وحين نقول عن جواز السفر.."قدّس الله سرّه"
2012-10-07
بيننا موعد والكثير من الرصاص، وربما بيننا حكاية قد يستضيفها حاجز عسكري لمدة أيام، فيصير موعدنا مؤجل إلى حين صدور القرار العسكري أو الحكومي.
رفعت سماعة الهاتف لأقطع المسافة بيننا برنين سريع..
"أنا قادمة.."
صمته الذي جاء على هيئة إشارة خوف، كان إجابة أعرف مفرداتها تماما.. تلك المفردات التي راحت تتعرّق ارتباكا وقلقا، وتتمخض عن صور يخشى أن تلتقطها ذاكرته البعيدة كبعد المسافة بيننا.
ولأكسر هذا الخوف المتسلل إلى أصابع ترتجف على سماعة الهاتف..!
قلت:
"أحضرت لك بعض الأغاني، ومقطوعة موسيقية يعزفها زياد الرحباني.. هي موسيقا لأغنية سهار بعد سهار التي لحنها محمد عبد الوهاب".
كنت أتعمد أن أنقله إلى ضفة مغايرة للخوف.. أو ربما كنت أرتّب للغرق في نهر جعلنا متباعدين، كلٌّ على ضفته.
أغلقت سماعة الهاتف.. ورحت أعدّ أشيائي البسيطة التي سترافقني إليه، رتبت نفسي إلى جانب فساتيني البسيطة، وحلمت بغريب يأتي فيحمل الحقيبة بيد صار اسمها يد المسافر الذي اعتاد نقل الحقائب من بلد إلى بلد.
أنا الكتلة الصغيرة أتكور داخل حقيبتي، وأُفرغ الكون بمساحة أغلق عليها الظلام.
يمشي المسافر.. تتأرجح الحقيبة بيده.. أتأرجح مع أحلامي بك.. مرة للأعلى ومرة للأسفل.. ترتطم القبلة التي كانت في زاوية الحلم بجدار الحقيبة..
أستيقظ..
أدرك للمرة الأولى أن جواز السفر أهم من أن يكون تذكرة عبور للبلاد.. هو تذكرتي الوحيدة إليك، هو الذي سيحدق في عين موظف الحدود ويخبره أنّ عليها العبور، وهو أيضا الذي سيطلق السباب والشتائم في وجه كل موظفي العالم إن منعني من اجتياز الحاجز..
قد يهمس للموظف أن دعها تمرّ.. فعلى الضفة المقابلة رجل ينتظر على هيئة وطن، رجل خلع كل حدود البلاد وجاء حافيا إلا من الشوق.
خرجت من حقيبتي.. ورحت أخبر المرآة بأني على موعد معه.
ستمرّ الليلة.. وسأخفي ارتباكي بالقليل من النوم.
في المنام..!!
رأيته جالسا على حجر.. يهدهد للريح.. احمليها.. احمليها.. احمليها..
دون سابق انتباه.. نبت لي جناحان صغيران.. صرت أقفز في فراغات الهواء كطائر يتعلم التحليق للمرة الأولى..
مازال يردد للريح احمليها.. احمليها..
جاء صوت الضابط الذي يقف على حاجزه ليكسر الريح في منامي..
"الجوازات"..
تذكرت.. الجوازات..
ضحكت.. مررت أصابعي إلى حقيبتي، وسحبت الآلهة الصغيرة التي تجعل من لقاءنا واقعا..
صليت للجواز.. قبّلت الأختام.. وبصقت على كل حدود العالم وحواجزها.
08-أيار-2021
12-كانون الثاني-2014 | |
16-كانون الأول-2012 | |
24-تشرين الثاني-2012 | |
18-تشرين الثاني-2012 | |
11-تشرين الثاني-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |