ما أشبهَ اليوم بالبارحة
2012-08-30
علّمتنى الهندسةُ والمنطقُ الرياضىّ أن المقدماتِ المتشابهات، تؤدى إلى نتائجَ متشابهة. وبالفعل، ما أشبه اليومَ بالبارحة! لحظتان تاريخيتان تكادان أن تتطابقا فى تفاصيلَ عديدة.
١- الحزب الوطنى الشمولى القابضُ على شرايين مصر طوال العهد السابق، وأحكم قبضته بغلظة فى السنوات العشر الأخيرة- هو ذاته اليوم، حزبُ «الحرية والعدالة» الذى يهيمن على مفاصل بلد تئنُّ تحت وطأته، ولكن منذ اليوم الأول لامتلاكه السلطة.
٢- «مبارك» بصلاحياته الهائلة أصبح الآن د. مرسى بصلاحياته المطلقة، بعدما قبض على السُّلطتين التشريعية والتنفيذية معاً.
٣- خلال الثمانية عشر يوماً الشريفة، فى يناير ٢٠١١، كان التليفزيون المصرى يعرض لنا مشهداً رومانتيكيّا حالماً للنيل الرقراق، لا يقطع هدوءه إلا زقزقةُ عصافيرَ تملأ الفضاء فوق الأشجار الحانية، بينما بقية القنوات- العربية والعالمية- تبثُّ ميدان التحرير مشتعلا بالثوار، وهتافات الغضب، والجو غائمٌ بالدخان وشظايا الرصاص والخرطوش.
وتكرر المشهدُ ذاته بالأمس (الجمعة ٢٤ أغسطس). سلَّطت قناةُ «مصر ٢٥» الإخوانية الحاكمة، كاميرتها على زاوية مضللة تنقل مشهداً لطيفاً أنيقاً لقصر الاتحادية، ليس يخدشُ هدوءَه سوى حفيف أشجار تؤكد للرائى أن مصر واحدةٌ من أسعد دول العالم. بينما قنواتٌ أخرى تنقل غضبة شعب يرفض الاحتلال الإخوانى، ويطالب بكشف ميزانية الجماعة لـ«المركزى للمحاسبات». أما التليفزيون المصرى، فبالفعل «بخته مايل». حاول طوال أشهر أن يغسل عن جبينه ما وصمه خلال ثورة يناير، لكن حظه أوقعه فى وزير إخوانى قطع عليه رحلة التطهّر، فمنع نزول كاميرات كافية لتغطية الحدث، رغم مطالب مجدى لاشين، رئيس القناة الأولى.
٤- قبل أن تُكنّى «بالثورة» سخر «مبارك» ونظامه من «تظاهرات» يناير، واستخفّوا بها: «خليهم يتسلوا»، واليوم يسخر الإخوان من «تظاهرات» أغسطس، ويستهينون بها.
٥- القيادات أوعزت للأمن المركزى فى يناير أن الثوار بلطجية، ليتعاملوا. والآن يتكرر الإيعازُ نفسه فى أغسطس. الفارق، فقط، أن «مبارك» لم يقل إن الثوار كفارٌ وفلولٌ وخوارجُ، بينما قال الإخوان كل هذا وأكثر عن متظاهرى أغسطس.
٦- بلطجية الحزب الوطنى وضربُهم ثوار يناير- هم ذاتهم بلطجية أطلقهم الإخوان لضرب شباب أغسطس. ولكن رغم الأسلاك الشائكة فى كل مكان، وإغلاق نفق العروبة، وتحوُّل قصر الاتحادية إلى ثكنة حربية، ومنع أتوبيسات وافدة للقاهرة من المحافظات، ورغم التعدّى على متظاهرى الإسكندرية بالأسلحة- ظل الناسُ يتوافدون وتشتعل حناجرهم بافتقاد «العدل».
٧- مطبلاتية «مبارك» ونظامه وحزبه الحاكم هم ذاتهم مطبلاتية «مرسى» والمرشد والإخوان.
تلك «بعض» المتشابهات بين اليوم والأمس. لكن ثمة اختلافات أيضاً وجب ذكرها. «مبارك» لم يتعدَّ على أحكام القضاء، «مرسى» فعل من اليوم الأول لحكمه، وكرّم العسكر الذين قتلوا ودهسوا وعرّوا بناتنا. «مبارك» ترك لنا ميدان التحرير- قلبَ مصر الشريف، بينما الإخوان يحتلونه الآن «وضع يد» وغير مسموح لمصرى «غير إخوانى» أن «يهوّب» ناحيته، ويضمنون ملكيته فى غير مواعيد «المليونيات»، باستئجار بلطجية منحوهم خياماً، لاحتلاله لحين الحاجة إليه. ولأن المقدمات المتشابهات تقود إلى نتائج متشابهة، فأنا على ثقة بأن غضبة الشعب ستنجح فى خلخلة «جبل الإخوان» العتيد، لكى يعرفوا أنهم فصيلٌ صغير فى نسيج مصر الشاسع، ليس أعلى مرتبة من بقية المصريين، لكى يتعلموا أن المشاركةَ تحضرٌ، والمغالبةَ حمقٌ وطمعٌ وانعدامُ وطنية.
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |