كتابة / جثث تمشي على رؤوسها
2012-02-22
كيف لجثة صعلوك مثلي ألا تستغرب من وضع رأس في صورة لي لا اعرفها ولا دخل لي بصاحبها الوقور الورع أو المنحل الزنديق أو هما معا في جبة واحدة وهي ليست غريبة عن جثث شرق المتوسط كيف ما كانت ملتها أو دينها . صورة هاربة في مستنقع الأحداث التافهة وكأنني كنت أطارد السراب .كما لو كنت منذورا لحالة طوارئ قصوى كلما أدركت صورتي إلا وفرت مني في نوع من وهم تملك الرغبة وأنا عار من جسدي ومطالبه الجنونية . وكيف لي بصورة لرأس لا أملكه وأنا مجرد قدمان مشدودتان إلى وحل الطين كدابة آثرت السلامة خوفا من رأس الأب..الفقيه والقس ..الأستاذ والمسؤول ..والرئيس .
أنت يا صديقي تنصب الفخاخ في وجهي وتطلب مني أن أصرح بمحض إرادتي أنني من دعاة الشرك وتعدد الرؤوس وما يترتب عن ذلك من النبذ والوصم بالزندقة والكفر وقطع الجثة المسكونة برجس فتنة مزاحمة رأسنا المبجل الواحد الأحد الذي تنازل بتواضع ناذر وكبير ونصب نفسه داخل صورة مفعمة بفرح السيادة والعظمة. يطل من شرفة الأعلى حيث هو في الساحات وفي البنايات العالية وعلى أعمدة الكهرباء وداخل الإدارات وفي قاعات المؤتمرات والفنادق والحانات وفي الفصول الدراسية... تتمدد رقبة أقدامنا بصعوبة وهي ترفع أهداب عيونها لعل الرؤية تتسع لمحاجر عيون في رؤوس أقدامنا .. نتملى طلعته البهيجة وهو يبتسم ليدخل الفرح إلى قلوبنا ..ما أجمل هذا الرأس ..ما هذا السخاء الرئاسي وكيف لي بنكران الجميل والجحود بنعمه حتى أحلم بصورة أو بالأحرى برأس لي في صورة.
جرت العادة أن تؤخذ لي صور في مسار العمر المغتصب والمسروق مني أمام أقدام جثتي وهي تنظر ولا ترى وأنا لا أملك إلا الجري اللاهث وفق ما يقرره السراق من إيقاع لعذابي اليومي ..وبسبب هذا الاغتصاب لأجمل ما في الإنسان= العمر ..انتفضت ضد نفسي وضد لغة مقرفة عاهرة إلى ابعد الحدود يسكنها القحب والغنج والغثيان والبذاءة المقززة للنفس والأحاسيس . صرت أكره معاني كلمات بعينها كالنظام والهندام والصبر و لقمة العيش و المستقبل المحدود في العمل وتكوين وكر الدعارة الزوجية ...
وفي سياق البحث عن رأس جثتي المفقود والمحتل قرونا وقرونا استنفرت جميع قدراتي وحواسي وأنا على استعداد للحرب بكل أساليب المكر ولو وحدي لاسترد ذاتي و أطرد المستوطن لصورتي لأنعم بالحركة في داخلي دون أن يزجرني رقيب داخلي تقيأته بعد اجتياف طويل سكن بين القلب ونبضه بكاميراته التي تعد أنفاسي وتحصي خطواتي وتستفزني عند كل منعطف من حياتي بتجديد ملء استمارة معلوماتي الشخصية كسحب اعتراف بطريقة التعذيب المرن فيما يشبه حرية الاختيار لنعمة ديمقراطية الاستبداد القهري المستحدث ..هل كان ضروريا علي ألا أكتفي بمعرفتي و أدفع من لحمي الحي لأفك لغز أحذية فان خوخ الذي كان يرسم رؤوس أقدام بشرية منزوعة عن جثث غيبها رأس الرئيس...
08-أيار-2021
03-آذار-2017 | |
30-آذار-2012 | |
13-آذار-2012 | |
22-شباط-2012 | |
14-شباط-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |