Alef Logo
يوميات
              

امرأة تخترق الصمت.

خيرة بغاديد

خاص ألف

2012-07-04

كانت أمسيّة استثنائية ، بقيَّتْ عالقةً بالذاكرة كما البهاء، كهاجسٍ جميلٍ يدقُّ أجراسه عبر اللقاءاتِ الدافئةِ التي تخلق بدورها استثناءً خاصًا.
...في تلك الأمسيّة ، امتلأت قاعةُ المسرحِ بدار الثقافة بالحضور المتواجد مع والي ولاية ” سعيدة “ ( إحدى المدن الواقعة غرب وطني الحبيب الجزائر)، للاستماع للشعر ولشعراء المدينة المكرّمين .
وجدتني داخل تلك القاعة المغلقة عليَّ، والمنفتحة على الجميع، أتقاسمُ المنصةَ مع زميلي الشاعر ، الذي قرأ أشعاره ثمَّ وضع أمامي الميكروفون لأقرأ بدوري بعضَ أوراقي ، وأنثرَ بوحي المعانق لوهجِ القصيدِ .
قرأتُ ما احتملته اللحظةُ من فوضاي ، في لقاءٍ خاصٍ ختمته بكلمة شكر للحضور ، حضور وجدتُ ردَّ فعله هادئا، كأنَّه غير مبالٍ ، وغير متفاعلٍ معي .
انتابني بعضُ الحزنِ ، وأحسست وقتها أن صوتيِ مزعج ، وأن صداه أكثر إزعاجًا ، ولكن، ثمة مفاجئةٌ حدثتْ ، حين اخترق صوتٌ فظيعٌ صمتَ القاعةِ، وهدوء ذلك الجمهور.
صوت اخترقني كالرعدِ الراعشِ لهمسِ القصيدِ ، يقول:
شكرا أستاذة ، شكرا أستاذة ...
مع تصفيقاتٍ حارّةٍ ، حرّكت ذلك الصمتَ الرهيبَ ، وجعلت الحضور بدوره واقفًا مصفّقًا لي ، بحرارة طيّبة جدًا.
رفعتُ رأسي في حيرةٍ وفرحةٍ عارمتين، حيث منبعُ الصوتِ ، وحيث تقفُ امرأةٌ في نهاية عقدها الخامسِ مصفقة وشاكرة لي ، جعلتني أنشدُّ إليها بكلِّ فرح وانتباه.
إلى أن انتهت الأمسيةُ التي اعتبرتها أمسيةً دافئةً ، اتخذتْ شكلا خاصا وضربا استثنائيا جميلا .
خرج الجميعُ من القاعة ، وخرجت أنا فرحةً لأصطدمَ مرة أخرى بتلك المرأةِ الخارقةِ للصمتِ ، والخالقة للاستثناء ، وهي تستوقفني بصوتِها، وتُعْلِمُني بأنّها صفقتْ لي..
شكرتها كثيرا ، وضحكت أكثر ، حين استفقتُ على الحقيقة التي أخلطتْ كلَّ الأوراقِ دفعةً واحدة ً، أين تبيّن لي أن هذه المرأةَ الكريمةَ ( حفظها الله ) لم تكن غاويةً للشعرِ، ولا واحدة ممن تقتفي أثر الشعراء ، وإنّما كانت امرأة ساقتها قدماها إلى تلك القاعة صدفةً ، وتواجدت صدفةً أيضا ، حيث إنّها في غير حالتها الطبيعية (مريضة تعاني اضطراباتٍ نفسيةً حادةً ) قد وجدت نفسها واقفةً تصفقُ بدون وعيٍّ ، وبدون إدراك لما حولها، ولي.
انصرفتُ وأنا أضحك وأقول في قرارة نفسي : والله إنّها غاوية من نوع خاص ، وإنَّها امرأة خارقة للصمت .


خيرة بغاديد - الجزائر-

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

شذرات

21-نيسان-2014

قراءة في قصة تراثيَّة : الناسك والجرة

28-تشرين الأول-2013

تجلّيات الوطن في ديوان " هؤلاء نحن " للشاعر صادق العلي

13-تشرين الأول-2013

أنا .. وأنتَ ..

09-شباط-2013

مصافحة الرئيس

17-تموز-2012

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow