نوتوهارا... ياماموتو تداعيات مشهد الحرية بأعين يابانية
خاص ألف
2012-09-21
"إنني أتمنى أن أمشي في الشوارع العربية فلا أرى التوتر الشديد الذي جربته وشاهدته. أتمنّى أنْ يختفي من الشارع العربي. وأن تُصبح وجوهُ الناس سعيدة. عندئذٍ أقدر أن أتحدث عن مصر حقيقية، أو سورية حقيقية وغيرهما من البلدان العربية".
بهذه الأمنية يختتم المستعرب الياباني نوبوأكي نوتوهارا كتابه "العرب...وجهة نظر يابانية" منشورات الجمل – دمشق 2003
في هذا الكتاب يورد نوتوهارا وجهات نظره وانطباعاته، بنظرة قريبة عارفة، فهو الذي تخرج من قسم الدراسات العربية بجامعة طوكيو للدراسات الأجنبية ثم مدرساً للأدب العربي المعاصر في الجامعة نفسها.
أكثر من 40 عاماً مع العربية، قام أثنائها بزيارة عديد من البلدان العربية، وأكثرها تأثيراً في نفسه هي مصر وسوريا.
يحاول نوتوهارا أن لا يقتصر على وصف رحلاته فقط، وإيراد انطباعاته عن المنطقة العربية، بل إنّه يدخلُ إلى عمق المشكلات العربية، ويفرّق بين مستوياتها، بل ويتغلغل في أعماق هذا المجتمع.
يقول نوتوهارا: "عندما يُعامل الشعبُ على نحو سيءٍ فإنّ الشعور بالاختناق والتوتر يُصبحان سمةً عامة للمجتمع بكامله".
الحديث عن التوتر يكونُ حديثاً عن بديهية من البديهيات، وخاصةً في العواصمِ العربية التي تُعتبر الواجهةَ الأولى التي يصطدمُ بها القادمون، ويرون التركيبة المتوترة للمجتمع، ابتداءً من سائق التاكسي إلى أصغر موظفٍ في الدوائر الحكومية، أو أصغر فردٍ في المجتمع.
إنّه شعور عامٌ تشترك بها المدن العربية، يسردُ المؤلفُ عديدَ أسبابٍ لمشكلاتِ المجتمعِ العربي، إلاّ أنّه يركّز على ما يعتبره جوهرياً، فيورد مثلاً ما يراه أكثر تأثيراً في خلق العقبات التي تواجه التطور في هذه المجتمعات، فغياب العدالة الاجتماعية يعني - حسب رأي نوتوهارا - غيابَ المبدأ الأساسي الذي يعتمدُ عليه الناس، مما يؤدّي إلى الفوضى. "ففي غياب العدالة الاجتماعية وسيادة القوانين على الجميع بالتساوي يستطيعُ الناس أن يفعلوا كلّ شيء".
يتابعُ نوتوهارا "أعتقدُ أنّ القمع هو داءٌ عضال في المجتمع العربي، ولذلك فإنّ أي كاتبٍ أو باحثٍ يتحدث عن المجتمع العربي دون وعي هذه الحقيقة البسيطة الواضحة، فإنّني لا أعتبرُ حديثهُ مفيداً وجدياً"
يقفزُ هذا الكتاب إلى ذهني باعتباره كتاباً جديراً (كما أراه أنا على أقلّ تقدير) بالحديثِ عن جوهر المشكلات العقيمة بأسلوب بسيط، بساطة اليابانيين أنفسهم. على الرغم من صدور الكتاب عام 2003؛ أي قبل اندلاع ثورات الربيع العربي، وفاتحة ثورة الياسمين 17 كانون الأول / ديسمبر،
إنّ الكتابَ لا يتعرض للنظريات التي يروّج لها مفكرو السلطة العربية ومنظروها من نظريات المؤامرة على وحدة الوطن، تكريساً لفكرة النمط الواحد مغفلين التمايز. وربما كان لمقتل الصحفية اليابانية ميكا ياماموتو سبباً في الالتفات إلى هذا الكتاب.
الكثيرون أشاروا إلى ما أشار إليه نوتوهارا، لكنّ أحداً لم يضع في قريبه من المستقبل، اندلاع ثورات كما نشهدها الآن.
واكتفى نوتوهارا بالأمنيات يختم بها كتابه وانطباعاته، فهذه رسالة إليكَ أيها الصديق الذي قاسمتكَ قلقكَ وأنت تتجولُ في هذه المدن المنكوبة اجتماعياً وفكرياً ويغطي سمائها سحابةٌ سوداء من زفير معتقلي الرأي والسياسيين والمفكرين ومن القمع الذي يسيطر على تفاصيل حياة هذه المدن.
هذه المدن خرجت عن الركود وقررت شقّ هذه السحابة الخانقة، وأما عن مصر فهي في الطريق الصواب، ستتلكأ في ثوب الحرية قليلاً، إنه لباسٍ تلبسه المدن العربية لأول مرة، ولن تستطيع أن ترفل به طويلاً دون أن تتعثر بخطاه.
وأما عن سوريا التي تمنيت أن ترى فيها سوريا حقيقية، فهي لا تزال ماضية في ثورتها، بإيمان منقطع النظير.
ولقد قُتلت مواطنتك الجريئة ميكا ياماموتو، وهي تحاول أن تنقل أثير هذا الحدث الاستثناء.
ياماماتو/ شهيدة الحقيقة.
نوتوهارا / صديق توقنا إلى الحرية.
أنتم من علقتم في ذاكرتي القريبة عن اليابان، إليها ياسمينة دمشقية ولكَ جلنارة.
عباس علي موسى
08-أيار-2021
07-نيسان-2018 | |
17-تشرين الأول-2015 | |
24-أيار-2014 | |
20-نيسان-2014 | |
23-حزيران-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |