الموقف الخليجي من سوريا
خاص ألف
2012-02-13
أولا : مدخل تاريخي
تاريخيا ظلت سوريا وبلاد الشام الرئة التي تتنفس بها البلدان الخليجية،والقبلة الاقتصادية والسياحية لها، عدا عن الروابط الاستراتيجية الحيوية القومية والحضارية والثقافية التاريخية التي تمتد جذورها عميقا لعشرات القرون .
لقد شكلت تلك العلاقة الحميمة الجهاز المناعي القوي، الذي يحميها دائما من أي مرض أو خلل طارئ يعتريها جراء التغيرات السياسية المتبدلة التي اجتاحت وتجتاح بلاد الشام وسوريا خلال قرن مضى، وبالأخصفي الفترة التالية لانتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 - هذه الفترة التي شهدت تغيرات دراماتيكية عاصفة فينظم الحكم والعلاقات العربية – العربية، ونتج عنها حروب ثلاثة رئيسية، وحروب جزئية مع اسرائيل، ونتج عنها صراعات سياسية حادة فيما بين بلدان المنطقة، وداخل كل بلد .
ومنذ إمساك البعث بالسلطة في سوريا، بدأت العلاقات مع الخليج تسوء، وتتخذ صفة الحرب الباردة، التي كان ميزان الحرارة فيها يرتفع وينخفض طوال العقود الماضية، تبعا لمساعي الطرفين المستمرة لجسر الهوة بينهما بلا جدوى، وكانت أقرب إلى المجاملة السياسية، والمناورة، التي تعبر عن وجود أزمة عميقة من عدم الثقة المتبادلة بين الطرفين . ولطالما لعب البعث الحاكم في سوريا بإتقان دور البطولة في التصدي للقضية الفلسطينية لإحراج حكام الخليج وابتزازهم ماديا ومعنويا، محققا أرباحا محدودة ومرحلية، وتحسن العلاقة لم يكن سوى سحابة صيف عابرة، لتعود سريعا إلى نوع من المناكفة ونصب الأفخاخ والكمائن وتصيد الفرص لانتزاع مكاسب تكتيكية، تفضي تراكميا إلى تحقيق انتصارات نوعية مشهودة في ساحات بعينها، كالساحة اللبنانية،التي استطاع الأسد الأب بدهائه تحقيقها،وتسجيل نجاح فيها على حساب الخليج، الخاسر الأكبر في الملعب اللبناني
ثانيا : انشقاق سورية الأسد عن الصف العربي
شكلت الثورة الخمينية الإيرانية عام 1979 تاريخا فاصلا لمرحلة جديدة من العلاقات السيئة بين سوريا وبلدان الخليج العربي . وازدادت سوءا بعد نشوب الحرب العراقية الإيرانية . حيث انشقت القيادة الأسدية عن الصف العربي، وانفردت بالانحياز لإيران في حربها مع العراق، ما أثار حفيظة العرب وبلدان الخليج العربي، التي وضعت ثقلها لمؤازرة العراق في حربه مع إيران . كان الموقف السوري فاصلا، وشكل حالة طلاق مع العرب عموما، وبلدان الخليج خصوصا . واختارت سوريا الأسدية الغناء خارج السرب العربي منذ ذلك الحين . ولم تقف عند هذا الحد، بل عملت على تخطي حدودها الجغرافية الإقليمية، في مسعى لعبور الحدود سياسيا واقتصاديا وعسكريا، لخلق امبراطورية أسدية إقليمية صغرى في لبنان وفلسطين والعراق، بدعم إيراني لا محدود، وبدعم روسي – صيني، إضافة إلى دعم دولي من قبل البلدان المعادية للغرب حول العالم . بكلمة أخرى، استطاع الحكم الأسدي خلق امبراطوريته الصغرى الوهمية أكثر منها الواقعية، حيث تمكن من شرعنة احتلاله للبنان عربيا ودوليا، وتحويله إلى محمية سورية – إيرانية ( عبر حزب الله ). اكتشف حكام الخليج متأخرا فشلهم في التعاطي مع الأسد الأب، الذي نجح في خداعهم واستدراجهم أكثر من مرة للوقوع في الأفخاخ والكمائن التي كان ينصبها لهم في كل مرة، ولاسيما في لبنان، ولكن بعد فوات الأوان . وأدركوا متأخرين الطبيعة الميكافيللية لشخصية حافظ الأسد الطموحة، والتي كشفت عن نفسها باتباع سياسة المحاور، والبحث عن المزيد من الأوراق القوية للعب بها والمساومة من خلالها لتحقيق المكاسب على الساحة الشرق أوسطية، واشتم الخليجيون رائحة الطائفية السياسية القوية من التحالف الشيعي الإيراني السوري المتنامي القوة، والمكشوف الأهداف، وصار المحور القوي المهدد لبلدان الخليج قاطبة، والذي يسبب لها الإحراجات السياسية المتتالية، ويعمل دوما على سحب البساط من تحتها، وتقليم أظافرها في شرقي المتوسط، وخصوصا في لبنان والعراق وفلسطين، وأصبحت الخصومة السياسية هي المبدأ والقاعدة في العلاقات بين المحورالشيعي وبلدان الخليج، وهذا التحالف المذكور وقف بقوة في مواجهة علنية وصريحة ومكشوفة مع العرب، وخصوصا بلدان الخليج العربي، التي تصطف في الخندق الآخر، المتمثل بالعالم الحر عموما . وشكل التحالف المذكور خطرا متزايدا على المنطقة والعالم،خاصة وأنه خطر ينطلق من نوايا وخطط عدوانية توسعية وتدخلية تجاه البيئة الإقليمية والدولية المعادية له، والكابحة لأطماعه .
كانت تكلفة السياسة السورية باهظة، ماديا ومعنويا، وكان الشعب السوري أول وأكبر المتضررين منها اقتصاديا وسياسيا . ولاسيما في العقد التاسع من القرن الماضي . وعاشت سورية حالة عدم توازن بين السياستين الداخلية والخارجية، حيث تضخمت السياسة الخارجية على حساب السياسة الداخلية، التي حولت الوطن والمجتمع السوري إلى رهينة بيد القيادة السياسية الستالينية الطابع . وعانى الشعب السوري في تلك الفترة التالية لسقوط رفعت الأسد حالة من التدهور الاقتصادي المدمر، في حين كانت القيادة تزداد ثراء من خلال النهب والفساد وإدارة سوق سوداء رابحة ومحتكرة، مكنها من صناعة آلية للفساد والإفساد الشامل .
واستمرت الحال كذلك حتى حصل تغير إبان الحرب على العراق لتحرير الكويت : البلد الخليجي المهم . ولم يكن الموقف السوري آنذاك سوى فرصة للثأر والانتقام من عدو وخصم عنيد وشرس وخطير، هو صنو النظام البعثي السوري، والمتمثل بالبعث العراقي ومالكه الحصري صدام حسين . ولم يتعارض أويتناقض هذا الموقف مع الموقف الاستراتيجي السوري الإيراني المعادي للعراق الصدامية، أكثر من عدائه للبلدان الخليجية . كان الموقف السوري منسجما مع ذاته وخطه السياسي الاستراتيجي العام، والمعادي للخط الخليجي استراتيجيا، والمتحالف معه الكويت كانت كبش الفداء الذي أنقذ سورية الأسد من براثن الذئب البعثي الصدامي العراقي. وكان إضعاف العراق أولوية سياسية سورية، لتفادي حرب هجومية كان مخططا لها ضد سوريا . ولو حصلت قبل اجتياح الكويت لتغيرت كل المعطيات العراقية والإقليمية التالية بشكل مغاير لما حصل . والأرجح أن العراق الصدامي ما كان سيواجه ما واجهه بسبب حربه غير المحسوبة على الكويت التي تعتبر مصلحة استراتيجية للخليج والغرب معا .على العكس من سوريا التي تعتبر دولة معادية للخليج والغرب على طول الخط . ولكن لحسن حظ النظام السوري الأسدي أن ما حصل صب في خدمة بقائه وتقويته، وأدى إلى تحسن ملموس في العلاقة الخليجية السورية، وأيضا في العلاقة الغربية السورية، وقد انعكس هذا انفراجا وازدهارا اقتصاديا وسياسيا سوريا، وانفتاحا نسبيا على العرب والعالم، كما لا ننسى أن الأسد الأب اغتنم الفرصة ليحصل على أكبر هدية على غفلة من الغرب والخليج، إلا وهي اقتحام بيروت الشرقية، واستكمال سيطرته على لبنان ككل،وتحويله إلى ما يشبه المنطقة الحرة التابعة للنظام السوري اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وأمنيا، وتحويله إلى قاعدة متقدمة له، وجبهة مواجهة براغماتية مع إسرائيل خارج الأراضي السورية، جبهة هي أشبه بطاولة القمار السياسي، تحت أقنعة المقاومة الصوتية والإسمية الرخيصة . لقد كانت فرصة ذهبية لحافظ الأسد أن يضرب عصفورين بحجر واحد : الثأر والانتقام من عدوه الرئيس صدام حسين وإضعافه تماما، وتسجيل موقف زائف على دول الخليج والغرب، بأنه وقف معهم وإلى جانبهم في تحرير الكويت، مع أنه لم يخسر فلسا واحدا ولا جنديا واحدا، بل كانت العملية بالنسبة له ربحا بربح من ألفها إلى يائها وبلا أي مقابل أو جهد، أخذ كل شيء من غير أن يقدم شيئا، ولم تكن الكويت تعني له شيئا لا قبل ولا بعد الاحتلال العراقي لها . لقد ضحك حافظ الأسد على لحية البلدان الخليجية والغربية، وكان انتهازيا من الطراز النادر . وحقق انتصارات مجانية وسهلة، وكان كالساحر الذي يجيد لعبة الإيهام والخداع البصري والإدراكي،ويمتاز باستخدام السياسة المزدوجة ذات الوجهين : ( الباطنية والظاهرية ) ويجيد المساومة، لدرجة أنه كان يستطيع أن يسرق الكحل من العين قبل أن يدرك المسروق واقع الأمر، وهو ما كان يحصل كثيرا مع خصوم داخل وخارج سورية .
ومع ذلك، فإن الوضع المعقد للمشهد الدرامي في السياق المذكور، لم يتمكن من إلغاء المحتوى التاريخي الحيوي والأخوي بين الشعب السوري وشعوب دول الخليج، التي ظلت ملاذا آمنا للسوريين لأسباب لا مجال لحصرها هنا . وظل الخليج يميز ما بين النظام السوري، والمواطنين السوريين المرتبطين بمواطني الخليج بأواصر قوية وعديدة . وظل التناقض محصورا في نطاق العلاقة بين الحكومات والسياسات
ثالثا : الموقف الخليجي في ظل الثورةالسورية
في مرحلة حكم الأسد الابن ساءت وتدهورت العلاقات مع الخليج، وتابع الأسد الابن السير عكس التيار في كل ما يتعلق بالسياسات الداخلية والخارجية . ولاسيما في العراق ولبنان . وعادت المواقف الكيدية إلى الواجهة إلى أن انتشرت عاصفة الربيع العربي في المنطقة، ولم تسلم منها سورية .
إن ميزان حرارة الصراع ارتفع بشكل ملفت بين سوريا وبلدان الخليج، بعد اندلاع الثورة السورية التي تخوض معركة شرسة مع نظام ديكتاتوري، منفلت من أية معايير قانونية وأخلاقية وعقلانية، ولا مثيل له في التاريخ البشري . نظام يمسك بالسلطة، ويزجها في أتون حرب عبثية مجنونة على الشعب . رافضا أي حل يؤثر على احتكاره للسلطة، والتنازل عنها كليا أو جزئيا لصالح الشعب . إضافة إلى أن الحكم السوري، ومنذ البداية وجه الاتهام لبلدان الخليج، بأنها وراء كل ما يحصل في سوريا . وبأنها وراء مؤامرة خارجية إقليمية /عربية /دولية ـ تستهدف وجوده وسياساته الوطنية والعربية المزعومة . ولم يتردد الأسد الابن من إعلانها حربا شعواء ضد البلدان الخليجية عبر إعلامه الرسمي وغير الرسمي، والمبني على بث الإشاعات والأوهام والأكاذيب، لتشويه سمعة الخليج، والتأكيد على تورطه في التآمر على سوريا كما يحلو للإعلام السوري وصفه . وسوريا هي التي بدأت الحرب السياسية والإعلامية ضد البلدان الخليجية، التي وجدت نفسها في قلب المعركة رغما عنها .
وفي الواقع هي شيء من هذا القبيل، مادام الحراك الثوري في سوريا قد اختار جبهته السياسية المتوافقة مع الخط العربي العام الذي تقوده دول الخليج، وعبرت الثورة من البداية عن وقوفها الواضح ضد المحورالشيعي الإيراني السوري وصنيعتهما في لبنان : ( حزب الله ) . إضافة إلى انحياز الثورة للصف العربي والخليجي بشكل واضح وكامل، طالبة الدعم والمساندة والتأييد منذ الأيام الأولي، وبالغريزة المجتمعية والسياسية اتجهت الثورة بأنظارها إلى القوى الخليجية الأقرب إليها والتي تربطها بها وشائج الدم والعصب والعقيدة والهوية الثقافية والسياسية، وهي الأقوى والأقدر ماليا ولوجيستيكيا وسياسيا في المنطقة . والتي عليها أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية السياسية تجاه ما يجري في الداخل السوري، والذي سينعكس تأثيره الهائل على المعادلة السياسية العربية والإقليمية، لصالح البلدان الخليجية ومن ورائها البلدان الغربية .
وكعادتها كانت ردود الفعل السياسية الخليجة بطيئة ومترددة تجاه الأحداث الفاصلة في سوريا، ما ألقى بتأثيره السلبي علىا لحراك الثوري الساعي لتغيير الواقع الأسدي المريض مرض الشيخوخة الذي لا شفاء يرجى منه .
وكان على بلدان الخليج أن تدرك سريعا مصالحها الاستراتيجية الحيوية في استرداد سورية المختطفة، والسائرة عكس عقارب الساعة التاريخية والحضارية، وجاءت الفرصة لتصحيح المسار السوري،وإعادته إلى السكة، وتطبيع علاقاتها العربية والدولية . والقطع مع البلدان المارقة حول العالم . وعلى دول الخليج أن تلتقط الإشارة، وتستدرك ما فاتها، وانتقف إيجابيا وبشكل فعال مع الثورة، ونتائجها التي لن تكون ولن تصب في غير مصلحة البلدان الخليجية، مهما كان نوع النظام السياسي الذي سوف تختاره بعد زوال حكم الأسد الفاشل فعليا بالنسبة للشعب، والناجح فعليا بالنسبة له ولشلته وحاشيته وعصابته الحاكمة .
وأمام ما يجري في سوريا، لم يعد بالإمكان السكوت، واتخاذ مواقف سلبية، لأن ما يجري يهدد الأمن الخليجي، والذي يعتبر أمن سورية من أمنه .
لقد استنفذت سورية الأسد عوامل بقائها في السلطة، وحانت ساعة الحسم وسقوط الحكم الأسدي إلى غير رجعة . ومهما يكن البديل فهو أفضل من النظام السوري الحالي بالنسبة لدول الخليج لأسباب وفوائد جمة، نذكر منها : تعزيز الجبهة الخليجية ضد إيران المتطرفة، وتأمين النافذة الاستراتيجية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وتغيير الخريطة الجيو سياسية في لبنان وفلسطين والعراق، وهي الملاعب التي كانت تلعب بها السلطة الأسدية بالتنسيق مع الخصم الإيراني المتربص، وفتح بلاد الشام كلها من جديد للرياح الخليجية المتعطشة لتوسيع حدود مصالحها في تلك المنطقة التي تجتمع وتمتزج فيها مزايا الشرق والغرب معا . إن سورية جديدة لا يمتلكها شخص أو عائلة أو فئة، هي مصلحة للشعب السوري ولعموم بلدان الخليج والعالم الحر . وستكون سورية ديمقراطية وبالتالي أكثر أمنا واستقرارا للناس والأعمال والاستثمار . وستشكل بيئة مناسبة وآمنة لرؤوس الأموال الخليجية والعالمية، وهو ما لم يكن متوفرا في ظل حكم شخصي مزاجي متقلب ولا يمكن أن يكون محل ثقة
إن الأعمال والاستثمارات تحتاج إلى بيئة اقتصادية حرة ومحمية، وهذا بدوره يحتاج إلى بيئة سياسية مناسبة ومحصنة قانونيا ودستوريا ومؤسساتيا ضد البلطجة والتشبيح الاقتصادي الذي تنتهجه السلطة الحاكمة في سوريا، ويلقي بتأثيره على العلاقات الخارجية ومنها بلدان الخليج، التي كانت تحذر الدخول إلى السوق السورية، وهذا طبع المال والأعمال والاستثمار ورأس المال، الحريص والحذر والباحث عن الأمن والحماية والضمانات القانونية والقضائية . وفي بلد كسوريا لا يوجد فيه فصل سلطات، ولا استقلال قضائي، ولا حريات اقتصادية لا يمكن العمل فيه، فهو منطقة خطرة يسودها المنطق المافيوي الاقتصادي غير المنضبط، وغير الخاضع لأي ضوابط قانونية وأخلاقية وقضائية . والتخلص من المناخ السوري الراهن، سيفسح في المجال لظهور المناخ المطلوب للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي سيكون عامل جذب قوي للأعمال والاستثمارات الخليجية في سوريا . وستعود سورية كما كانت تاريخيا الرئة التي يتنفس من خلالها الخليج هواء البحر الأبيض المتوسط المعتدل، وستكون سوريا المزرعة والجنة والمصيف المفضل والأقل تكلفة والأمتع والأكثر حميمية بالنسبة لدول الخليج العربي . وستصبح سوريا صمام أمان للخليج اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، ومحيطا حيويا له يزيده قوة ويستمد منه القوة . ويخلق مشرقا عربيا جديدا أكثر انسجاما وتوافقا وترابطا وتنسيقا وتضامنا وتوحدا على الصعد كافة، مايجعله أقرب ما يكون إلى حلم الثورة العربية الكبرى فيخلق مشرق عربي موحد في دولة فيدرالية أو كونفيدرالية عظمى .
ولابد إذن من دعم الثورة السورية، وانتصارها هو مصلحة للخليج قبل غيره، لأنه سيكون هزيمة للمشروع الإيراني المتطرف في المنطقة العربية والشرق أوسطية، ولن تبقى سوريا رأس حربة إيرانية في الجسم العربي والإقليمي، ولا جبهته المتقدمة المطلة على مياه المتوسط ، ولا الجسر الذي يربطها بالقاعدة الإيرانية في لبنان وفلسطين، ولا بلدا مارقا منحرفا يسير عكس التيار، ويسوق الإرهاب والعنصرية والتطرف، ويهدد الأمن الوطني والعربي والإقليمي والدولي، ولا يؤمن له جانب،ولا يفهم منطق شعرة معاوية السياسي .
إنها الفرصة التاريخية تأتي على طبق من ذهب،ليبادر الخليج إلى القيام بواجبه وحماية مصالحه، وتحقيق حلمه في استعادة سورية إلى خندقها الطبيعي مع العرب والخليج والعالم الحر . ولتتحول سوريا إلى منطقة حرة عربية ودولية، تتقاطع فيها الأعمال والثقافات والاستثمارات، وتتحول إلى مركز تجاري عالمي، ومختبر حضاري متقدم، وورشة عمل دائم، للجميع من السوريين والعرب والأجانب . إضافة إلى إمكانية مساهمتها بحصة كبيرة في خلق قوة عسكرية مشتركة مشرقية لحفظ الأمن المشرقي والبلدان المكونة له . ومن البدهي إن الاستقرار السياسي هو شرط الاستقرار والتنمية الاقتصادية والبشرية وتحقيق الازدهار الشامل، وفي الحالة السورية لا يمكن تحقيق ذلك بدون نظام سياسي جديد ومختلف، يقوم على الديمقراطية السياسية والاقتصادية المنفتحة على الداخل والخارج . خاصة وأن الطبيعة الخاصة لسوريا تتطلب ذلك، فهي تختلف عن بلدان الخليج في هذه الناحية، حيث خبرت سوريا منذ عهد الأمير فيصل الحكم المدني الحديث، ومن تجربة الحكم البرلماني فيها خلال الانتداب الفرنسي،واستمر إلى ما بعد الاستقلال، وحتى العام 1958، ولا يمكن أن تحكم سوريا إلا على الطريقة الديمقراطية المدنية الحديثة . بحكم واقعها الجيوسياسي الخاص، وبنيتها الديمغرافية المميزة، وتجربتها التاريخية في ممارسة الحياة السياسية البرلمانيةا لتداولية والتعددية . والتي تجمع وتمزج بشكل ناجح مابين الأصالة والحداثة،ومابين التراث والجديد، ومابين الماضي والحاضر والمستقبل .
إن الاستثمار في الثورة، هو استثمار في مستقبل سوريا، الذي هو مستقبل الخليج أكثر من سواه . وعلى الخليج أن يدرك تلك الحقيقة، ويبادر إلى دعم الثورة، لأنه بذلك إنما يدعم نفسه سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وعلى جميع الصعد . وانتصار الثورة هو مكسب استراتيجي شامل للخليج كما لسوريا . ولا خيار آخر سوى خوض المعركة حتى نهايتها . ولا خيار للخليج سوى دعم الثورة ماديا ومعنويا، وبكل الوسائل المتاحة والممكنة .
إن طرد سفراء النظام السوري، واستدعاء السفراء الخليجيين من سوريا، شكل تصعيدا ديبلوماسيا قويا ضد النظام، ولكن الشعب السوري يطلب المزيد، واستخدام كل ما من شأنه إسقاط القيادة السورية، الذي هو المقدمة لخلاص السوريين ونيل حريتهم،وتحرير السلطة من قبضة القيادة الغاصبة لها، وبناء وطنهم الجديد الحر الديمقراطي . وتوجيه المركب السوري بالاتجاه العربي والدولي الصحيح . الأربعاء /8/2/2012
رياض خليل
08-أيار-2021
24-آذار-2012 | |
13-آذار-2012 | |
21-شباط-2012 | |
13-شباط-2012 | |
03-شباط-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |