إلى عدادات لأرقام الشهداء مجردة من الإحساس الإنساني، فتتفاوت الأعداد بين قناة وأخرى، وكأننا في مزاد دماء تسفك رخيصة، دونما اهتمام بالجرحى، ولا لمأساة صعوبة الإسعاف، إن لم نقل استحالته بل استهداف طواقم الإسعاف..؟ كثير من الأخبار تتناول ما يجري في سوريا وكأنه لعبة كومبيوتر، كلما بذلت فيها الدماء أكثر زادت تشويقا وإثارة..!! لا ألما وحزنا وشقاء ..!!
ترى كم تحتاج الضمائر المتبلدة من صرخات "يا أمي رد علي" حتى تتحرك لتغيث أمهات الشهداء ؟ لتغيث الجرحى.. لتغيث سوريا.؟!
عن مثقفون أحرار لسورية حرة
08-أيار-2021
30-تشرين الثاني-2011 | |
03-أيلول-2011 | |
20-تشرين الأول-2010 | |
بعد فشل حركته التصحيحية داخل بوكر رياض نجيب الريس يعلن الانقلاب عليها |
28-آذار-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |