ليس دفاعاً عن النص
خاص ألف
2012-06-19
بين ما يخرج من الفم و ما يصل إلى الأذن وما تؤيده الدلالة بالإشارة أو الغمز أو الانفعال أو صيغة الأمر أو التعجب ... الخ , وهنا لا يحتاج النهار إلى برهان فهذا ما يعبر عنه فعلُ الكلام , من هنا فإن وجدَت القصيدة من يملك مفاتيح إيصالها ( وقليلون من يتقنون هذه الملكة ) بالصوت والإيحاء وحركة الجسد التي لا تتنافر مع مضمون القصيدة كان لها أن تصل كما أراد شاعرها أن تصل و إن اختلفت مصائر متلقيها فلكلٍ بيئته ومشربه الخاص الذي يجعله في حالة تأثر وتأثير إذاً هو ليس إلا تبادلٌ للمعنى والمعنى ليس جاهزاً في الشعر والشعر كالحب لا يملك تعريفاً واضحاً إلا أنه بالتأكيد ليس معادلة كيميائية إلا بقدر ما يسمح به الشعر في أن يجعل من h2o مجازاً ليس إلا . وفي سؤال محمود درويش ما هو الشعر .. يقول : هو الكلام الذي نقول حين نسمعه أو( نقرؤه ) : هذا شعر ولا نحتاج إلى برهان .. ونقرأه بين قوسين هي التي تحتاج إلى التمعن .. أي المادة المكتوبة أي القصيدة كوثيقة أنتجها صاحبها في زمان ومكان محددين .. حتى لو تجاوزت هذا الزمان وهذا المكان .. حيث يصبح النص بين منزلتي القارئ والشاعر , وليس من حق الشاعر أن يؤول شعره كأنه يمتلك الحقيقة وهو في الأساس ليس مطالباً إلا من حيث البناء والصور والمعنى الداخلي ... ولكن هذا لا يعني بمعنى من المعاني النقيض .. أي إطلاق يد القارئ في النص ولو كان كذلك ( وهذا ما يحدث في أحيانٍ كثيرة ) لوجدنا الكثيرين ممن يتبجحون بملكة الشعر وهم يتشربون ثقافة القصيدة من القصيدة نفسها والتي لا تولِّد سوى نسخ مشوهة عن شعراء آخرين .. وبمعنى آخر يصبح عمل الشاعر صف الكلام المسلوخ حتى من الحس الداخلي وتقديمه للقارئ لكي يضفي عليه المعنى . ونحن هنا لا نقلل من أهمية القارئ بل نبحث عن قارئ حقيقي لا يحرك عينيه على القصيدة ويغمغم ثم يطلق أحكام هذا رديء وهذا جيد , فيصبح ما هو في حكم المتعة والفائدة المرجوة مكان النقد وهي الشعرة التي تفصلُ بين القارئ والناقد الأكاديمي بل إنه من الأحرى أن يتحول الناقد إلى قارئ وشاعر وليس العكس (وهذه الفكرة يناقشها قاسم حداد بشكل رائع في كتابه نقد الأمل)القارئ المقصود هنا , هو من يأخذ النص إلى مناطق تضيء عالمه الداخلي ومخزونه ... ويُستغرب ممن يقرأ ديوان شعر في ساعةٍ أو ساعتين ... فالقراءة الحقيقية هي أن يقيم القارئ علاقة عاطفية تربط بين مدركاته والنص موضوع القراءة وهنا يصبح جوازاً أن تتعدد القراءات بعدد القراء . وأكرر هنا , ليس المعنى هو المطلوب فالقارئ هو من يملأ الفراغات والثغرات ويشارك نوعاً ما في البحث عن المعنى وهذا البحث يكون بمنزلةِ الأثر الذي يتركه النص فيما بعد القراءة كالشعور بالامتلاء والتحليق فيصبح ما أثقله الفكر خفيفاً على القلب وما أثقله القلب نسيماً على الفكر . إذاً ليس للنص أن يصوغ معنى ذاتي , وليس للشاعر أن يلقي بظلاله على النص ولا للقارئ أن ينتج المعنى بل قل هو الكون الشعري وكلٌ في فلك يسبحون بتقدير والتقدير هنا لا يسحب البساط من تحت الشاعر ولا يرفع القارئ إلى مرتبة الحكم ولا يسبغ على النص قدسية التأويل بل يصبح بالإمكان أن نردد مع صدى فيكتور هيغو .. ما يبدأه الشعر لا ينهيه إلا الله .
أحمد عزام *
08-أيار-2021
22-أيار-2021 | |
28-كانون الأول-2019 | |
17-شباط-2018 | |
25-تشرين الثاني-2017 | |
25-حزيران-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |