أنقذوا صانعَ طفولتنا «محمود سالم»
2012-01-18
القلبُ الرحبُ الذى وسع قلوبَ أبناء جيلى، ينبضُ الآن فى خفوت ووهَن. القلبُ الذى صنع طفولتنا ينتظرُ الآن تركيب صمام يتكلف ١٢٠ ألف جنيه، لكى ينبضَ من جديد بالحب، لمصرَ وأبناء مصر. اليدُ البيضاء التى ضمَّت أيادى ملايين من أطفال مصر والعرب، لكى تعبر بهم من الطفولة إلى الصبا إلى الشباب، ترقد الآن واهنةً فوق فراش المرض، تترقّبُ يدًا تأخذ بها لكى تواصل العطاء والحبّ.
محمود سالم، الصائغُ الماهر الذى صاغ عقولنا كما تُصاغُ الجواهرُ والدُّرر، ينتظر الآن الخضوعَ لجراحة دقيقة فى القلب. لكن كُلفةَ الجراحة لا تملكها اليدُ التى علّمت ثلاثة أجيال من أطفال مصر، كبروا الآن وصاروا مهندسين وأطباء وعلماء وقضاةً ومُبدعين نابهين فى الأدب والموسيقى والفن، فى مصر والعالم.
مؤلف سلسلة ألغاز: «المغامرون الخمسة» و«الشياطين الـ١٣»، الروايات البوليسية التى صدرت عن «دار المعارف» فى السبعينيات والثمانينيات الماضية، فطبّقت شهرتُها الآفاق. كلُّ عدد كان يُطبع بالملايين، فينفد فور صدوره. طرح خلالها محمود سالم صراع ثنائية: (الخير- الشر) فى الوجود. المغامرون الصغار: (تختخ، محب، نوسة، عاطف، لوزة)، يمثلون «الخيرَ»، فى أنقى مستويات براءته وذكائه. بينما يُمثّل «الشرَّ»، اللصوصُ والمجرمون والجواسيس والمُهرّبون والسفّاحون والقتلة.
أما «المفتش سامى»، فيمثّل دور رجل المباحث المثقف الذى يحترم عقول النشء الطالع ويثق فى قدراتهم، فيمنحهم الفرصة ليكونوا يدًا للعدالة تساهم فى بناء مصر وتخليصها من الخارجين عن القانون. ومثّل الشاويش «فرقع»، الوعى الشعبىّ السلبىّ المُشوّش، الذى يسعى المؤلفُ إلى النهوض به والارتقاء بقدراته، مستثمرًا فطرتَه المصرية الطيبة التى أجبرته على حبِّ المغامرين الصِّغار فى عمق سريرته، وإن جاهر بعدائهم، لأنهم دائما يسبقونه فى حلِّ الأُحجيات والألغاز والوصول إلى المجرمين وتقديمهم للعدالة قبل وصوله هو، الشاويش: رجل الأمن. كذلك لم ينس المؤلفُ تطعيم الروايات بقيمة إضافية مع الكلب الأسود الزكى «زنجر»، لكى يتعلّم الصغارُ أن محبة الحيوان والحنوَّ عليه قيمةٌ وجودية عُليا ترتقى بالإنسان وتسمو بوجدانه. قدّمت الألغاز لقارئيها جولات «مكانيةً» واسعة فى ربوع مصر، كنوع من السياحة الداخلية، تُعرّف القراء من النشء على بلدهم العظيم، فتتأصّلُ أواصرُ الوطنية فى أرواحهم.
فخرجت المغامرات من حيّزها الافتراضى الأول: «ضاحية المعادى» حيث يسكن المغامرون، إلى مدن مصر الأخرى، ثم تجاوزت حدود الوطن فى بعض الألغاز. الحقُّ أن الاسترسال فى الكتابة عن سلسلة «المغامرون الخمسة» لا ينتهى، ويحتاج إلى آلاف الأوراق، ولن نفيها حقَّها، مثلما لن نفى كاتبَها حقّه. لذلك علىّ الآن أن أتوقفَ عن سرد عشرات القيم النبيلة التى تعلمناها على يد هذا الكاتب الكبير، لكى أناشدَ صنّاع القرار السياسىّ والثقافىّ أن ينقذوا لمصرَ هذا الرجل، القيمة العالية، الذى يرقد الآن على فراش المرض، ينتظر، وننتظر معه، أن يُردُّ له الجميلُ الذى صنعه لآباء ثلاثة عقود من أبناء مصر.
أناشدُ الناشر المثقف «إبراهيم المعلم»، صاحب دار «الشروق»، وأناشدُ «دار المعارف» و«الهلال»، وكذلك وزير الثقافة د. شاكر عبدالحميد، وكلَّ مَن بوسعه أن ينقذَ لنا هذا القلم النبيل، الذى علّمنا الجمالَ والعدلَ والوطنية، ورتّب أذهاننا بالتحليل المنطقىّ للشواهد والأدلة، من أجل الوصول إلى الحقيقة وتقديم الجُناة إلى القضاء، دون إراقة نقطة دم واحدة. أنقذوا قلبَ مصر الجميل، محمود سالم.
أستاذى النبيل، أقدمُ لك قلبى بكل فرح، سوى أنه، مثل قلبك، مُثقلٌ بالهموم والخوف على مصرَ الحبيبة.
عن جريدة المصري اليوم بإذن من الكاتبة
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |