جبهةُ مصرَ الوطن
2012-09-12
يُخطئ مَن يظنُّ أن الثورة وضعتْ أوزارها. فالثوراتُ لا يهدأ نبضُها فى عام أو عامين أو ثلاثة، كما يعلّمنا التاريخ. والتعبيرُ الشهير: إننا فى «لحظة ثورية»، تعبيرٌ دقيق. ذاك أن الأعوام العديدة، وحتى العقود، تُعدُّ «لحظةً» خاطفة، كأنما غمضةُ عين، على مقياس التاريخ الطويل، الذى بدأ تدوينُه منذ عشرات الآلاف من السنين، من عمر الأرض العجوز التى تبلغ ملايين السنين. كما يُخطئ مَن يظن أن المصيرَ السياسىّ فى مصر قد حُسم بذوبان مصر الهائلة داخل جوف جماعة، لا تمثّل فى الأخير إلا خيطًا نحيلاً من نسيج مصر الثرىّ الشاسع. فمصرُ، بتاريخها العريق، وحضارتها التى دشّنت أولى إمبراطوريات الأرض، عوّدتنا أن تمتصّ العابرين فوق ثراها، غزاةً كانوا أم طغاةً، أم فاتحين. تُروّض أطماعَهم، تستأنسهم، ثم تُذيبهم فى نُسْغها، وإن حاولوا العكس.
آيةُ استمرار الثورة، أن أهدافها لم تتحقق بعد: عدالة، حرية، كرامة إنسانية. فالعدالةُ الاجتماعية مازالت غائبةً: رأسيًّا على المقياس الطبقىّ الاقتصادى، وأفقيًّا بين المختلفين مهنيًّا، وعَقَديًّا، وسُلطويًّا، وكذا نوعيًّا، بين الرجل والمرأة. والحريّةُ تنتفضُ كلَّ ساعة تحت وطأة أصفاد تُكبِّلُها، جرّاء محاولات دءوب تحاول تقليص الحريّات الشخصية وحرية التعبير والإبداع. أما الكرامةُ الإنسانية فمجروحةٌ تنزف، مادام مصريُّون يُجلدون خارج مصر، وأطفالٌ يتسوّلون خبزَهم داخلها. ومادام ينطلق كلّ يوم أدعياءُ من دعاة البُغضة والتكفير ينهشون فى عقائدنا ويخوضون فى شرف نسائنا، لمجرد أننا ننتمى «للمعارضة»، التى هى، فى كل الدول المحترمة، ضمانةُ الديمقراطية وملاكُها الحارس!
لهذا كان على الفُرقاء أن يجتمعوا من شتاتهم، ويتوحّدوا. وهو ما كان. يوم الخامس من سبتمبر الجارى كان موعدنا فى «مركز إعداد القادة»، لانطلاق المؤتمر الأول وإعلان البيان التأسيسى لجبهة «مصرُ الوطن». يا إلهى! يا له من اسم! وكأن الشك قد بدأ يتسربُ إلى نفوسنا بأن لنا «وطنًا»، اسمه: «مصر»، فبات علينا أن نُذكَّر أنفسنا بأن لا هُويةَ لنا إلا: مصر. على أننا فى الواقع لم ننسَ، لنتذكر. إنما نُذكِّر أولئك الذين يحاولون أن يشكّكوا فى تلك الحقيقة، لكى ينتزعوا لأنفسهم حقوقًا، ينزعونها من سواهم، بزعم «المُغالبة»، تلك التى أسقطناها فى يناير، ويحاولون ابتعاثها.
عشرون كيانًا وحركةً وائتلافًا سياسيًّا، من مختلف المشارب والتوجهات والرؤى، قررت أن تتوافق وتتّحد على هدف واحد هو: تكريس الهوية المصرية، التى باتت مهددة.
تؤكد جبهةُ «مصر الوطن» على بعض الحقائق التى ربما غابت، أو غُيّبت عن البعض. منها: أن اللحظة الثورية مازالت فى أوجها، لن تتوقف إلا بتحقيق أهداف يناير. أن مصير مصر السياسى لن يُحسم إلا بتسلّم مصر: دولة مؤسسات مدنية عصرية ديمقراطية ذات سيادة، لا تخضع إلا لدولة القانون الذى لا يُميّز بين الناس على أى أسس عنصرية. أن هُوية مصر العريقة خطٌّ أحمر لا فصال فيه. أن المشاركة لا الاستحواذ والإقصاء هى ألف باء الديمقراطية. أن السياسة الخارجية لمصر هى فائضُ قوّتها الداخلية التى لا تتحقق إلا عبر وحدة وطنية صلبة تستند إلى العدل والمساواة والحرية واحترام القانون. وأن مصر وثرواتها للمصريين كافة، لا لفصيل ولا لجماعة. وأن الجبهة مفتوحةٌ على جموع القوى الوطنية والتيارات المدنية. ومن قبل ومن بعد، أن اللهَ كاتبٌ الخير لمصرَ، آمين
***.
المصري اليوم 10 / 9 / 20012
08-أيار-2021
07-تشرين الأول-2017 | |
20-تموز-2014 | |
28-حزيران-2014 | |
18-حزيران-2014 | |
11-حزيران-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |