دمشق ليلاً..
2007-07-11
خاص ألف
البارحة كنتماراً في ساعة متأخرة قرب أحد مفارق الطرق الشهيرة في دمشق وإذا بصوت مدو يهزالمنطقة كلها ،سيارتين مسرعتين جداً تتصادمان بشكل مريع في تقاطع الشارعين دون أنيريا
بعضهما البعض نزلا من السيارات دون أضرار جسدية ولكن مع غضب شديد وتجمهرت الناس والشرطة وغيرهم من الفضوليين أمثالي ،كان الطرفان يصرحان أن الإشارة الضوئية كانت تشير له بأن يذهب قدماً ...وهذا صحيح لأن الإشارات الضوئية ليلاً تتوقف عن العمل كما يعرف الجميع مثلما تتوقف البلد كلها ليلاً..ولا أدري من هو المسؤول عن تعطيل البلد في الليل أي تعطيل النظم والقوانين وكل شيء ولحساب من فإشارات المرور تتوقف لتودي بحياة الناس وعدادات التاكسي تتوقف ليصبح الناس خاضعين لقوة وبطش السائق وضراوة المفاوضات بينهما، ومع التضخم السكاني في المدن السورية الكبرى تصبح ساعات التسوق والازدحام شيئاً مستحيلاً من شدة التدافع من السيارات والناس على الرغم من أن أكثر السكان يحبذون التسوق مساءاً أو ليلاً في الصيف هرباً من الازدحام والحر الشديد كما يحدث في فترات الأعياد والمناسبات حيث يسمح للمحلات أن تفتح متى شاءت وحتى ساعات الفجر ...فلم قانون إغلاق المحال عند التاسعة أو العاشرة ليلاً مع ملاحقة الشرطة للمحلات التي لا تلتزم..فمن المسؤول عن هذا إذا كان الشاري والبائع متفقان على حرية ساعات الشراء علماً أن المحال والمطاعم والمقاهي التي تفتح 24 ساعة تلاقي رواجاً حتى الصباح...
في جمهورية مصر العربية ابتكروا نظام دوائر الدولة التي تبقى تعمل بنظام الورديات مما يوفر فرص عمل أكثر للمواطنين ويمنح البقية فرصاً أفضل لمتابعة معاملاتهم وأعمالهم...طبعاً هذا الشكل مستحيل التنفيذ عندنا لتوافر البطالة المقنعة بكثرة وثبات...من هو المسؤول عن موات الحياة الاجتماعية ليلاً ..ولماذا تتعطل الخدمات الإنسانية ليلاً أيضاً بنسبة كبيرة جداً ...لماذا تحرمون أصحاب الليل من ليلهم ،هؤلاء الذين يعيشون ليلهم هرباً من صخب القيظ وضوضاء النهار الحارق ،فليل دمشق جميل جداً وبديع حينما تتحول الشوارع إلى متحف كبير واسع رغم المباني الإسمنتية و العشوائيات لكن هناك الكثير مما يمكن للمرء تأمله في المدن أثناء الليل..لكن سباق السيارات الفاخرة الليلي و مباريات التشفيط والدوران ،ورالي الشعلان الجاحظ اليومي يعيق صفو هذا الليل لتساندهم الإشارات البرتقالية أنفة الذكر ..ولكن رغم هذا تجد متنزهين شباباً وفتيات ،رجالاً ونساءً يتنزهون إما على أقدامهم أو بالسيارات مع الموسيقى الهادئة ...تجد الفتيات اللواتي يستقللن التاكسي وحيدات واثقات...رغم كل القصص وحكم العدالة ....
لماذا تقام مباريات الدوري العام التي تجتذب مئات الآلاف تحت أشعة الشمس اللاهبة وتحت رحمة ضربات الشمس والضرر رغم أن ملاعبنا جميعاً تحتوي على إضاءة ليلية جميلة و رغم الطقس الجميل ليلاُ للحضور في الملعب على التلفزيون مع العلم أن الإضاءة الليلية تساعد على تصوير المباراة بشكل أجمل بلا ظلال الشمس والكونتر المتشكل نتيجة لها....لماذا يكرهون الليل رغم كل الأمان الموجود...
لماذا يتم إلغاء مبدأ المدارس الليلية التي كانت منتشرة في سوريا لجذب المتسربين من الطلاب الذين يرغبون بالعمل نهاراً لأسباب خاصة، لماذا تطفأ نوافير الساحات والبحرات اللطيفة ليلاً مع إنارتها المتقلبة ،لم توقفت الجرائد المسائية التي تعنى بأخبار المساء التي تخرج طبعتها لقراء الليل الذين يقرؤون أخبار نهارهم وليس ليل البارحة وهذا أكثر من تفاؤل ..!فإذا كان النهار لستة ملايين شخص فلمن هذا الليل الطويل الجميل الذي لا يتذكره الناس إلا في رمضان وهذا أمر جيد بحده الأدنى رغم أن الهدف الوحيد من ليل رمضان هو الأكل و الآراكيل ...وعندها فقط يصبح الليليون نهاريون.
كل هذا يجعل من ليل دمشق للذين لا يودون النوم أمراً صعباً رغم استمرارهم وكثرتهم ...يجعل من الصعب رؤية النجوم أو القمر ليلاً ، رؤية صفاء السماء دون تلوث أو غبار ويجعل من المدينة ملعباً لبعض الأشخاص ومضمار سباق للعديد من السيارات الخاصة والعامة فإذا كان النهار لمن يستيقظ باكراً والعصفور الشديد هو الذي يلتقط الدودة الكبيرة باكراً ...فإن لليل أيضاً عشاقه وموسيقيوه وعازفوه وشعراءه وحالموه الذين سيظلون يستمتعون به دون التفكير بالدود إطلاقاً رغم أنهم قد يكونون ضحايا لمفارق الطرق التي تعمل دون إشارات مرور أبداً.
08-أيار-2021
27-تموز-2012 | |
18-كانون الثاني-2012 | |
08-كانون الثاني-2011 | |
20-كانون الأول-2010 | |
06-تموز-2009 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |