حب ثقافي
خاص ألف
2012-10-28
بعد فشل علاقتي برجل شيوعي تبنيت وجهة نظر مختلفة ملخصها أن الحب ينجح مع المثقف غير السياسي والذي شأنه بالدرجة الاولى الأدب فقررت بثقة أن أقع بحب رجل مثقف بعيدا عن الانتماءات السياسية وصرت أتجول في نظري بين المثقفين الادباء وأبحث عن رجل سأصطاده من بين كل رجال الأرض وفجأة ودون سابق إنذار التقيت بأحد الكتاب في حفل توقيع لكتابه وقررت من اللحظة الأولى أن أقع في غرامه الأدبي لاعتقادي بأن الكاتب أو الأديب سيكون قادرا على ملء فراغي العاطفي بجمله الغير اعتيادية .
سريعا وقعت في غرام الكاتب وظننت أن نصيبي من الأدب سيكون أجمل وأن فرص سماعي كلمات غزل سيكون مؤكدا وزادت ثقتي بقدرتي على تحويل العاشق الكاتب إلى قصة عاطفية لا تخلو من الثقافة وقادرة على ترميم جرحي السابق.
مرت الأيام وخلفها الأسابيع ونحن نتبادل كتب الشعر ونتغازل في مطاعم دمشق وأزقتها وشوارعها وساحاتها ونقضي الليل في قاسيون والنهار على ضفاف بردى وأنا أغني له أغنية فيروز(لما بغني اسمك بشوف صوتي حلي) متجاهلة أن هذه الأغنية تتحدث عن لبنان، وكثيرا ما كان يحدثني عن علاقات الأدباء العالميين العاطفية ويتباهى بسرد تفاصيل حياتهم الشخصية وفي إحدى المرات روى لي عن إعجابه بطريقة تناول الكاتب العالمي (باولو كويلو) صاحب رواية (الخيميائي ) لصحن الفتة الشامية مؤكدا أن (باولو كويلو) يفضل الفتة بالزيت ويتبع حمية لخفض الكولسترول الذي كان يهدد حياته الأدبية بالخطر، وأثناء سرده للقصة سألته عن ماذا تتحدث رواية الخيميائي فأجابني أن (باولو كويلو) قد كتب روايته العظيمة حسب معلوماته الموثوقة بعد وجبة مقادم وسندوانات متجاهلا خطورة الوضع الصحي في سبيل ظهور روايته التي لا تخلو من الإبداع.
رغم أني علمت بقرارة نفسي أنه كان يمارس الكذب ليزيد من نسبة إعجابي بثقافته إلا أني تجاهلت كذبته ورفعت سقف الإعجاب إلى حد الدهشة.
إلا أن هذه السعادة لم تدم طويلا وانتهت قصة الحب العظيمة بعد أن قرر الكاتب الكبير بأن يصارحني بأنه لم يعد يشعر بوهج الحب كما في بداية العلاقة وأني بدأت أشعره بالغربة بسبب اختلافنا بالمستوى الثقافي وقدم اعتذارا خجولا ألحقه بتصريح وقح وهو أن عليه البحث عن امرأة ملهمة (من نفس الجو الثقافي) ليستطيع الاستمرار بالكتابة، قال :( اعذريني فأنا كاتب والكاتب يجب أن يبقى متوهجا على الصعيد العاطفي لتحقيق الشرط الإبداعي).
على الرغم من أن اعتذاره جاء على شكل ندوة ثقافية تافهة إلا أنني تفهمت ظرفه الإبداعي وهنا تستطيع أن تفهم أيها القارئ بأنه قد وجد مسبقا الامرأة المثقفة بحكم أنه كان يقيم قبل يومين من اعترافه حفل توقيع لكتابه الجديد متجاهلا دعوتي.
أما الخبر الجيد في هذه القصة هو أن البحث لم يكن صعبا فما أسهل أن نحب كاتبا وهذا طبعا يعود لاكتشاف متأخر جدا وهو أن الكاتب لديه قدرة على أن يسمح لك بأن تبادله الحب باعتبارك تشبه إحدى الروايات التي يوشك على إنهائها.
نعم فلقد أحببت كاتبا كان ومازال له وزنه الأدبي حتى لحظتنا هذه إلا أني نسيت أن الكاتب كثير السفر والتواقيع وقليل التواجد ناهيك أيها المستمتع بالقراءة عن لحظة تواجده التي يغيب فيها بعد أول كأس عرق وهو يرفع نخب الحنين لدمشق بعد رحلة ثقافية طويلة.
نتيجة تستحق القراءة:
بعد تجربتي المؤلمة ساقتني أفكاري إلى أن الحب يشبه الخدمة العسكرية فمرة يجعلنا الحبيب بوضع المنبطح ومرة يبللنا بما يسمى ب(الجاموقة) ومرة أخرى نجد أنفسنا نهرول كي لا يسبقنا أحد إلى قلب من نحب وإلا فسوف تكون العقوبة أشد مما نتخيل وما نلبث أن نشاهد أنفسنا عراة ونبدأ بالبحث عن ملابسنا علها تستر خساراتنا التي سقطت سهوا منا في غمرة الحب ، وقبل أن يتم تسريحنا من الخدمة العاطفية سنجمع كل أوسمة الصمود والثبات والنضال العاطفي لنعلقها على جدار الخيبة .
تعريف جدار الخيبة:
هو شيء يشبه جدار برلين إلا أن الفرق بينهما أن جدار الخيبة قائم في الذاكرة ومدعم بأسس صلبة وفولاذية وغير قابل للانهيار ويتسع للكثير الكثير من الخيبات.
وبحكم أنني من الناس العاطفيين قررت أن يكون خياري في الحب عبثيا كما يقول المسرحيون.
وصفة سرية للحب:
ربما لا نستطيع تخيل أنفسنا خارج إطار الشكل الرومنسي والأنيق لأي علاقة إلا أن حقيقة الحب أبعد من أن يكون نظرة عين أو يدين باردتين أو ابتسامة مربكة تصحبها قصيدة شعر وموسيقا جميلة.
إن أردت النجاح في أي علاقة حب فما عليك سوى أن تستمتع بهذه العلاقة.
ملاحظة هامة:
جملة نجاح العلاقة لا تعني أبدا استمرارها .
قصة قصيرة جدا :
سألت جدة صديقتي ف-أ-ز حفيدتها بعد زواجها: (على شوبتنامو أنت وزوجك)؟
فأجابت صديقتي مندهشة بسؤال جدتها:(على المخدات)! والمخدات هنا تعني الوسائد.
فردت الجدة بصوت لا يخلو من العشق والفخر:(يا حبيبتي أنا وجدك كنا نام على ذارع بعض) والذارع هنا هو الذراع أو الساعد والذي هو جزء مهم من اليد يتكئ عليه أحد العاشقين.
قصة أقصر مما سبق:
تعرفت على رجل عجوز في مدينة اللاذقية وحدثني كيف قام باختطاف حبيبته من بيت أهلها حين كان عمره عشرين عاما وهي كانت في سن الخامسة عشر فتزوجا وهربا من القرية . توفيت الزوجة عن عمر يناهز الخمس وسبعين عاما إلا أن المذهل في القصة أنه قال:"آخر سنتين حسينا حالنا كبرنا فصرنا نقضيها بوس".
نتيجة محبطة قليلا:
لم أستطع التعلم من كل ما سبق.
وتذكرت أغنية فيروز( بعدك بتذكر يا وطىالدوار..بتذكرحكايتنا..ولدين كانو صغار..يلفو ع جيرتنا).
08-أيار-2021
12-كانون الثاني-2014 | |
16-كانون الأول-2012 | |
24-تشرين الثاني-2012 | |
18-تشرين الثاني-2012 | |
11-تشرين الثاني-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |