هل انتهتِ الثورة؟
2012-06-06
مَن قال؟! الثورةُ مستمرةٌ، حتى إشعارٍ آخر. نحن لم نبرح المربع رقم (١) من رقعة الثورة الشاسعة. ميدانُ التحرير الشريف، ليس الثورةَ، بل رمزُها المكانىّ. إنما الثورةُ حالٌ ذهنيةٌ وثقافةٌ لا تبرحُ الشعوبَ، إلا حينما تصلُ تلك الشعوبُ إلى المكانة اللائقة بـ«الإنسان».
الثورةُ مستمرةٌ؛ مهما كان الحاكم. فاختيارُ رئيس مصرَ، بحريّة تامّة، وصياغةُ دستور محترم، وتفعيلُ دولة العدل والقانون، ليست نهاية الثورة، بل الخطوةُ الأولى من مشوارها الطويل. الثورةُ مستمّرةٌ حتى تصلَ مصرُ إلى مستوى يليقُ باسمها الهائل: مصر! يا له من اسم! ويا لها من مُحمّلات حضارية وثقافية وإرثية موغلة فى القِدَم، تضرب بجذورها فى صدر التاريخ وإشراقات الإنسانية الأولى! الثورةُ مستمرةٌ حتى الاحتفال بآخر مواطن مصرىّ «أُمىّ». مستمرةٌ حتى القضاء التام على عدو مصر الأول، الأشرس، الأقل نبلاً: الجهل.
الثورةُ مستمرةٌ حتى يختفى الفشل الكُلويّ والكبديّ وقيام تأمين صحىّ يحترم الإنسان. مستمرةُ حتى تُنفق النسبةُ الأكبر من الدخل القومى على التعليم والبحث العلمىّ. حتى نرى أطفالَنا يدخلون المعامل ويبحثون فى الموسوعات ويبتكرون الدراسات، ويخترعون. مستمرةٌ حتى تتخلص شوارعُنا نهائيًّا من كائن لا محلّ له من الإعراب اسمه: القمامة. وحتى تختفى من ذاكرتنا عباراتٌ لا إنسانية مثل: أطفالُ الشوارع، العشوائيات، البطالة، المرأة المعيلة، أزمة السكن، اختناقات المرور، السحابة السوداء، الخضرواتُ المُسرطِنة، الرشاوى، الفساد، المحسوبيات، الفوضى، الخلل الإداريّ، الاستخفاف بالقانون.
وكذلك مفرداتٌ لفظتها كلُّ شرائع السماء وحقوق الإنسان مثل: إهانة المرأة، اضطهاد الأقليات، حقوق المعوقين المنسية، التمييز على أساس العرق واللون والدين والفكر والطبقة. الثورةُ مستمرة حتى نتعلّم كشعب أن نحترم حضارة أجدادنا العظام فيُكرّمُ الهرم، ويُجدّد المتحف المصرى ويتم التنقيب عن الآثار المدفونة تحت أقدامِنا من كنوز تُذهِلُ دولَ الغرب، ولا نعيرُها، نحن، إلا اللامبالاة! مستمرةٌ حتى يدخل فى مناهج التعليم كتابُ أجدادنا «العبور إلى النهار» أو «كتاب الموتى»، ويُدرّس ولو قشور علم المصريات، لكى يتعلّم صغارُنا أن بلدَهم الوحيدُ من بين بلاد العالم الذى اشتُقَّ من اسمه علمٌ قائم بذاته: Egyptology. بعد كل تلك «الأوليّات»، سنكون قد بدأنا التحرك نحو المربع رقم (٢) من ثورتنا نحو الإنسانية.
إن وصل شفيق للحكم، ستكون علينا تحدّياتٌ ألا نسمح بعودة الحكم الشموليّ الذى قمعنا ستين عامًا. رغم إيمانى، وإيمان المنطق، باستحالة تكرار سيناريو مبارك على أى نحو. لأن غضبة الشعب المصرىّ الهائلة فى يناير ٢٠١١ أنصَعُ من ناصعة فى وجه أى طاغٍ يفكر فى الاستحواذ والشمولية والفساد. وإن وصل المرسى للحكم، ستكون علينا مكافحة الذهنية الاستحواذية الاستعلائية لدى الإخوان، وتجبّر ثقافة المُغالبة بعنصريتها وفاشيتها وغرورها.
ورغم أن التاريخ يعلّمنا أن أحدًا لم ينجح فى مكافحة الحكم الدينى، إلا بثورات تنويرية وتثقيفية هائلة، يضرمها مفكرون وفلاسفة كبار، ليطيحوا بظلامية عشرة قرون وسطى، كما فى عصر النهضة الأوروبى، إلا أننى أراهن على أن شعبنا العظيم لن يسمح أن تمر مصرُ المنهكة بتجربة أوروبا المظلمة من القرن الخامس حتى الخامس عشر. المشكلة التى ستواجهنا إن حكمنا الإخوان، هى فكرة أن الخروج على الحاكم حرام، وإن ظَلَم! لكننى أوقنُ أن المصرىّ الذى بنى الهرم، وشق القناة، وبنى السدَّ، وأطلق صرخته فى يناير: «ارحل!» لن يقبل بالظلم، وإن تخفّى فى جلباب أو لحية، أو ابتسامة مراوغة. الثورةُ مستمرّة حتى يصلَ «شابٌّ» من صنّاع الثورة الحقيقيين، إلى عرش مصر.
[email protected]
عن المصري اليوم
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |