Alef Logo
يوميات
              

رائحة بارود في فضاءات دمشق..

خولة دنيا

2012-02-01

اليوم لم يكن كأي يوم، كما البارحة لم يكن كأي بارحة.. ولا ما سبقه ...من أيام.. لم تكن كأي أيام.. لكن اليوم كان مختلفاً في رائحة البارود التي تعبق في سماء العاصمة... حاولت أن أعرف مصدرها، هل تأتي من المليحة القريبة، أم دوما...؟ عربين.. أم زملكا؟... أم تحملها ريح كانون القاسية مع نثرات الثلج من رنكوس....؟ اليوم كان مختلفاً يا مدينتي، نحاول أن نسلك دروبك الوعرة المليئة بالحواجز.. كما نحاول تجاوز نظرات الجنود المدججين على مفارقك.. نحاول أن نتجاوز نظراتهم، أن نكون أكثر من طبيعيين، فتنطلق ضحكات صفراء من أفواهنا، ونظرات صفراء من عيونهم... نحاول أن نميز رجال الأمن على المفارق، فنعد واحد .. اثنان، الثالث رجل أمن... من من المجانين يمكن أن يغادر بيته ليقوم بزيارة ويشرب فنجان قهوة على ناصية شارع بينما أصوات المدافع تصم الآذان وصليات الرصاص تطغى على صوت الصمت.. إلا نحن!!! أبناء العشق الأزلي لدمشق، لا يمكن أن نقتنع بتوقفنا عن الخروج، أو السهر... أو العودة متى شئنا إلى بيوتنا... فنحتمل نظرات الفضول وعيون رجال الأمن.. نحاول أن نردد أننا ملوك المدينة، ولا مكان لرجل الأمن بيننا... لكن خشيتنا تغلبنا في أحيان كثيرة.. في الصباح عندما اقترب صوت المدافع ولا أدري ما اسمه من سلاح مضاد لما لا أدري... تقوقعت على نفسي في فراشي... عيوني مفتوحة على اتساعها وكأنها تحولت إلى آذان .. أحاول تمييز الصوت من أين يأتي.. في بناية قريبة خطر لطفل لم يتجاوز السادسة، أن ينشد من على شرفة منزله... الشعب يريد إسقاط النظام.. لأكثر من ساعتين وأنا متقوقعة بتلك الوضعية الجنينية.. العيون بقيت متسعة... وأصوات الرصاص لم تكن مجردة أبداً.. ما الذي أخذني إلى الأجساد المخترقة بتلك الرصاصات، ولا أدري ما اسمه من سلاح مضاد لشيء ما... حاولت أن أتخيل نوع المعركة، كما نوع الأجساد التي تتلقى الضربات.. البيوت التي تتبعثر كالألعاب تحت ضربات المدفعية... الأرواح التي تزهق، وتلك التي تحمل جروحاً لا تندمل لما بقي من العمر ... هي المعركة التي نخسر فيها من أنفسنا... كلما سقطت قذيفة، فأفكر كم نحتاج لإعادة تعمير ما دمروا من أجسادنا وبيوتنا وأطفالنا وأرواحنا؟ ألا يكفيهم كل ما نهبوا منا لأربعين عاماً، فاختاروا أن ينهبوا ذواتنا وأطفالنا ومحبتنا لبعضنا.... ألا يكفيهم كل ما أخذوا ليأخذوا ما تبقى من إنسانيتنا ونقاءنا؟ اليوم كان مفترقاً مهماً لثورتنا، تعمّد بصوت المدافع، تلك المدافع التي لا يعترفون بوجودها، كما الدبابات التي أسدلوا عليها طاقية إخفاء كي لا يروها هم.. فينكروا وجودها... عيون الجنود خائفة، رغم الليل والبرد .. عيون رجال الأمن كعيون لصوص الليل... وعيوننا عبثية تغور في إخفاء اللحظة. هي دمشق.. عاصمة نزوتنا الكبيرة.. التي حلفنا أن ندخلها لننعس في إحدى ساحاتها وننام ملئ أجفاننا في يومٍ يكون لنا خالصاً.. هو يوم سقوطهم وصعودنا.... خولة دنيا

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

القتل على مايبدو سهل.... فهل التعايش مع القاتل سهل كذلك؟

14-أيلول-2012

المثقفون والارتداد إلى الطوائف....

06-أيلول-2012

جميلون حتى في موتهم...

27-آب-2012

في انتظار العيد.... وقفة

19-آب-2012

بابا عمرو.... يا عمري واللوز يا عينيَّ

03-آذار-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow