الثورة السورية، الجانب الأعمى...
خاص ألف
2013-01-20
لقد كشفتِ أحداثُ الثورة السورية ويومياتها، مع طولِ عهدها عن الجانب الآخر المؤلم، بعيداً عن الرومانسية، والمثالية التي كان الثوّار والنشطاء والإعلاميون يتعاملون فيها مع الحدث الزلزال/ الثوري.
أو كما وصفها "عزمي بشارة" الحالات الصوفية وخاصة في حمص، حيثُ حركة الموج التي تحاكي الوجد الصوفي، ولكن ماذا بعدُ؟!
حينَ تتكشفُ الحقيقة على كوننا لسنا في ثورة مثالية، وأنّ من يدفعُ حياتهُ ثمناً لما يؤمنُ به لنَ يكونَ نبياً،
وأنّه ليس بالضرورة أن أكونَ على صوابٍ حينَ أقدّمُ روحي لأجل شيء ما، عظيماً أتصوّره، أو هو عظيمٌ بالفعل.
لكن هل نقلق لمَ يحصلُ؟!!
كانَ على السوريين أن يتعرّفوا على الكرد قبل الآن، وأنْ ينظروا إليهم بألوانهم الطبيعية، كشركاء في العيشِ المشترك، على أقل تقدير في ظلّ الثورة، إن كان لم يتسنّى لهم التعرّف عليهم إلاّ بلونٍ واحد في ظلّ أيامِ "الإستبداد البارد"، كما يحلو لي تسمية تلك الحقبة.
إن الكرد إنفصاليون!!
وعملاء للخارج!!
وأعداء للعرب، وهم كاليهود...
هذه بعض المقولات، وبدون مكياج، أو مساحيق تجميل، والدخول في مردات ذلكَ يأخذ أبعاداً عديدة. كان لحقبةِ "الإستبداد البارد" التي تكرّست كواقعٍ مزرٍ منذُ انبعاثِ الفكر القومي الناصري، وتجلّى بأسوءِ صورهِ في الحقبةِ البعثية، والتي ستمتدّ حتى جيلٍ آخر، على أقلّ تقديرٍ، لإمرءٍ مُفعمٍ بالتفاؤل.
إنّ مَنْ يُغمضُ عينيه عمّا يُجري في سري كانيه (رأس العين)، أو يُرجئ الحديثَ حول ما يحدثُ، أو يجمّله، بالحجج الواهية، دون التغلغل في عمق الموضوع سيَخسر رهانَ سوريا الجديدة.
إنَّ مدى صدقيةِ وحُسن النوايا في التعامل مع الكرد، شركاء العيش المشترك، على أرضهم، هو إمتحانٌ لألوهية الحرية (آزادي) في دواخلنا.
الإعلام:
يحاولُ الإعلام التعاملَ مع الجيش الحر كوحدة متجانسة، هدفها إسقاط النظام وحسب، إنَّ منْ لا يُريد التفريق بين كتائب الجيش الحر وبين أجنداتها، أو مصادر تمويلها التي تُعدّ البوصلة في توجيه عملها وتغييرِ المسارِ لصالح الجهات الداعمة لها، بدعوى إرجاءِ هذه الأمور لما بعد إسقاط النظام، هم طرفٌ في تدمير الإنسان السوري، وتهشيمٍ للجانب البراغماتي من الحياة المجتمعية الواقعية.
لقد تابعتُ كثيراً من الآراء ومنشورات الفيس البوك والمقالات والتقارير الإعلامية حولَ ما يحدثُ هناكَ شمالِ القلب سري كانيه.
ثمةَ تشنجاً لدرجة الألم في الخطابات المتطرفة حيناً والوجدانية، وثمّة عدم توازن وضبط للآراء، مجازر مروعة على المستوى الإعلامي تعبّر عن مدى الانقسام، ومدى التشتت في إطلاق الآراء.
وكلّ ذلك يدلّ على حساسية الموضوع أولاً من جهة وجهل الآخر بطبيعة القضية الكردية من جهة أخرى، وطبيعة تعقيداتها، على جميع المستويات، والتي تتجاوز الكينونة الكردية وتجتاز عشرات السنين، حتى تقفَ على أعتاب سايكس، وبيكو، المدركين الحقيقيين لما قاموا به آنذاك من تشريح الجسد الكردي، على خرائط الجغرافية.
أو كما يقول "حليم يوسف": (بلادٌ سقطتْ من عربةِ التاريخ فعضتها الجغرافية من أذنيها)
وربما لأجل ذلكَ خصص المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع مركز الجزيرة للدراسات ندوة بعنوان: "المسألة الكردية في المشرق"، بغية التعريف بها لجهل الآخر بالكرد، ولأجل ذلكَ فإن موضوع سري كانيه، متجاوزٌ لنفسه، لا يقبلُ الهدنة بغية تعرية ما يخفى في كواليس السياسة والنفوس.
إن سري كانيه أربكت الخطاب الإعلامي العربي، وأقصدُ بذلك وبخاصة ، العربية والجزيرة، اللذان حاولا توحيد الخطاب الثوري بما يخدم توجهاتها الإعلامية، وما يخدم مصالح الدول التي تطلقُ هذه البوصلات الإعلامية، مع الأخذِ بعينِ الاعتبار خصوصية كلٍّ من القناتين، بالإضافة إلى بعض القنوات الأخرى.
وهنا كان ثمة وقوفاُ طويلاً عن مدى جدوى التعامل مع الجيش الحر كوحدة متكاملة، فالكرد لم يكونوا ضد الجيش الحر، إلاّ أنّهم لن يستطيعوا تمرير مثل هكذا تدخل سافر تحت خيط التسميات السافر.
إنّ التدخل في سري كانيه، هو مُدان، وخاصة تحت مبررات واهية، كالتي تقدمها الكتائب الداخلة إلى المنطقة، تحت سيمياء الهلال التركي، مرصوفاً إلى جانب النجمات الثلاث.
ولكن الأكثر إدانةً هو الصمت من قبل الكثير من المثقفين السوريين، حيال ما يحدث، إنّ مثل هكذا أحداث يجب أن تُناقَش بتعرية كاملة وبدون مساحيق تجميلية، تحت ذرائع الوحدة الوطنية.
إنّ الوحدة الوطنية التي ننادي بها، ليست إلا رداءً مليئاً بالرتوق، مزّقته حقبة الإستبداد البارد، ونحنُ لن نزيدَ من رتوقها بل سنمزّقها، نحتاج أن نتعرّى أمامَ بعضنا البعض، حتى يأتي جيلٌ جديد، لا ينادي بالوحدة الوطنية قدرَ ما يعيشها.
في سوريا السواد الأعظم من الكرد هو داعمٌ لثورة العزة والكرامة، كما العرب، وداعمٌ لترحيلِ حقبة "الإستبداد البارد"، لكنّه يعرفُ بل ويعيشُ هاجسَ دخول بعض الكتائب عبر سري كانيه إلى المنطقة تحت وابل الشعارات التي لا تخدمُ أحداً سوى أنّها تؤخرُ ميلاد الحرية في دواخلنا.
لن نعيش الاستبداد مرةً أخرى، ومهما كانت الإنتقادات على أداء YPG ، فإنها لن تكونَ ذريعة أحد للدخول إلى المنطقة الكردية، وقد صدر بيانٌ من الفنانين السوريين بشأن ما يحدثُ الآن في سري كانيه، يجب أن يدلي كلّ من يجد نفسه معنياً بمستقبل سوريا بدلوه، حيال حساسية هذا الموضوع وغيرها من المواضيع الأخرى، وليس آخرها قبول الإنتقادات على أداء الجيش الحر.
كلماتٌ مفتاحية، لأقفال مستعصية:
الجيش الحر: الملائكة لا تقاتل معكم، ولستم حرّاس بوابات الفردوس
YPG : أرجو أن تكونوا بحق وحدات حمايةٍ للشعب، ولا تدخلوا الأبواب الخطأ، التي دخلتم منها.
نواف البشير: الهلال الذي تمرّ من تحته، مخسوفٌ!!
سري كانيه: أنتِ بوابةٌ الفردوس والجحيم، يؤلمنا ما يؤلمكِ.
سري كانيه= رأس العين
YPG = وحدات الحماية الشعبية
الجيش الحر = الجانب المسلّح من الثورة
الهدنة = هي التي نتذكرها دوماً حين نخرقها
الدم = هو كلّ أحمرٍ مُراق، بعيداً عن الحقيقة
السلاح = يُطلقُ دوماً رصاصاتٍ باتجاه إشارة الأصبع التي منحتها.
(تحرير المنطقة، شهيد، قتيل، مجموعات مسلحة، شبيحة النظام، تعتيم إعلامي).
08-أيار-2021
07-نيسان-2018 | |
17-تشرين الأول-2015 | |
24-أيار-2014 | |
20-نيسان-2014 | |
23-حزيران-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |