Alef Logo
يوميات
              

وجه في العراء

خيرة بغاديد

خاص ألف

2012-06-02

ورطتني الأشياءُ في بهوها، أخاديدُ الرّمانِ، النساءُ المكتحلات بدمي، ودمِ السوسنة، اغتسلن من خطاياهنّ، مددن الشراعَ نحو الجهاتِ الأربع .. البر، البحر، الجنان والصحاري، كلّها امتداد لقامتهنّ في العبور، كلّها زوايا وأمكنة معطّرة بأريجهن.


لن يعبرَ ظلّي المكان، لن أرحلَ عن مدينتي، إلاّ حين تكاشفني النجمة ضوءًا يلج قامة التيّه، تعاريج الظلالِ المنتصبة في العراء.


ماذا عنك أيّتها القادمة من وحشة الأسئلة، مدن الموت والطهارة التي لوثتها موجة عاتيّة، فجأة، لحظة تزاوج الذات بصقيع الضفاف؟

أيّتها القادمة من أقاصي البعد والمدن المنسيّة، اكتحلي وتزيّني كما كلّ النساء، كوني غاوية تشتهيها الظلال،الأنام، كسري الأنثى التي تسكنك، اخنقي ما تبقّى من شتاتها، من أطيافها..


تكبر الأسئلة في دمي، تطوّقني من كلّ مكان، أتجاهل السر الخفي الذي يسكنني، يكشف حقيقتي كأنثى راحلة لا تغري البحر بزينتها.
لم أنت هكذا تختلفين عنهنّ، تخفين زينة الزنبقة البريّة ؟

يحاصرني " عبد الكريم " وجها لوجه بأسئلة لا أجد لها جوابا يقنعه أو يقنع غيره من الفضوليين الذين يشفقون على حالي ووضعي الحرج ( امرأة لا تغري البحر بزينتها ) غير الصمت أو الركون إلى شجرة، أنزوي تحت ظلالها علّني أستريح وأنسى قليلا مما تسرب من فوضى كلام ظلّت تلّوكه الألسن كالعلق، أو كنزيف يتقطّر مني، فيتلاشى جسدي، تنحني قامتي، ينكسر الظلّ الذي يقتفي أثري، لا أقدر على مواصلة السير نحو الأمام إلاّ بخطى خائفة، وكم كنت ولا زلت خائفة إلى اللحظة التي تمنحني

فكرة إعادة ترتيب أوراقي ومراجعة خطاياي .. نعم، خطايا،، فخطيئتي تكبر حين أزاوج وجهي للمستحيل، وأغدو زنبقةً بريّةً تمنح عطرها للعراء، تكشف سرها للصحاري القفار.


يا غربتي، يا ذاتي التي تتملّص مني، من جلدي، تغيّبني في ورطة الأسئلة فتكتمل الحيرة..

لم الضياع ؟ متى تصبحين امرأة، فعلا امرأة تشبه كلّ أوجه الأنثى التي تتكرّر في أكثر من حال، وأكثر من شكل يجسده السر الإغراء، مواطن البهاء ؟

لا أجد جوابا يقنع حيرتي، دهشتي في أنّ العالم يجني ثمار اللذة وما أجني غير التيه والخيبة.


يتوارى وجهي خلف المرايا، كالدمى البلهاء، مومياء جامدة لا تدرك تفاصيل الأشياء ولا تفقه طرق المراوغة، التملّص من كيانها الذي يخنقها في أشكال الجفاء والجماد القاتل ؟

" عبد الكريم " والكلّ، يدرك حقيقة الأنثى التي تسكنني، الطفلة التي تلهو في عالمها النرجسي بعيدا عن العالم الآخر البهيّ، الطفلة التي لم تستفق إلاّ بعد غربة وتيه كبيرين، جعلا منها وجها آخر غير قابل للتجديد، وجها يتعرّى بكلّ ملامحه أمام المرايا الكاسرة.


النساء لازلن يكتحلّن بدمي، ودم السوسنة، يغتسلنّ من خطاياهنّ ويمدن الشراع نحو الجهات الأربع، في إغراء يدعو إلى جنّة خالدة في الأفق، ويدعوني إليه أكثر فأكثر، لأخنق تلك الأنثى الخائفة حين ألبس ثوبا مغايرا يخفي الطفلة داخلي، فتكبر، وأكبر معها لأذوب في لذّة لم أكتشفها إلاّ وأنا أشبههن، وأنا أنتحل في ملكوتهنّ، في سر جميل يحيلني فعلا امرأة تغري البحر بزينتها بأكثر من شكل، وبأكثر من وجه.

خيرة بغاديد - الجزائر -





















تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

شذرات

21-نيسان-2014

قراءة في قصة تراثيَّة : الناسك والجرة

28-تشرين الأول-2013

تجلّيات الوطن في ديوان " هؤلاء نحن " للشاعر صادق العلي

13-تشرين الأول-2013

أنا .. وأنتَ ..

09-شباط-2013

مصافحة الرئيس

17-تموز-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow