آآآخ يا عمّو!
خاص ألف
2012-09-22
كيف لنا أن نكتب عن معاناة شعبنا؟ كلّ كتاباتنا قاصرة نحن الذين في الخارج، هناك دائما شيء ما ينقصها! رغم أنها تتناول موت أهلنا وأصدقائنا ومعارفنا، ولكنها بلا رائحة الموت التي ترافق كاتبها، وبلا سوط الخوف الذي يجعل الأيدي ترتجف، وبلا هذه القشعريرة الكافرة التي تفترس الأطفال في الصحو والمنام، وبلا شظايا مصابيح الفرح التي تحطّمت في عيونهم! لا شك أننا نتألّم إلى الحد الأقصى، ولكن هل نفلح في كتابة الحالات الرهيفة المعاشة؟ هل نستطيع أن ننقل اهتزاز جدران البيوت في لحظة الانفجار؟، أو صوت المباني المرعب لحظةارتطامها العنيف بالأرض، أو رائحة اللحم الآدمي المشويّ المتصاعدة مع الأدخنة، أوالحشرجات التي ترافق أنفاس الشهداء الأخيرة!
لهذا كلّه، تأخذ الكتابة التي تأتي من الداخل قيمة أخرى، ومعنى آخر، حتى لو كانت رسالة بسيطة كُتبت بشهقة ألمها. لهذا أحببتُ أن أنقل لكم رسالة وصلتني من ابنة أحد أخوتي المقيم في حلب، مع القليل القليل من التعديل، لا يمسّ جوهر ولا شكل الرسالة، جاءت الرسالة بعد انقطاع أخبارهم، وأمّا بقيّة الأخوة فلقد وصلتني إشارة غامضة وبلا تفاصيل تدلّ على أنّهم بخير.
"عم أكتبلك هالرسالة ونحن تحت رحمةالقصف، شيء لايمكن للبشرية أنتتصوّره، تكون قاعد وأهلك حواليك كل واحد منهم حاطط ايده على راسه، ومن حواليك تتطاير القذائف تسمع أصواتها وتتوقع بأي لحظة تجيك القذيفة وتظل بمكانك خايف ومقهور ومايطلع بأيدك شي لحتى تساعد إخوتك الي عم ينقصفو، وجيرانك الّي تدمّر بيتهم على رؤوسهم، تتفرج بالتفزيونبهل الوقت القصير الي تجي فيه الكهربا، على سكان مدينتك وأهل بلدك، ناس عم تموت وناس ما بتعرف كيف تهرب بأرواحها يا عمّو، ماحدا عم يقدر ينتشل جثثهم من الشوارع، وما في وقت للبكا ولا وقت لتوديع أحبابك وغواليك، لك آآآخ... آخ يا عمّو، الخبز نركض وراه مثل المهابيل، الناس تفرح إذا لقت رغيف يابس، المي مشكلة المشاكل حلوقنا ناشفة وبطونا فاضية، أعمامي لا نعرف عن أخبارهم شي، الاتصال مقطوع معاهم، من أكثر من شهر، هربوا من القرية إلّي كانوا هربانين عليها، بس بدا القصف على القرية هربوا من جديد ولا نعرف أينهم الآن؟ مانقول غير يارب انصرنا وصبّرنا وكفاك يارب تدليلاً لقاطع رؤوس الأطفال!. صدّق ياعمو كل واحد فينا كبر عن عمره عشرسنين وأكثر، حتى الأطفال ماعادوا أطفالاً، بقلب كل واحد فينا ألم وحسرة وقهر،جرح بشارحاضرنا ومستقبلنا، مثل ما سرق ماضينا، بشار قتل كل شي حلو بحياتنا، ومع كل هل مآسي عندنا أمل ببكرا وإحنا هون صامدين وعزيمتنا ماتلين"
آلاف الرسائل مثل هذه الرسالة التي وصلتني من صبيّة من صبايا سورية، تكون قد كُتبت إلى عم أو خال، وآلاف الرسائل كان من الممكن أن تُكتب من آلاف الشباب والصبايا لو أمهلهم الموت أو أتاحت لهم الحياة فرصة للصراخّ!، والمؤسف أنها كانت ستكتب إلى من هم مثلي، لا يملكون أن يفعلوا لهم شيئاً! هذه الرسالة عيّنة صغيرة جدّاً من حياة السوريين، وأمّا ما يحدث على أرض الواقع، على سمع وبصر العالم المتواطئ والصامت، فهو حالة خرافيّة من الموت والدمار، في عصر الميديا المفتوحة لا نستطيع أن نعرف أخبار أ هلنا إلا في حالة استشهادهم! لهذ أتوقّع أن الأجيال القادمة لن تنسى عظمة وصمود شعبنا وتضحياته، وستتناقل سيرة ثورتنا من جيل إلى جيل، كعلامة فارقة في التاريخ.
08-أيار-2021
01-شباط-2015 | |
12-كانون الثاني-2015 | |
03-كانون الثاني-2015 | |
29-تشرين الثاني-2014 | |
09-تموز-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |