كتاب سقوط دولة اليهود 2020 دراسات استراتيجية ـ 2/50
خاص ألف
2012-12-02
ــ العالم العربي والشرق الأوسط الكبير:
كما ذكرنا فيما سلف إن هذا المشروع جاء مترافقاً مع نشوء الحركة الصهيونية، ومنذ نشأتها عام 1897 وإذا كان وعد بلفور قد جاء ابناً حراماً للتواطؤ الذي تم على العرب في سايكس بيكو والتنكر للثورة العربية الكبرى عام 1916.. فإن جميع المشاريع التي جاءت بعد نشوء وزرع إسرائيل في قلب الوطن العربي عام 1948 قد جاء لقبول إسرائيل في نسيج المنطقة وضرب فكرة التوحيد القومي عند العرب. وإذا جاءت لقبول عام 1958 بين سورية مصر قد أصبحت حقيقة وإن لم تطل مدة هذه الوحدة فإن حرب عام 1967 جاء لتضرب ذلك الأمل ولتزرع اليأس عند العرب ولتتوج إسرائيل معتمداً رئيسياً لدى القوى الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وإذا كان العرب قد أفشلوا جميع المشاريع والأحلاف الاستعمارية مروراً بمشروع إيزنهاور والنقطة الرابعة وحلف بغداد، ومشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بشر به شمعون بيريز وقامت الولايات المتحدة بتنظيم المؤتمرات الاقتصادية في المغرب والأردن والقاهرة وقطر.. ونظرية التطبيع قد باءت بالفشل بسبب التعنت الإسرائيلي والانحياز الأمريكي. فإن العرب والمسلمين في كل أنحاء العالم سيرفضون المشاريع المفروضة عليهم من الخارج والتي لا تراعي مبادئ العدل والكرامة والحرية.
إن هذا الموقف العربي لا يعني إعفاء الأنظمة العربية من مباشرة الإصلاح والديمقراطية والسير فيها وفق ما تراه في مصالح شعوبها وبمشاركة ديمقراطية حقيقية من الشعوب في ممارسة حياتها ورسم مستقبلها.
ولذلك فإن الديمقراطية في ثقافتنا وتراثنا حق وواجب تقتضيه علاقة المحكوم بالحاكم. ونرى حق تشكيل الأحزاب ومشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية أصبح ضرورة حتمية؛ وكذلك حق تشكيل جمعيات المجتمع المدني وإسهامها في الحياة العامة، أصبح مظهراً وواجباً من مظاهر هذا العصر، وأن حق التعليم وحق المرأة وحق العمل وحق التعبير عن الرأي ومشاركة جميع المواطنين في ثروة بلدهم ضمن نظام عادل للثروة والتوزيع والعمل والأجور. ودور القطاع الخاص في التنمية، وعدالة الضرائب، كل ذلك أصبح من مظاهر الدولة الحديثة، وحق من حقوق الشعب يجب على الحكام توفيره لشعوبهم.
وإذا كان الإصلاح قد بدأ فعلاً بسبب طبيعة التقدم من جهة وكفاح الشعوب من جهة أخرى، فإن العرب مطالبون بالقيام بجهد كثيف وموحد لتقديم رؤيتهم العربية للإصلاح، بالتفاعل مع الحكومات العربية وشعوبها لتكون هذه الرؤية للإصلاح، رسالة من العرب إلى العالم، يبادرون هم في رسم الطريق منفتحين على العالم بأسلوب حضاري وحواري يحترم الهوية والثقافة والقيم الروحية للعرب.. لا أن يُفرض عليهم الإصلاح من الخارج لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية هدفها تهميش العرب وتجزئتهم واستغلالهم والقضاء على انتمائهم القومي وعقائدهم الروحية من عقائد سماوية حملتها المنطقة إلى العالم. وأن يصرّ العرب على إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وحله حلاً عادلاً ودائماً وشاملاً وفق مبادرتهم العربية المستندة إلى مبادئ الشرعية الدولية كشرط واجب وأساسي للإصلاح في منطقتهم.
إن ما ورد في وثيقة العهد الذي اقترحها وزراء الخارجية العرب في القاهرة في آذار 2004 وحملوها إلى قمة تونس في نهاية الشهر المذكور تعتبر الحد الأدنى المقبول من الشعوب، أن الرؤية للإصلاح التي أقرتها اللجنة السداسية المنبثقة عن الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب لرفعها إلى القادة العرب، تعتبر الحد الأدنى المقبول والتي تم رفضها من تونس كما جاء في البيان التونسي حول تأجيل القمة.
ونحن نرى تحسينها لمصلحة الشعوب العربية وليس مسخها نتيجة إملاءات من قوى الهيمنة العالمية سواء كانت أمريكية أم غير ذلك.
ونحن نضع مشروع هذه الوثيقة المرفوضة والتي كانت سبباً في تأجيل القمة في خدمة القارئ العربي مساعدة له في الحكم السليم على كل ما يجري حوله في الوطن العربي الكبير.
ــ الرؤية العربية للإصلاح
نص الوثيقة (مشروع البيان) كما أقرتها اللجنة المؤلفة من تونس ـ سورية ـ المملكة العربية السعودية ـ الاردن ـ قطر ـ اليمن وقد انضم إلى اللجنة كل من لبنان، وسلطنة عمان.. وتم إقرارها بتوافق الآراء بين أعضاء اللجنة والعنوان المقترح هو من الوفد السوري.
نحن قادة الدول العربية المجتمعين في تونس في 29ـ 30 مارس / آذار 2004 تأكيداً للجهود التي تبذلها دولنا في سبيل التحديث والتطوير والإصلاح تغبيراً عن إرادة شعوبنا في تحقيق النهضة الشاملة وتعزيز قدرتها على التفاعل مع الحضارات الأخرى من منطلق النديّة التكافؤ وتعزيز المصالح المشتركة.
وانطلاقاً من الإرادة التي تحدونا لمزيد من التقدم في مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في بلداننا، ومن خصوصياتنا الثقافية والدينية، ومراعاة لوتيرة التغيرات التي يشهدها كل مجتمع، وإدراكنا لضرورة بناء مستقبل أفضل لشعوبنا في إطار يعزز مقومات هويتنا العربية ووحدة شعوبنا ويكرس مشاركة قواها الحية ومنظمات المجتمع المدني في مسار التحديث والإصلاح المنفتح والمتفاعل معه، وتأكيداً لأهمية التعامل الجاد والمُلح مع المشاعر المتزايدة بالإحباط واليأس الناتجة عن عدم تسوية القضايا السياسية في المنطقة، وتغييب الشرعية الدولية في التعامل معها، وتأكيداً لأن تسوية هذه المشكلات وتعزيز الإحساس بالسلام والأمن من شأنه أن يدعم الجهود الذاتية لشعوب المنطقة نحو التحديث والتطوير والإصلاح ويسهم في إنهاء العنف، نعلن تصميمنا على:
1 ـ تكثيف الجهود لمواصلة الإصلاح في كافة المجالات وتحديث المجتمعات العربية بإرادتها الحرة في كافة المجالات بما يتفق مع قيمها ومفاهيمها الثقافية والدينية والحضارية وظروف كل دولة وإمكانياتها.
2 ـ تعميق أسس الديمقراطية والتعددية السياسية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار في إطار سيادة القانون والمساواة وحرية الرأي والفكر واحترام حقوق الإنسان وضمان استقلال القضاء، وتعزيز مشاركة فئات الشعب كافة، رجالاً ونساء في الحياة العامة بما يعزز مقومات المواطنة ويثبّت ركائز دولة القانون والمؤسسات.
3 ـ تنفيذ إصلاحات اقتصادية للارتقاء بمستوى معيشة شعوبهم ورفع معدلات النمو، وتفعيل دور القطاع الخاص في تحقيق الأهداف الوطنية والعربية، واتباع سياسات تستهدف تحرير التجارة والنفاذ إلى الأسواق الخارجية، وتطوير أجهزة الدولة لتقوم بدورها بشكل فعال لتنفيذ هذه السياسات.
4 ـ تحديث البنية الاجتماعية لدولنا والارتقاء بنظم التعليم، وتطوير قواعد المعرفة لمواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية في العالم العربي مع الحفاظ على الهوية العربية، وتمكين المجتمعات العربية من التعامل مع متطلبات العولمة وروح العصر، بما في ذلك تمكين المرأة وتدعيم حقوقها في المشاركة المتوازنة في المجتمع تأكيداً لدورها الهام في دفع عجلة التنمية.
5 ـ إن تحقيق الازدهار والنمو للدول العربية وشعوبها، وإرساء السلام والاستقرار في ربوعها، ودفع عجلة الإصلاحات فيها، يجب أن يتم في إطار شراكة حقيقية بين الدول العربية والمجتمع الدولي والقوى الفاعلة فيه. ومن منطلق أهمية إدراك المجتمع الدولي أن القضايا المصيرية للمنطقة العربية تحتل مكانة محورية في وجدان شعوبها واستقرار دولها، فإننا ندعو المجتمع الدولي لتفعيل هذه الشراكة استناداً إلى الأسس والمبادئ التالية:
أ ـ مسؤولية المجتمع الدولي في المشاركة في تسوية الصراع العربي الإسرائيلي على أسس الشرعية الدولية وفقاً للمبادرة العربية للسلام؛ وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس والانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة حتى حدود الرابع من يونيو/ حزيران عام 1967 بما في ذلك الانسحاب من الجولان السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية وكذلك احترام سيادة الشعوب العربية والحفاظ على وحدتها الإقليمية وسلامة أراضيها.
ب ـ جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها السلاح النووي بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة، حتى يتسنى تسخير كل الطاقات العربية واستثمارها في خدمة التنمية المستدامة.
ت ـ تحقيق المزيد من التنسيق والتعاون الجاد مع المجتمع الدولي من خلال إطار متكامل يقوم على خفض الفقر والبطالة وخلق منطقة رخاء مشتركة.
ث ـ التعاون مع المجتمع الدولي للاستفادة بما يمكن أن تقدمه الهيئات الدولية والدول المختلفة من خبرات وتجاوب في تنفيذ برامج الإصلاح في الدول العربية من منطلق إرادتها الذاتية.
ولكن وبعد ما يقرب على عقد من هذه التوصيات، ماذا تمَ تنفيذه من كل تلك الوعود الإصلاحية والحريات المجتمعية والديمقراطية ومحاربة الفساد؟!!.
نهاية الحلقة 2 / 50
إعداد: ألف
يتبع ...
08-أيار-2021
18-كانون الثاني-2013 | |
15-كانون الأول-2012 | |
02-كانون الأول-2012 | |
21-تشرين الثاني-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |