الله.. والشيطان.. ونحن ثالثهما
خاص ألف
2012-09-29
لم نلتقِ وجهاً لوجه، لكنّا تواطأنا على لعبة الحياة، من سيُغرّر بالآخر بحسب مصالحه؟
من سيكون اللّاعب الأول في لعبةٍ قد تكون غير منتهيةٍ، أي خاضعة لشرط المطلق؟
ومن سيُثبِت أنّه الأقوى من خلال البقاء على قيد الفعل؟
يقولون: "الله هو الخير المطلق، الشيطان هو الشر المطلق". ونحن بينهما..! نتجاذب الخير والشر.
ماذا لو كنّا نحن مطلق الأشياء والأفعال.. مطلق هذا العالم؟
الله والشيطان يتجاذبان الخير والشر، نحن نوسوس لهما، أنْ اذهبا إلى حربٍ غير منصفةٍ. ثم نزيد من ثقل الكفّة الضعيفة لنُعيد توازن الأشياء. ونعود من جديد لقلب موازين العالم بحسب شهواتنا التي خرجت عن السيطرة.
ها نحن نختفي خلف اسم الإنسان، نكذب بحجة القدرة المحدودة، ونوكل الخطأ والصواب لطاقتين خارجتين من أصل وجودنا.
من شاء.. سيجعل الله قوياً، ومن شاء.. سيجعله ضعيفا، كذلك الأمر بالنسبة للشيطان.
أمّا نحن..؟ فلا شيء يشبهنا أكثر من اللّاعب الخفيّ. ذلك الذي يقف خلف ستارٍ ويحرّك الدّمى كما يشتهي. يُقدّم عرضه بحسب تدفق التداعيات. فمرّةً نقتلُ أحد ما، ومرّةً نعتقله، ومرّةً نُدينه، ومرّةً نحزن لمصيره، ومرّةً نجره من الرّيح كخيلٍ مذبوحٍ، ومرّةً نُرمّم جرحه ونخيط قهره، ومرّةً نضربه بجدار الموت، ومرّةً نغتال فيه الصوت، ومرّةً نرفعه إلى درجة شهيد، ومرّةً نقذفه إلى هامش الحياة.
مرّاتٍ ومرّاتٍ ونحن نشدُّ الحبل إلى عنق الزجاجة، ونخنق الماء فيها. نتعاظم فنصير قابضي أرواح، نضحك بخبثٍ على من صدّق الزيف فينا. نُبشر بنبوءةٍ، نسميها (حريّة)، ثم نرجمها بحجرٍ ونطعنها بسيف.
نخترع الوحش فينا، نسميه دكتاتور، حاكم، سُلطان، ملك، رئيس. ونوسوس له أيضاً، أنْ اغرز أنيابك في لحمنا.. نحن قومك الضعفاء.. نشتمّ الدم كما نشتمّ العطر.. ونمدّ بطاعةٍ رقابنا أمامه.
فنُذبح، نُجر، نُقتل، نُعتقل، نصمت، نصرخ، نبكي، نضحك، نُجرح، نُنهش، نُؤكل، نموت، نُولد، نُعيد كلّ ما سبق. ونقول: "الله أكبر".. ونلعن الشيطان الذي وسوس لنا.
لنا من الخبث والذكاء ما يجعلنا نتفوق في هذ العالم، فنقلبه رأساً على عقب، نخترع النفط، نخترع المال، نخترع الزئبق، نخترع الفحم والماس، لنخترع الصراع.
نٌهذّب صراعاتنا فنسميها "سياسة"، نزيد شحنة العنف فينا فنطلق عليها "حرب"، نتلذذ بنتائج الدم فنروح إلى حلمٍ نبيد فيه بعضنا.
نقول: "يا الله مالنا غيرك يا الله"، ونقول: "الشياطين تحصد الأرض"، كل ما سبق نفعله بزمنٍ قصير من الحياة، وبخفة مهرجٍ يُتقن تمرير مجموعة كراتٍ في يده.
نحن مهرّجوا الزمان، نُلون وجوهنا بالتعاسة، وندّعي إضحاك الحزانى. ننتشي حين نراهم يتساقطون موتى من كثرة الضحك، الضحك على خيباتهم، فشلهم، حزنهم، قهرهم، ظلمهم.
الله والشيطان متفرجان أساسيان في لعبتنا، نشير إلى أحدهم بإصبعنا، ونوكل إليه المشاركة في اللعبة، قد نجعلهم يحملون الكرات، أو يقذفونها نحونا، أو يركلون أحد ما.
أو ربّما نجعلهم بموقع الحاكم والمخلّص والأول والآخر.
إصبعنا الذي أشار لتبدأ اللعبة..! هو ذاته سيشير إلى نهايتها.
الأصابع التي تمتدُّ لتنتشل طفلاً من الأرحام..! هي ذاتها التي تخنق الأرواح في أرحامها.
بتلك الأصابع تسلّلنا، إلى أن صرنا نحن الذين شئنا ففعلنا.
ورسمنا صورة لله وصورة للشيطان وكنا ثالثهما نوسوس لهما..
عرّفنا فينا الله، وعرّفنا الشيطان أيضاً.. وتجاهلنا حقيقتنا.
فمن نحن ومن سيعرّفنا؟
08-أيار-2021
12-كانون الثاني-2014 | |
16-كانون الأول-2012 | |
24-تشرين الثاني-2012 | |
18-تشرين الثاني-2012 | |
11-تشرين الثاني-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |