في انتظار العيد.... وقفة
2012-08-19
اليوم وقفة العيد...
تستطيع أن تقطع دمشق طولاً وعرضاً وشمالاً وجنوباً خلال ساعة..
لا يوقفك سوى الحواجز المنتشرة في كل مكان....
لا أطفال يتجهزون للعيد... لا أراجيح تنصب في الساحات والمحاضر الفارغة..
الحميدية تشبه نفسها في يومٍ مثلج لم تعتد عليه دمشق...
ألعاب السنة الفائتة أو ما قبلها تتراكم على بسطات المحلات..
ألوان موضة السنة الماضية يلفها غبار الإهمال على الواجهات والمباني
كائنات غير آبهة بتغير الفصول والالوان... وتغير الأمزجة والرغبات....
ننتقي ألعاباً علّها تترك بصيص فرح في عيون أطفال الشهداء... وعلّها تخفف من وقع صليات الرصاص وضجيج طائرات الموت...
لا .. لا نريد مزيداً من البنادق والمسدسات حتى لو كانت مسدسات ماء... يكفي كل العبث القاتل بين أيدي الاطفال...
لا جنود بلاستيك.. ولا قنابل صابون.. لا ألوان الخاكي... ولا طائرات هليكوبتر...
قليلٌ من حيوانات المزرعة قد تكفي لتعيد ذكرى أيامٍ مضت..
قليلٌ من المكعبات قد ترمم بيتاً مهدّماً أو تعيد إلصاق سور البيت من جديد....
دمشق الحائرة بين العيد ووقفته، تقف على حيادٍ قاتل ترقبُ خوفنا وصمتنا، وجعنا ومحاولاتنا للنيل من الفرح، لنهديه لأطفال الحرية.
دمشق المقابر الجماعية، تهادنُ رغبات الكثير منّا لزيارة قبور من ماتوا في غفلة عن الزمن الحاضر، ومن استشهدوا في تصميم عجيب لإعادة عجلة التاريخ للدوران في دمشق....
هل الطرقات مقطعة؟ هل أستطيع زيارة أبي وأمي غداً؟ كثيرون من سألوا البارحة.... فهل زاروا أحبتهم اليوم؟.. هل سيزورون أحبتهم غداً؟
هل سأتحدث مع أمي بعد غياب عيدين ووقفة؟
هل الاتصالات متوفرة في بقعة الأهل البعيدة؟... وهل صوتي أمن وأمان على من أحب؟....
لهيب آب يزهر برداً وسلاماً في أرواح من رحلوا.. ومن اختاروا انتظار القادم..
والعيدُ ما زال بعيداً عن عيونِ أطفال دمشق
***
حتى في الانشقاق هناك خيار وفقوس....
هناك من يتم استقبال انشقاقه بالتعظيم والتأهيل والترحيب، وبمحي كل الذنوب السابقة واللاحقة.. إزالة الاسم عن قوائم العقوبات.. وحتى أكتر من هذا سمعت أنه يتم تأمين إقامات وبيوت وحراسة وكل ما يمكن تأمينه.... هو انشقاق من نوع: يجبّ ما قبله.. وكأن صاحبه ولد الآن نقياً طاهراً.. وكأن أبواب جنة الأرض فتحت له على مصراعيها.. فكيف إن كان الوعد بمستقبل يستمر فيه بلعب دورٍ ما،
ربما محورياً لتقرير مصير العباد في اللاحق من الأيام.... ومع ذلك نقول لهذا الخيار مرحبا.. وهل من مزيد؟....
النوع الآخر، انشقاق شعبي بائس، وكأن الفقراء والناس العاديين كتب عليهم شقاء الدنيا والآخرة معاً... وكأن كل ما بذلوه ويبذلوه لا يمكن أن يأتيهم بالحياة الفضلى التي قدموا ويقدموا التضحيات من اجلها.. هو انشقاق الفقوس..... معتر سابق ومعتر حالي ومعتر مستقبلي كما قد تنبئنا تداعيات السياسة والخيارات التي سوف تطرح.... فبعد أن يخسر ما يخسر.. من جني حياته ومستقبل أولاده، خوفا وتضحية وغموض مآلات... تفتح له ابواب التعتير ثانية في بلاد الرحيل والترحال.. فإما تتلقفه خيمة في الأردن، أو خيمة في تركيا... ليتمنى لو أن ما صار إليه الحال يمكن التراجع عنه..... هو صاحب الموقف الإنساني البسيط صاحب الكرامة والتضحية... لا بنوك تنتظره في الخارج، ولا دفاتر بالذنوب تمحي له ما سبق انشقاقه... على العكس تماماً هو مطالب بالعودة للبلد كي يضحي بما تبقى له اي حياته... وإلا فكيف ستنتصر الثورة بدون تضحيات الفقراء والمساكين؟
بين الخيار والفقوس يبقى الانشقاق ضرورة لمزيد من تفكيك النظام... ولكن ألا من يرى ما يحصل ويحاول ان يقيم العدل للمنشقين؟ فعدالة الدنيا تنبئنا بما سيكون عليه مستقبلنا.. وإلا فنحن ننتقل من ظلمٍ إلى ظلم.... وإن تغيرت التسميات.
08-أيار-2021
14-أيلول-2012 | |
06-أيلول-2012 | |
27-آب-2012 | |
19-آب-2012 | |
03-آذار-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |