ليسَ جغرافيَّاً.. تقع قندهار في سوريا
خاص ألف
2012-11-05
وطنٌ تُسيّجه إشارة استفهام، يتمخض عنها جهلُ بالإجابة.
قد يصادفك عارضٌ بسيطٌ يكشف لك جهلك، أو ربما يفتح لك باب احتمال تصديق الإجابة حين يرتمي الاحتمال أمامك كحجر النّرد.
كذلك أنا..كنت في خضمِّ لعبة السؤال والجواب، رحت أهرب من الارتباك والخوف المُشاع في بلادي، فاحتَلْتُ بعدسة السينما على تمرير الزمن.. ورحت أشاهد المخرج الإيراني "محسن مخملباف" كيف صاغ حكاية فيلمه "قندهار" من خلال عدسةٍ تشبه حجر النّرد الذي ارتمى أمامي.
كنت أقاطع مشاهد الفيلم مع الواقع السوري، الأسلحة المنتشرة في أيدي المقاتلين، التفجيرات، التفخيخ، الموت، الجوع، الهرب، النزوح، شرعية البقاء على قيد الحياة المرهونة بالحظ، النساء اللواتي تجاورن مع الحزن، الفقر، اليد التي تتحكم خفيةً بالأعمار، والكثير من التفاصيل التي عبرت في فيلم "قندهار" كانت تلامس في ملامحها تفاصيل موجعة تحدث في سوريا.
السؤال الذي راح يخنق كل الإجابات المرميّة على صفحات الجرائد، كان يطوف كالحجيج في فيلم "قندهار".
لماذا كل هذا الكم من الدماء؟
ليس لإسقاط النظام..
إنها الحرب.. أو شهوة الحرب التي انتشى بها حاملي السلاح، ذاكرة بعيدة تعيد لملمة نفسها في أذهان الحاضرين على قيد الحياة.
تصير الحرب مربع حوارك الأساسي، تقذف حجر النّرد لتعلم كم قتيل لهذه الليلة.. حجر النّرد لم يعد مرقّماً بعددٍ محصورٍ بالمفرد.. صار يضرب نفسه بخشب الطاولة ليتضاعف ويتضاعف.
ربما هي "قندهار" أخرى تمتد لتمسك برقاب الخارجين الرافضين لأعراف الحرب والدم.
في الجهة المقابلة يجلس "محسن مخملباف".. يرمي حجر النّرد.. لكن هذه المرة..! يرميه في حجر المشاهد المترقب لنتائج الحرب. المشاهد هنا ليس حيادياً، هو فقط.. ضحية احتمال نجاح هذه الحرب أو فشلها.. في كلتا الحالتين هو المقتول. قد يقتل في بداية الفيلم، أو في وسطه، أو في النهاية. لا فرق.. الموت يأتي على عجلةٍ سينمائيةٍ رتّبت سيرها الكثير من الأصابع.
"مخملباف" هو فقط وضعك ضمن كادر الصورة، وعليك أنت أن تتقن التقاط الإجابة.
ما الذي حدث في حمص..؟؟ لماذا تراجع الجيش الحر من مكانه كحامٍ للمناطق المدنية إلى خطٍّ يهدد فيه حياة السكان؟؟ ,وهل من تراجع هو الجيش الحر حقيقة أم من يعملون تحت اسمه، ؟؟ وكيف يقتنص النظام ذريعته في محاربة العصابات المسلحة؟؟ من سرّب قندهارر أخرى إلى البلاد؟؟ كيف تكاثر فعل طالبان في المنطقة؟؟ ما الحُجّة للجهاد؟؟ وتسأل نفسك بغض النظر عن انتماءك السياسي أو الديني أو العقائدي أو أيّاً يكن.. أين أنت من كل ذلك؟؟
في الحرب لا ناقة لك ولا جمل.. لك الموت الذي قفز كمشهدٍ عن النص المكتوب.
الآن أصبح المشهد مكتملاً. والإجابة عنه: الحرب لأجل الحرب.. فبات السؤال ركيكاً كيف ما صيغ أو كيف ما اتفق عليه.
في البُعد السينمائي للحرب، تكون المقولة مجتزأة من واقع البلاد وسكانها، والنتيجة تكون انعكاساً لفعل يأتي على هيئة ردِّ فعلٍ يحمل ثمناً اسمه الموت.. هذا تماماً ما عرضه "محسن مخملباف" في فيلمه "قندهار". وهذا تماما ما يحدث في سوريا، إذ أنّ السلاح بات مُلفّحاً بقواعد إسلاموية سياسية، تنفخ في قُرَبٍ ميتةٍ لتحيي النعرات وتسترد الثأر وتضرب بعرض الحائط كل احتمالٍ للسلمية.
ليس عليك أن تسأل.. فأنت الشاهد والشهيد والقاتل والمقتول والجاني والمظلوم.. أنت الضفتان المتباعدتان بنهرٍ من الدماء، مرّةً يطوف فيجرفك.. ومرّةً تحصره بقهرك وحزنك إلى أن تصير جزءاً منه.
"قندهار" ليست سوى ذاكرة قصيرة المدى.. تجدد نفسها لتصير حاضرة .. فيقول عنها التاريخ ذاكرة ممتدة.
08-أيار-2021
12-كانون الثاني-2014 | |
16-كانون الأول-2012 | |
24-تشرين الثاني-2012 | |
18-تشرين الثاني-2012 | |
11-تشرين الثاني-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |